كتب :عمرو فاروق
كشفت التحقيقات التي تجريها السلطات الكويتية مع عناصر خلية الإخوان، عن دور بارز للسيّدات في عملية استلام الأموال وتوصيلها إلى بعض عناصر التنظيم داخل القاهرة، عبر الحسابات البنكية، ومن خلال بعض الجمعيات والمنظمات الخيرية.
وأشارت التحقيقات التي نشرتها جريدة القبس الكويتية، إلى أن تحريات الأجهزة الأمنية كشفت أن الإخواني خالد المهدى كان يستغل السيدات في نقل الأموال، واستعان بهن لإنشاء شبكة إلكترونية لمهاجمة بعض الدول العربية بهدف إسقاط الأنظمة الحاكمة.
ووفقاً لمراقبين لملف الجماعات المتطرفة، فإن التنظيم النسائي للإخوان يمثل شبكة قوية في عملية إدارة نشاط الجماعة حالياً، في ظل هروب عدد كبير من قيادات الإخوان خارج مصر، والقبض على عدد كبير منهم على ذمة قضايا عنف وإرهاب.
وكانت أجهزة الأمن في مصر، اعتقلت عدداً من قيادات قسم الأخوات، في نوفمبر 2018، هن: عائشة خيرت الشاطر، ابنة نائب مرشد الإخوان وزوجها المحامي محمد أبوهريرة، وهدى عبدالمنعم المحامية عن قضايا الجماعة، وبهاء عودة شقيق وزير التموين السابق باسم عودة، بالإضافة إلى سمية ناصف، وسحر حتحوت، وروية الشافعي، وعلياء إسماعيل، وإيمان القاضي، وهن المسؤولات عن ملف المرأة بالجماعة.
وأوضح المراقبون أن الخلية كانت حلقة الدعم المالي بين عناصر الإخوان داخل القاهرة وقيادات التنظيم الدولي، منذ أحداث ثورة 30 يونيو 2013.
قسم الأخوات
كما أن "قسم الأخوات"، كان اللاعب الرئيسي في "التقارير المفبركة"، التي تصدرها منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، لتشويه سمعة الدولة المصرية، عن طريق سلمى أشرف عبد الغفار، وهي أحد المعنين بالملف المصري داخل المنظمة.
وتتعاون عناصر القسم بشكل مباشر مع هيومان رايتس ووتش، عن طريق إمدادها بتقارير مختلف عن أوضاع السجون، ومعتقلي الإخوان داخلها، ويقمن بنقل الرسائل المسربة من داخل السجون، للمساس بمصداقية الدولة المصرية وصورتها.
وأنتج قسم "الأخوات" فيلماً وئائقياً يسجل شهادات لأهالي مساجين الإخوان في سجن "برج العرب"، حتى يتم استخدامه في تدويل قضايا الإخوان أمام منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحاكم الدولية، بهدف تشويه صورة النظام المصري أمام الرأي العام الدولي.
حمل الفيلم عنوان "المغربون من سجن برج العرب"، وسجل شهادات "قسم الأخوات" داخل الجماعة ممن لهن أقارب في السجن، بهدف تصدير صورة للرأي العام الدولي والمحلي أنهم يتعرضون لمذبحة كبرى داخل السجن تحت رعاية مصلحة السجون المصرية.
الفيلم الوثائقي من إنتاج شركة Alex Revolution، وهي شركة إخوانية عاملة في مجال الميديا، تقوم بصناعة أفلام وثائقية واستقصائية بغرض تشويه الدولة المصرية.
منذ سقوط حكم الإخوان أنشأ "قسم الأخوات"، عدداً كبيراً من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بمسميات مختلفة عن "أحوال معتقلي الإخوان" داخل السجون، إضافة إلى صفحات بلغات أجنبية متخصصة في الاختفاء القسري الوهمي، لتعبئة الرأي العام الدولي الخارجي.
كشفت هذه التفاصيل الدور الخفي الذي يتم فيه توظيف قسم "الأخوات" داخل الجماعة، بداية من توصيل الرسائل والأموال، وتجهيز الاجتماعات واللقاءات السرية، والتواصل مع العناصر الخارجية لعدم الشك فيهن.
