د. ناجح إبراهيم يكتب: المبادرة في ذكراها

د. ناجح إبراهيم يكتب: المبادرة في ذكراهاد. ناجح إبراهيم يكتب: المبادرة في ذكراها

*سلايد رئيسى17-7-2019 | 00:27

في مثل هذه الأيام منذ 23عاماً انطلقت مبادرة منع العنف التى أطلقها بعض قادة الجماعة الإسلامية،كان بيانها مختصراً"وقف العنف من جانب واحد ودون قيد أو شرط،ووقف كل البيانات المحرضة عليه".

لاقت المبادرة صعوبات جمة ذللها إخلاص الطرفين، ورغبتهما في طى صفحة الماضى، مع رغبة جارفة لدى قادة الجماعة لتغيير فكرها من العنف إلي السلمية.

لم تفعل المبادرة واقعياً إلا بعد أربع سنوات من إطلاقها واستغرق تفعيلها خمس سنوات بذل فيها الطرفان جهوداً مضنية لا يعرفها الكثيرون، فبعد المحاضرات استغرق نقل آلاف المعتقلين من السجون البعيدة إلي أقرب منازلهم ستة أشهر وكانت أكبر عملية نقل في تاريخ مصر، مع جمع الأشقاء ببعضهم، والآباء بالأبناء، وحل مشاكل السجون المستعصية، فضلاً عن الجهود الخارقة المشتركة لتسليم الجناح العسكرى لأسلحته طواعية ودون إراقة دماء، وجولات السجون الفكرية من الوادى الجديد، وحتى دمنهور.

كانت عبقرية اللواء/أحمد رأفت أنه لم يطلق وعداً إلا نفذه، واستطاع أن يقنع رؤسائه بإطلاق حريته في التفاصيل وصياغة تجربة جديدة وغريبة علي الطرفين، فلم يمر الطرفان بتجربة سلام ووئام وقرب ومحبة من قبل، وأن يجلس الطرفان علي كل المستويات مئات المرات دون تكلف أو ريبة أو تربص أو سوء ظن،وهذا كله لم يأت من فراغ كما يظن البعض ولم يفكر أحد الطرفين أن يخدع الآخر كما أن المبادرة كانت تتفق مع القانون فالمعتقلون حصلوا علي عشرات الإفراجات القضائية من قبل والمحكومون خرجوا بعد نهاية مدتهم، ولكن المهم كيفية التعاطي مع تنفيذ القانون.

فلأول مرة في تاريخ مصر الحديث كان اللواء/أحمد رأفت وهو الضابط رفيع المكانة والرتبة يقف دون حراسة هو وضباطه بين عدة آلاف من المعتقلين يحدثهم ويحدثونه مباشرة ويخطب فيهم وينصتون إليه، وتقوم بينه وضباطه وبين آلاف المعتقلين مودة ومحبة ومشاركات إنسانية واجتماعية.

ومن حسنات فريق اللواء رأفت أنهم لم يغدروا بأحد ممن سلم نفسه طواعية مما شجع المئات علي تسوية مواقفهم وتسليم أنفسهم من مصر وخارجها.

عبقرية المبادرة في أنها أول مراجعة حقيقية وذاتية لجماعة كاملة في تاريخ مصر غيرت فيها فكرها، قد يقول البعض قد تراجع البعض عنها، فأقول نعم، ولكن عددهم يعد علي الأصابع بالنسبة لآلاف كثيرة ترسخت في عقولهم وقلوبهم أفكار المبادرة حتى أصبحت واقعاً لا يستطيع أحد تجاوزه مهما كان، وهى أشبه بمبادرة السلام التى أطلقها السادات وأنتجت كامب ديفيد فلا تستطيع حكومة في مصر وإسرائيل تجاوزها أو القفز عليها أو إهمالها، مهما واجهت من صعوبات وعقوبات في كل السنوات الماضية.

لقد نضجت فكرة المبادرة بعد ست محاولات فاشلة بذلتها الجماعة الإسلامية من قبل، وتعلمت منها الكثير لتنجح تجربتها الأخيرة. تعلمت من المبادرة أنك حينما تراجع نفسك فإنك دون أن تشعر ستجبر الطرف الأخر علي مراجعة نفسه ولو كان ذلك دون تصريح أو على استحياء أو تدريجياً. وقد راجعت الدولة وقتها نفسها في صمت ومنها علي سبيل المثال: أن الطريق إلي السجون كان مفتوحاً للداخل فقط ثم أصبح بعد المبادرة إلي خارجها فقط، وتوقف إهدار الكرامة الدينية والإنسانية للمعتقلين وتحولت السجون المصرية إلي أفضل سجون المنطقة وإلي جامعة كبيرة للفكر الصحيح.

لقد دخلت التجربة وأنا أظن أننى من مفكريها الكبار فإذا بى اكتشف أننى تلميذ أتعلم في مدرسة هي مدرسة السلام والوئام فعشقت أهل السلام وعرفت مكابداتهم وآلامهم وأنهم لا يريدون أن يصنعوا جاهاً كاذباً علي آهات أتباعهم ولا علي آلامهم ويتم أطفالهم وأحببت كل من ينحو إلي السلام بداية من المسيح، ومحمد النبى في الحديبية "عليهما السلام" والحسن بن علي والسادات، وصلاح الدين.

أضف تعليق

إعلان آراك 2