د.ناجح إبراهيم يكتب: يسروا ولا تعسروا..شعار الرسول العظيم

د.ناجح إبراهيم يكتب: يسروا ولا تعسروا..شعار الرسول العظيمد.ناجح إبراهيم يكتب: يسروا ولا تعسروا..شعار الرسول العظيم

*سلايد رئيسى4-8-2019 | 21:47

وقف رسول الله"صلي الله عليه وسلم"في حجة الوداع بمنى فجاءه رجل فقال:لم أشعر حلقت قبل أن أذبح..فقال:اذبح ولا حرج،وجاءه آخر فقال:لم أشعر  نحرت قبل أن أرمي (أي الجمرات)،فقال:أرم ولا حرج،فما سئل الرسول عن شيء قدم ولا آخر يومها إلا قال:"افعل ولا حرج". "افعل ولا حرج"شعار عظيم يعد مقصداً من مقاصد الشريعة،وغاية من غاياتها العظمى. ورمز لليسر والتيسير في الإسلام.. إنه رمز للرفق بالناس وعدم التشديد عليهم في عباداتهم وفتاواهم وأحوالهم. فهذا رسول الله أعظم الناس إيمانا ً لا يريد أن يشدد على الناس في تقديم بعض المناسك أو تأخيرها.

ويهتف بهتاف التيسير على رعيته "افعل ولا حرج" .. ولو اتخذ كل داعية وقائد ومفتي ومربي من هذا القول الجامع شعارا ً له ودثارا ً لصلح أمر المسلمين. يا أحبتي:اختاروا الأيسر لأنفسكم وأسركم وأبنائكم ودولكم وشعبكم وأمتكم.."فما خير رسول الله (ص) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما..فإن كان إثما ً كان أبعد الناس عنه"تدبروا هذا الحديث العظيم الصحيح وتأملوا كلمة"إلا اختار أيسرهما"كان يمكن أن يختار أشدهما أو أحوطهما أو أشقهما..ولكنه اختار أيسرهما شريطة ألا  يكون فيه إثم أو مخالفة للشريعة.

افعل ولا حرج في كل ما لم يأت به نص ومادامت فيه مصلحة لك أو لأسرتك أو أمتك أو دولتك. افعل ولا حرج مادام بعيداً عن الإثم والمنكر..فالأصل في الأشياء الإباحة سوى العبادات لأن الأصل فيها الحظر. لو أدرك الحجاج معاني اليسر في الشريعة ما حدث مشكلة واحدة في الحج.. فهذه الفريضة العظيمة تجمع كل الجنسيات والألوان والأعراق ويجتمع فيها في مكان واحد ضيق قرابة ستة ملايين مسلم منهم المرأة الطفل والقوى والضعيف والحليم والغضوب ومن يفهم في الإسلام ومن لا يعرف عنه شيئاُ. فكيف يعامل بعضهم بعضاً إلا كما كان يناديهم الرسول (ص)"السكينة السكينة" وكيف لا يخاصم بعضهم بعضاً إلا إذا تركوا الجدال"وخاصة في الشئون السياسية والانتماءات الأرضية الدنيوية والحزبية..

والتزموا قوله تعالى"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ " فالجدال السياسي قد يفسد الحج أكثر من إفساد الرفث أو الفسوق لأن الأخيرتين يحذرهما الجميع. كنت في الحج منذ عدة سنوات فرأيت وفدا ً من حجاج إحدى الدول الأفريقية وقفوا صفا يصلون خلف مقام إبراهيم مباشرة مما أدى إلي قطع جزء من طريق الطواف حول الكعبة.. وأدى ذلك إلي أن يدوس بعض الطائفتين بغير قصد علي أحد المصلين أمام المقام.

فنشبت معركة كبيرة بالأيدي والنعال مع وصلات الشتائم.. مع أن أي مكان في الحرم كله خلف المقام يؤدي الغرض دون مشاكل. وتذكرت ساعتها ما حدث منذ أكثر من 15عاما ً حينما تزاحم الحجاج الذاهبين والعائدين من رمي الجمرات فوقع كثير من الحجاج تحت الأقدام ومات في هذه المأساة قرابة 600 حاج ..وكل ذلك نتج عن تمسك بعض الفقهاء بفتوى قديمة تقول بعدم جواز رمي الجمرات ليلا ً وأنها ترمى بعد الزوال (أي الظهر) وحتى المغرب وهذا وقت قصير وخاصة في الشتاء ويتزاحم فيه ملايين الحجاج في وقت ومكان واحد فتضيق الصدور وتحدث الكوارث.. وساعتها فقط تذكر الجميع فقه الأزهر المتجدد والذي كان يبيح منذ فترة رمي الجمرات ليلا ً.ً

إن فتوى الرمي ليلا قال بها كثير من السلف.. ولكن المشكلة كانت فينا نحن أننا نميل إلي التشديد أو الأخذ بالأشق والأحوط رغم مخالفة ذلك لهدي النبي العظيم (ص) الذي كان يهتف دائما ً"يسروا ولا تعسروا"سلاماً عليك يا سيدي يارسول الله يا من خففت علي الناس ورحمتهم ورفضت التشديد عليهم وكان شعارك العظيم"افعل ولا حرج"ملهماً لكل أتباعك الصالحين في كل زمان ومكان بالتيسير علي الناس والرفق بهم،فقد اخترت دوماً الأيسر لا الأحوط ولا الأشد رغم عزماتك العظيمة التي تلين لها الجبال،فسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2