السيسي للبابا فرنسيس: مصر حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافي

السيسي للبابا فرنسيس: مصر حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافيالسيسي للبابا فرنسيس: مصر حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافي

* عاجل28-4-2017 | 17:39

كتب: محمد وديع

أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الجمعة عن خالص تقديره واعتزازه بقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ومواقفه الإنسانية النبيلة التي تنزع الشر واليأس من حياة الناس.. مشيرا إلى أن البابا فرنسيس يتمتع بحكمة عميقة تدرك أهمية التعامل مع تقعيدات واقع صعب.

وقال الرئيسي السيسي - في كلمته التي ألقاها أمام جلسة حوار بحضور بابا الفاتيكان بفندق الماسة - " إن أرض مصر الطيبة سطرت رسالة مضيئة بين رسالات السماء إلى البشر" ، مضيفا أنه على أرض مصر وجد السيد المسيح والسيدة مريم الأمن والأمان والسلام.

وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي

بسم الله الرحمن الرحيم

.. قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان..

فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر ..

السيادات والسادة ..

اسمحوا لي في البداية أن أجدد الترحيب بقداسة البابا فرنسيس في أرض مصر ضيفا عزيزا وشخصية فريدة وقيادة دينية وروحية ذات مكانة رفيعة يجلها الملايين من البشر في كافة أنحاء العالم من كافة الأديان على حد سواء.

يطيب لي أن أؤكد كل الاعتزاز والتقدير لشخص قداسة البابا ومواقفه الإنسانية النبيلة التي تفتح طاقة الأمل في نفوس البشر تجمع ولا تفرق .. توحد ولا تشتت .. تزرع الخير والأمل في قلوب الناس .. وتنزع الشر واليأس من حياتهم.

انني أؤكد لكم قداسة البابا أن موافقكم التي تقوم بتشجيع التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم هو موضع إعجاب واحترام .. انني أذكر بكل تقدير لقائي الأول بقداستكم في الفاتيكان في نوفمبر 2014 وأتذكر بامتنان انني استمعت لرؤياتكم التي تدل على بصيرة ثاقبة .. تنبع من روحي متشبعة بالإيمان بقدرة البشر على فعل الخير ومتمتعة بحكمة عميقة تدرك أهمية التعامل مع تعقيدات واقع صعب من منطلق العمل على بلوغ الأهداف النبيلة التي تحفظ للبشر إنسانيتهم وتشيع العدل والسلام الخير بينهم.

أرحب بكم قداسة البابا في أرض مصر الطيبة التي سطرت على مدار الزمن أصول مضيئة في تاريخ الإنسانية والتي مزجت بعبقرية متفردة بين رسالات السماء إلى البشر وبين ما انتجه هؤلاء البشر من حضارة وثقافة ليخرج إلى العالم نورا يضيء معالم الطريق نحو السلام والعمران والتسامح بين كافة بني البشر.

وعلى مر العصور كانت هذه الأرض المباركة حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافي وموطنا لشعب طيب الأعراق يؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع، وبأن رحمة الخالق عز وجل تسع البشر جميعا من كل الأجناس والعقائد.

وعلى هذه الأرض، قداسة البابا، وجد السيد المسيح عليه السلام والسيدة مريم العذراء الأمن والأمان والسلام وطافوا بأرجاءها محتمين بها من بطش وبغي هيروديس، وكانت مصر كعادتها دومًا ملاذًا أمنًا وحصنًا رحيمًا.

قداسة البابا فرنسيس، إننا نعتبر زيارتكم التاريخية إلى مصر اليوم والتي تتواكب مع الاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان بمثابة رسالة تؤكد ما ترتبط به مصر والفاتيكان من علاقات تقدير واحترام تتأسس على إيمان مشترك بالقيم الأخلاقية الرفيعة التي رسختها الأديان السماوية لتكون دستورًا لتعايش البشر على الأرض في سلام ومحبة وأساسًا لمنع الصراعات التي لا تنشر سوى العنف والدمار بين أبناء الأسرة الإنسانية.

