قصة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»
قصة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»
كتبت: أمل إبراهيم
نسمع كثيرا فى نشرات الأخبار تعبير "بريكست" وهو اختصار للكلمتين الإنجليزيتين ( British Exit) واللتين تعنيان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتعود بداية القصة إلى عام 2013، عندما تعهد رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون بإجراء استفتاء بشأن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه، وفي صيف 2016 أجري الاستفتاء، لكن النتيجة جاءت مفاجئة وعلى عكس توقعات كاميرون المؤيد للبقاء في الاتحاد.
وأظهرت النتائج حينها أن 52 % من البريطانيين يؤيدون خروج بلادهم، مقابل 48% طالبوا ببقاء بريطانيا في الاتحاد.
وقد شارك في الاستفتاء وقتها نحو 30 مليون مواطن، صوت 17,4 مليون منهم لصالح الخروج، لذلك تنحى كاميرون من زعامة حزب المحافظين، وجاءت بعده تيريزا ماى وتولت رئاسة الحكومة والحزب.
ومنذ أن وصلت إلى مقر رئاسة الحكومة، في يوليو 2016، بدا واضحا أن وظيفتها الرئيسية هي تنفيذ رغبة البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، لأسباب عديدة، من بينها الهجرة.
وقالت حينها إنها ستسعى من أجل "بناء بريطانيا جديدة"، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك، إذ غادرت مكتبها رغم محاولاتها المتكررة لإنجاز اتفاق الخروج.
وفي خطاب التنحي، قالت ماي: "عدم قدرتي على إتمام بريكست أمر مؤسف للغاية بالنسبة لي".
وتوصلت رئيسة الوزراء البريطانية في نوفمبر الماضي إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، على أن يبدأ موعد تنفيذ الخروج في يوم 29 مارس، الأمر الذي لم يتحقق بسبب عجزها عن إقناع نواب البرلمان البريطاني بالموافقة على تمرير الاتفاق.
ونص الاتفاق على مرحلة انتقالية تنتهي في ديسمبر 2020، سيكون على بريطانيا خلالها الاستمرار بدفع مساهمتها المالية في الاتحاد ودفع مستحقات تصل إلى 45 مليار يورو، إلى جانب الاتفاق بشأن الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا، وحرية التنقل لمواطني الاتحاد وبريطانيا خلال الفترة الانتقالية.
ماذا سيحدث عندما تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؟
إذا لم يستجد أي جديد، ستخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الـ 31 من أكتوبر 2019.
و إذا قررت بريطانيا الخروج من الوحدة الجمركية والسوق الأوروبية الموحدة، سيشرع الاتحاد الأوروبي في تفتيش السلع البريطانية المصدرة إلى دوله، و قد يؤدي ذلك إلى زحام في الموانئ كميناء دوفر. ويخشى البعض من أن يؤدي ذلك إلى اختناقات مرورية كبيرة تعرقل حركة السلع الضرورية وتؤذي الاقتصاد بشكل عام.
وقد حاول جونسون طمأنة الناس باعلانه عن تخصيص مبلغ 2,1 مليار جنيه استرليني لمواجهة العواقب المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في الـ 31 من أكتوبر.
ولكن رئيس الحكومة جونسون يقول إنه ما زال يريد أن يتوصل إلى اتفاق قبل ذلك التاريخ، كما عبر العديد من نواب مجلس العموم عن تصميمهم على محاولة منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
لذلك قرر جونسون إنه بصدد تعليق عمل البرلمان لمدة خمسة أسابيع في شهري سبتمبر و أكتوبر
ومن شأن هذا القرار أن يعرقل بصورة ما من الوقت الذي سيتمكن فيه نواب مجلس العموم من محاولة إيقاف قرار الخروج دون اتفاق. ويقول منتقدو القرار إنه محض محاولة متعمدة من جانب رئيس الحكومة لتهميشهم.
هل يمكن إيقاف عملية الخروج دون اتفاق؟
يعارض معظم نواب مجلس العموم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، إذ عبّر زعماء احزاب العمال والديمقراطيين الأحرار والقوميين الأسكتلنديين وبليد تشيمرو (الحزب الرئيسي في ويلز) والخضر إضافة إلى نواب محافظين عن معارضتهم .
وينوي معارضو الخروج دون اتفاق تمرير قانون بسرعة يجبر الحكومة على الطلب من الاتحاد الأوروبي التريث في موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد، ولكن مسؤولين في مقر رئيس الحكومة يقولون إن جونسون سيسعى إلى الاعلان عن إجراء انتخابات عامة مبكرة إذا تبين له أن قانونا كهذا يمكن أن يصدّق عليه.
هناك اسلوب آخر لمنع الخروج دون اتفاق يتلخص في محاولة الإطاحة بالحكومة عن طريق تصويت بسحب الثقة، واستبدال الحكومة الحالية بأخرى تسعى إلى تأجيل موعد بريكست.
ومن الممكن أن يلغي نواب مجلس العموم عملية بريكست برمتها، رغم أن عددا قليلا من النواب يعربون عن تأييدهم لهذا المنحى.
ما هو تأثير الخروج دون اتفاق على المواطن العادي؟
سيؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق على الأفراد العاديين في عدة أمور .
فإذا انخفضت قيمة الجنيه الاسترليني بشكل كبير نتيجة الخروج دون اتفاق، ووقعت اختناقات كبيرة في الموانئ، قد يؤثر ذلك على أسعار الكثير من السلع وامكانية الحصول عليها أصلا. وثمة مخاوف من امكانية شح الأدوية والعقاقير، رغم أن الحكومة تصر على أنها اتخذت الاحتياطات اللازمة لتلافي ذلك.
ويعتقد معظم الاقتصاديين ورجال الأعمال أن الخروج دون اتفاق سيعود بالضرر على الاقتصاد.
حيث يرى البعض إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيؤدي إلى ركود اقتصادي.وبالنسبة لأسواق العقارات فقد حذر صندوق النقد الدولي بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انهيار كبير وحاد في أسعار العقارات، وذلك اعتمادا على توقعه بأن أسعار القروض سترتفع.
أما الخزانة البريطانية، فقالت إن أسعار العقارات سترتفع بمعدل 10 الى 18 في المئة في السنتين المقبلتين.
ولكن الكثيرين من الذين يؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يقولون إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث. ويعتقد هؤلاء بأن أي ضرر اقتصادي سيكون مؤقتا.