مر قسم "الأخوات" بالكثير من المراحل والتطورات داخل جماعة الإخوان، لكن مختلف التقارير الأمنية تشير إلى أن الجيل الحالي من "الأخوات" مختلف تماماً عن الأجيال السابقة، لأنه نتاج تربية زوجات رجال الشاطر، والتنظيم القطبي لا يحمل فى طياته سوى جاهلية المجتمع، جيل يؤمن إيماناً عميقاً بما قاله سيد قطب "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيراً إسلامياً، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية"، جيل ينتمي إلى زينب الغزالي ويضع تجربتها وتكفيرها لجمال عبد الناصر وحكومته أمام عينه، باعتبارها الرائدة الحقيقية لقسم الأخوات.
امتداد جامعي
ووفقاً لمصادر أمنية، عقد قسم "الأخوات" عدة لقاءات شاركت فيها قيادات "الأخوات" في الجامعات لوضع استراتيجية محددة في إدارة الأزمة الراهنة، وركزن فيها على إبراز دور "الأخوات" وزيادة نشاطهن ودورهن من أجل الحفاظ على التنظيم.
وقد تم دمج قطاع "الأخوات" في المناطق، مع قطاع "الأخوات" في الجامعات لسهولة التنسيق بينهما وترتيب الأهداف والتحركات بشكل جديد.
كان مكتب الإرشاد اعتمد عقب أحداث ثورة يناير 2011، عدة تغييرات في اللائحة الداخلية لقسم "الأخوات"، تتيح زيادة تمثيلهن في الهيكل التنظيمي، عند حدود ما يعرف بـ"مكتب إداري المحافظة"، ويمثلهن فيه أحد الرجال، كما سُمح لهن، بتكوين مجلس منتخب في كل شُعبة، تديره إحدى الأخوات لمتابعة ومراقبة نشاط القسم ولجانه في هذه الشُعبة، وتمثلهن في مجلس المنطقة، بعد أن كانت الأخوات في عزلة كاملة عن الهيكل الإداري.
لكن ظلت عضوية الهيئتين القياديتن، مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، بعيدة عن عضوية الأخوات.
وعقب إقرار هذا "التغيير الهيكلي"، أجرى "قسم الأخوات"، انتخابات داخلية، لاختيار مسؤولات الشُعب والمناطق في مختلف محافظات مصر داخل التنظيم.
ورغم هذه النقلة النوعية، التي أتاحت للأخوات فاعلية أكبر واستقلالاً أوسع في العمل داخل التنظيم، فإن الهيكل الإداري الجديد، توقف عند حدود المكتب الإداري للمحافظة، يمثلهن فيه مسؤول، كحلقة وصل بينهن وبين قيادة الجماعة في نقل وجهات النظر.
لم يكن هذا التغيير هو الأول، فعقب إجراء انتخابات مكتب الارشاد في 21 ديسمبر 2009، أعلن عدد من "الأخوات"، استياءهن من عدم مشاركتهن في اختيار قيادات بمكتب الإرشاد، واستبعادهن من سلطة القرار، رغم أنهن يمثلن أكثر من نصف أعضاء في الجماعة، ويحق لهن التصويت بشكل رسمي، وتقلد المناصب في مكتبي الإرشاد والشورى.
ومن ثم ارتأت قيادات الإخوان، إعادة التفكير في صياغة اللائحة التنفيذية لـ"قسم الأخوات"، وذلك بعد مرور 68 عاماً من اللائحة الأولى التي وضعها حسن البنا في 26 أبريل 1932 وكانت عبارة عن سبعة بنود فقط.
وتعتبر اللائحة هي الأولى من حيث التفاصيل الإدارية والفنية الخاصة بقسم الأخوات، وتحديد دورهن وفقا للآليات الخاصة بأدبيات الجماعة، بعد أن كن يتحركن في إطار محاور إدارية معدودة.
وساهم في كتابة اللائحة الجديدة لـ"قسم الأخوات" كل من:
أولاً: جمعة أمين رئيس قسم الأخوات، حينها.
ثانياً: سراج اللبودي رئيس القسم السابق وزوج المهندسة كاميليا حلمي، رئيس مكتب اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، المنبثق عن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة منذ 1998، الذي تم غلقه من قبل أجهزة الأمن المصري، وتم أنشاء مركز "المرام"، بدلا عنه.
ثالثاً: مركز "مرام" وهو اختصار لـ"المركز المصرى لرصد أولويات المرأة"، وهو مركز إخواني تولت مسؤوليته، (كبيرة ناجي صالح) مغربية الأصل، وزوجة الإخواني المهندس الكيمائي، محمد عزيز همام الزمر.
