كتب: أسامة عز الدين
أكدت دراسة أجراها فريق بحثي في جامعة الملك فهد بالسعودية المعنية بدراسة البترول والمعادن ومقرها الظهران، وجود غاز «الرادون» في العديد من المدن السعودية، خاصة في الدمام، والخبر، وحفر الباطن، والخفجي، وبقيق، والقطيف، والأحساء، بما يشير إلى تركزها في مدن المنطقة الشرقية، إضافة إلى المدينة المنورة، والطائف الواقعتين غرب المملكة، فيما يبلغ عدد سكان هذه المدن التسع مجتمعة حوالي، خمسة ملايين و767 ألفا، بحسب إحصاء 2010.
وتوضح الدراسة أنه على الرغم من أن غاز "الرادون" غاز ليس نشطا كيمائيًا، وغير مشحون بشحنة كهربائية، إلا أنه يتميز بالنشاط الإشعاعي؛ حيث له القدرة على التحلل تلقائيًا، لينتج ذرات غبار من عناصر مشعة أخرى، وتكون هذه العناصر مشحونة بشحنات كهربية، يمكنها الالتصاق بذرات الغبار الموجودة في الجو، وعندما يتنفس الإنسان هذه الذرات، فإنها تحيط بجدار الرئتين، وتتعلق بهما، ثم تتحلل إلى عناصر أخرى، وأثناء هذا تصدر نوعا من الإشعاع يطلق عليه أشعة ألفا (نواة ذرة الهيليوم 2He4)، وهي نوع من الأشعة المؤيّنة أي التي تسبب تأين الخلايا الحية؛ وهو ما يؤدي إلى إتلافها نتيجة تدمير الحامض النووي لهذه الخلايا DNA ، ويكون الخطوة الأولى التي تؤدي إلى سرطان الرئة.
وترجع خطورة الرادون إلى كميته وتركيزه في الجو المحيط، بالبشر، كما تعد الفترة التي يتعرض لها الشخص من العوامل المؤثرة علي الإصابة بالأعراض، وقد أشارت الدراسة التي أجريت لبحث تأثيره المشع على المناطق المحيطة بتواجده، من مدارس ومشافي، أن استنشاق كمية كبيرة من هذا الغاز يتلف الرئتين، ويسبب الموت بعد ذلك، حيث تشير التقديرات إلى أنه يتسبب في وفاة ما بين 7 آلاف إلى 30 ألفا في الولايات المتحدة فقط، نتيجة الإصابة بسرطان الرئة بين عمال المناجم، غير أن مثل هذا النوع من الأشعة "ألفا"، عادة ما يكون ثقيلا نسبيًا، وبالتالي لا يستطيع أن يقطع مسافات طويلة في الجسم البشري، وبالتالي غالبا ما يكون سرطان الرئة هو المرض المعروف حتى الآن، الذي يصاحب غاز الرادون، وهم ما يفسر الإصابة به في هذه الأماكن.
ويتواجد الغاز في الصخور والتربة، خاصة الصخور الجرانيتية والفوسفاتية، القريبة من سطح الأرض، ويزداد تركيزه في الأماكن الحجرية والصخرية المغلقة، كما أنه يوجد مُذابا في المياه الجوفية، وفي مواد البناء التي تستخدم في المساكن، مثل قباب المنازل والمناجم، وكل ما يشبهها، مثل القبور الفرعونية القديمة منذ آلاف السنين، والمصممة من الصخور، الجرانيتية والفوسفاتية، الحجرية، وهذا حقيقة ما تم اكتشافه عند قياس هذه الأماكن، حيث لوحظ زيادة نسبته.
ولعل هذا ما لفت انتباه باحثي الهيئة الدولية للحماية الإشعاعية، -والتي أكدت أن التعرض الطويل للتركيزات المرتفعة من الرادون، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة، في الوقت الذي تحوي فيه ملايين من المباني في العالم تركيزات مرتفعة من هذا الغاز من دون علم سكانها- وكذا معهد بحوث الطاقة الذرية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وغيرهما من الهيئات البحثية للربط بين تأثير الغاز القاتل في صمت، وبين ما عرف أسطوريا بلعنة الفراعنة، التي كانت تقول بأن أي شخص يزعج مومياء، خصوصا لو كان فرعون فستصيبه اللعنة، والعبارة التي وجدت على مقبرة توت عنخ آمون والتي نصها، "لا تفتح التابوت، سيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاجنا". فهل كان الفراعنة يعرفون أن الوفاة كانت النتيجة الطبيعية لفتح هذه المقابر المغلقة عبر آلاف السنين بسبب هذا الغاز أم ما هو السر وراء كلماتهم المنقوشة على جدران المقابر.