د. ناجح إبراهيم يكتب: ميركل في هارفارد : اهدموا الجدران بينكم

د. ناجح إبراهيم يكتب: ميركل في هارفارد : اهدموا الجدران بينكمد. ناجح إبراهيم يكتب: ميركل في هارفارد : اهدموا الجدران بينكم

* عاجل15-6-2019 | 22:04

جامعة هارفارد هي أقدم وأعرق الجامعات الأمريكية وإحدى أقدم وأفضل جامعات العالم ، وهي أكبر جامعة في العالم من حيث المساحة والتجهيزات ، وتقع في مدينة كمبردج بولاية ماساتشوستس,أسسها القس البروتستانتى جون هارفارد 1636 لتناظر جامعتى كمبردج وأكسفورد ببريطانيا,وترتيبها الخامس عالمياً من حيث صعوبة القبول فيها، وتخرج منها خمسة رؤساء أمريكيين سابقين.
 أما الأفذاذ الثلاثة المصريين الذين تخرجوا من هارفارد وحصلوا علي الدكتوراه منها د/رشدى سعيد أعظم علماء الجيولوجيا المصريين ، وهو أول خريج مصري منها ، والعلامة د/أحمد جمال موسى "رمز العلم والخلق والتواضع"ووزير التعليم في عهد مبارك ، والعلامة الجامع لصنوف العلم د/إسماعيل سراج الدين "مدير مكتبة إسكندرية السابق .
أما أشهر المصريين الذين لم يتخرجوا منها ولكنهم حصلوا علي الدكتوراه منها / د/كمال أبو المجد ود/أسامة الباز . وهي الأولي علي قائمة أفضل 100 جامعة في العالم متقدمة علي كمبردج وأكسفورد.
ومن أشهر خريجيها جون آدمز,الرؤساء الأمريكيين روزفلت وكنيدى وأوباما,بيل جيتس, مارك زوكربيرج"مؤسس موقع فيس بوك"عزيزة الهبرى المدافعة عن حقوق المسلمين في أمريكيا. وتمنح جامعة هارفارد بين الحين والآخر الدكتوراه الفخرية لشخصيات بارزة عالمياً علي المستوى السياسي أو الفكرى أو الاقتصادى أو العلمي ، وقد منحتها قريباً للمستشارة الأمريكية انجيلا ميركل وحشدت لها خريجي هذا العام في محاضرة جامعة حضرها عشرين ألف خريج ، قدمت لهم ميركل في 35 دقيقة وصفة عالمية للنجاح وللتحول عن الفشل للنجاح ، ضاربة المثل ببلادها التي انتقلت من النازية والشيوعية إلي الحرية والديمقراطية والسلام .
وميركل أول مستشارة لألمانيا طوال تاريخها ، وكانت تتمنى أن تكون معلمة,ولكن والدها كان قساً مما أعاقها عن التدريس في بلد شيوعى يكره الأديان مثل ألمانيا الشرقية التي نشأت فيها. وحظيت كلمتها بموجة كبيرة من التصفيق والإعجاب فلم تكد تكمل الجمل الأولي من خطابها حتى علا التصفيق داخل حرم جامعة هارفارد. يمكننا أن نضع هذا العنوان للمحاضرة"إذا هدمنا الجدران بيننا يصبح كل شيء ممكنا"أو"نحن بحاجة إلي التفكير والتصرف الجماعى لا الأحادى".
 تحدثت عن درسها الأول قائلة : أن الديكتاتورية هي التي هدمت ألمانيا وأخرتها سواءً في عهد النازى أو في ألمانيا الشرقية الشيوعية,وخلصت أن الدكتاتورية والاستبداد يضيعان الأمم ، وأن أوربا لم تتقدم إلا بفضل قيمتين عظيمتين هما"الديمقراطية والسلام " وبهما عبرت أوربا الحروب والدكتاتورية وحققت لشعوبها التقدم والرخاء والحرية والكرامة. ثم أطلقت صيحتها المدوية في درسها الثاني :"لا شيء مستحيل وأن التغيير قادم لا محالة"فمن كان يتصور زوال الحكم الشيوعى"فلا شيء مستحيل"وما تظنونه حائط سد لا ينفذ منه الضوء سوف ينكسر ، فتمسكوا بالأمل ولا تيأسوا. وتحدثت عن الدرس الثالث الذى خرجت منه في حياتها الصعبة وهو القيم الإنسانية الواجب احترامها"مثل ترك التفكير الأحادى الضيق الأنانى وأن يحترم كل منا الآخر,يحترم دينه وتاريخه وهويته وثقافته  وأن نعيش بعقلية تعددية يحترم معها كل واحد خصوصية الآخر. أما الدرس الرابع في حياتها فهو التوحد والوحدة وهى التي ستحول دون عودة  الصراعات والحروب"وضربت المثل بأوربا الموحدة وكيف كان حالها حينما كانت كل دولة تعمل منفردة,وكيف ساد الصراع واندلعت الحروب بينهم,فالاتحاد رغم ما يقال عن مشاكله أفضل من العمل المنفرد وانعزال كل دولة وانكفائها علي نفسها.
ثم تحدثت في الدرس الخامس عن التكنولوجيا وهل هي تسير الإنسان أم أننا الذين ينبغي أن نسيرها ونطوعها وفق ما نريد لحياتنا,علينا ألا ندع التكنولوجيا تتحكم فينا وفي علاقتنا مع أنفسنا والآخرين,وعلينا ألا نكون أسرى لديها.
ثم ختمت دروس حياتها  قائلة : أننى بعد ثلاثين عاماً من العمل أدركت أن كل بداية لها نهاية ، وكل ليل يعقبه نهار,لا تصفوا الكذب بأنه حقيقة ، ولا الحقيقة أنها كذب ، فسوف تبدأون حياتكم العملية بعد التخرج,والحياة هى المسافة الفاصلة دوماً بين البدايات والنهايات. وكأنها تشير إلي أنها كانت تعمل وهي صغيرة"جرسونة"في مطعم بأجر زهيد لتساعد أسرتها وكانت تحتاج لهذا الأجر ,وكانت والدتها تمنعها أن تخبر أحداً بأن والدها قس في بلد شيوعى يكره الدين,وأنها اتجهت للفيزياء حتى تجد فرصة عمل بعيداً عن التدريس الذى تحبه ولم تقبل فيه لأن والدها كان قساً. اهدموا جدران اليأس والخوف .. اهدموا الجدران بينكم وبين الآخرين .. اهدموا الجدران التى تفصل بلادكم عن الآخرين وتحول بينها وبين التعاون مع البلاد الأخرى. هكذا ختمت محاضرتها وكأنها تخاطبنا نحن العرب والمسلمين وليس خريجي هارفارد. ما أحوج العرب إلي مثل هذه النصائح الثمينة من امرأة مجربة خبرت الدكتاتورية والديمقراطية والحرب والسلام,والانفصال والوحدة ، رأت الجدران العالية ثم شاهدت هدمها بعد تسلقها .. فهل تظلل الديمقراطية والسلام بلاد العرب ، وهل ستهدم الجدران العالية بين بلادهم,فالجدران بينهم أعظم وأعلي من الجدران بينهم وبين الذين يحتلون بلادهم وينتهكون حرماتهم,ولله في خلقه شئون.
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2