ولقد أكدنا خلال لقاءنا اليوم أهمية أن تظل هذه المبادئ نبراسًا للقادة والحكومات في عالمنا اليوم، إذ يواجهون تحديات غير مسبوقة لم تشهدها البشرية من قبل، فالعالم يشهد أيامًا يعلو فيها صوت العنف والكراهية تنطلق هجمات الإرهاب الأسود عمياء هوجاء تضرب في كل مكان دون تميز تفجع قلوبنا إذ تحرمنا من الأهل والأحباء والأصدقاء، وما يزيد من آلامنا أن قوى الشر هذه تزعم ارتباطها بالدين الإسلامي العظيم وهو منها ومنهم براء، وهم منه نكراء، إن الإسلام الحق لم يأمر أبدًا بقتل الأبرياء ولم يأمر أبدًا بترويع الآمنين وإرهابهم وإنما أمر بالتسامح والرحمة والعمل الصالح الذي ينفع الناس كما أمر باحترام الآخر وحقه في اختيار دينه وعقيدته.

السيدات والسادة، إن مصر تقف في الصفوف الأولى في مواجهة هذا الشر الإرهابي ، يتحمل شعبها في صمود وتضحية ثمنًا باهظًا للتصدي لهذا الخطر الجسيم عاقدين العزم على هزيمته والقضاء عليه وعلى التمسك بوحدتنا وعدم السماح له بتفريقنا.

وفي هذا السياق، أؤكد من جديد أن القضاء نهائيًا على الإرهاب يستلزم مزيدا من التكاتفبين كافة القوة المحبة للسلام في المجتمع الدولي، يتطلب جهدا موحدا لتجفيف منابعه وقطع مصادر تمويله، سواءً بالمال أو المقاتلين أو السلاح.

يحتاج القضاء على الإرهاب إلى استراتيجية شاملة تأخذ في اعتبارها ليس فقط العمل العسكري والأمني وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك التي من شأنها هدم البنية التحتية للإرهاب ومنع تجنيد عناصر جديدة للجماعات الإرهابية .

ولا يفوتني في هذا الإطار أن أثمن وأقدر مواقف البابا فرنسيس الداعمة لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدنية المصرية بعد سنوات من التوقف، لقد كان إعادة إطلاق حوار الأديان بين الكنيسة الكاثيوليكية ومؤسسة الأزهر الشريف خطوة تاريخية سيكون لها تقديرا أبلغ الأثر في تعضيد جهودنا من أجل تجديد الخطاب الديني وتقديم فكر ديني مستنير، يعيننا على مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها منطقتنا والعالم بأسره من حوله.

إن الأزهر الشريف بما يمثله من قيمة حضرية كبرى، وما تبذله من جهود مقدرة للتعريف بصحيح الدين الإسلامي وتقديم النموذج الحقيقي، إنما يقوم بدور لا غنى عنه في التصدي لدعوات التطرف والتشدد ومواجهة الأسس الفكرية الفاسدة للجماعات الإرهابية.

وأود الإعراب عن التقدير لمشاركتكم البناءة في المؤتمر العالمي للسلام الذي ينظمه الأزهر الشريف بالقاهرة، ويؤكد حرصكم على ترسيخ ثقافة الحوار بين كافة الأديان ولتدعيم قيم المحبة والسلام والتعايش المشترك.

وبالمثل كانت الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا تواضروس للفاتيكان في عام 2013، وإعلان يوم 10 مايو يوم للصداقة بين الكنيستين القطبية والكاثولوكية خطوة هامة لتدعيم أواصر التعاون بين مؤسسات مصر الدينية العريقة والفاتيكان، وها أنتم يا قداسة البابا تحلون ضيفا عزيزا على مصر اليوم بحضور ممثلي مؤسساتها الدينية العريقة ليكون استقبالنا لقدستكم على أرض مصر إعلان للعالم عن متانة الوحدة الوطنية وصلابتها، تلك الوحدة التي نعتبرها خط دفاعنا الأساسي ضد من يضمرون لوطننا شرا.

قداس البابا إننا إذ نرحب بكم مجددا ضيفا كريما على أرض مصر، فإننا نشاطركم عظيم الأمل في مستقبل أفضل يحمل في طيته عهدا من السلام والرحمة والتسامح ونتمنى لكم إقامة سعيدة وطيبة في بلدنا داعيا الله العلي القدير أن يديم على مصر والعالم بأسره الأمان والطمأنية والاستقرار.

أضف تعليق