تكون مجلس إدارة "مرام" من أربع عشرة من الأخوات هن أماني أبو الفضل زوجة د. أحمد سليم فؤاد، ومنال أبو الحسن زوجة المهندس عاصم شلبي، وجيهان عليوة، زوجة حسن مالك، وخديجة الشاطر زوجة خالد أبو شادي، ووفاء مشهور، ومنال حسين زوجة أحمد النحاس، ونادية سعيد، وسمية عبدالفتاح، وسوزان عرابى زوجة عصام عبدالمحسن، والدكتورة غادة علي، والدكتورة إيناس مبروك، وأمينة هاني هلال، زوجة ياسر محمود عبده، وهند عبدالله، وسمية مشهور، وقام بالأعمال الإدارية لهذا المركز الإخواني جابر مهنا.
رابعاً: تم تكليف مركز "المرام"، بإعداد لائحة "قسم الأخوات"، من قبل قيادات مكتب الإرشاد، وتم مراجعتها ثم اعتمادها من وعرضها، محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد بشكل أولي، ثم عرضت على المستشار القانوني للإخوان، فتحي لاشين لمراجعتها.
خامساً: تم اعتماد اللائحة من لجنة اللوائح في الجماعة.
سادساً: تم اعتماد اللائحة الجديدة من مكتب الشورى العام، ثم اعتمدت من قبل مكتب الإرشاد، لتصبح سارية المفعول من تاريخ 5 مارس 2010.
وفي بداية مرحلة التسعينيات لعب "قسم الأخوات" دوراً على استحياء، بعد أن أشرف عليه لفترة الشيخ محمد عبدالله الخطيب، بمساعدة مجموعة من زوجات قيادات الإخوان وبناتهن، مثل وفاء مشهور، بنت المرشد الأسبق مصطفى مشهور، ومكارم الديري، زوجة القيادي الإخواني إبراهيم شرف، وكان لزينب الغزالي الهيمنة الروحية على هذا القسم إلى وفاتها عام 2005.
ثم بدأت المرحلة الأخطر في تاريخ "قسم الأخوات"، عقب تنامي نفوذ خيرت الشاطر، واختياره ليكون المسؤول الأول عن الأخوات، ووضع الهيكلة التنظيمية بشكل يخدم طموحات المرحلة الجديدة التي طرحتها قيادات التيار القطبي.
لجنة التربية والأسر
وخلال ذلك ضم القسم عدة لجان أساسية أهمها "لجنة التربية" ومستوياتها المتعددة، والمنوط بها التأهيل والتصعيد التربوي للأخوات، بحيث يكون لكل مستوى تربوي عدد من الأسر، وتضم كل أسرة عدداً من الأخوات، يتراوحن من خمس إلى سبع فتيات، ولكل أسرة "أخت" مسؤولة عنها، ويخصص لهن لقاء أسبوعي تربوي تتم فيه دراسة بعض المناهج الدينية الثقافية، مثل كتاب "دور المرأة المسلمة" لجمعة أمين، و"في رياض الجنة"، لجاسم عبد الرحمن، الذي يمثل المنهج الثقافي، مع أهمية السرية والخصوصية داخل كل أسرة، حيث تسيطر فكرة تكريس الطبقية علي تنظيم الأخوات، فالانتقال للمستويات الأعلى، يتم لمن ضمن ولاؤها، وطاعتها للقادة، والتزامها بالقواعد المنصوص عليها.
وشملت "لجنة التربية" عدة مستويات مثل محب، ومؤيد، ومنتسب، وهي التدرج الهرمي المتبع داخل التنظيم لقياس مدى إيمان أفرادها بمبادئ السمع والطاعة.
لجنة الدعوة الفردية
يحتوي قسم "الأخوات" على لجنة لا تقل أهمية في دورها وتأثيرها عن "لجنة التربية"، وهي لجنة "الدعوة الفردية"، والتي يعتبرها قادة الجماعة الدينامو والمحرك الأساسي لعمل الأخوات، وانتشارهن بين الفتيات، حيث يرتكز دور اللجنة في تأهيل ومتابعة الأخوات، وتدريبهن على مراحل الدعوة الفردية في استقطاب غيرهن، وإعداد الكوادر التربوية والدعوية القادرة على سير ومتابعة آليات ووسائل الانتشار.
وشملت لجنة الدعوة الفردية قطاعين مهمين: الأول خاص بـ"الزهراوات"، وهو قطاع مختص باستقطاب من هم في المراحل العمرية المبكرة، مثل تلميذات المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بينما الثاني هو قطاع "الفتيات"، ويركز جهده على طالبات المرحلتين الثانوية والجامعية، لتطبيع بعضهن بفكر الجماعة، وضمهن إلى صفوفها.