كتب: محمد وديع
انطلقت في قصر الاتحادية، القمة الثلاثية السابعة - اليوم الثلاثاء - بين مصر وقبرص واليونان، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
تناولت القمة، متابعة مجالات التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث، والتعاون في مجال الطاقة، بإلإضافة إلى الأوضاع الإقليمية بمنطقة شرق المتوسط، ومكافحة الاٍرهاب والهجرة غير الشرعية.
وقال السيسي في كلمته بالمؤتمر الصحفي عقب القمة: "إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم اليوم في بلدكم الثاني مصر، ضمن أعمال الدورة السابعة، لقمة التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، وهي القمة الثالثة التي تستضيفها مصر، منذ تدشين هذه المبادرة بالقاهرة في نوفمبر 2014".
وتابع: "يطيب لي بداية أن أتوجه برسالة ترحيب وتهنئة، إلى دولة رئيس وزراء جمهورية اليونان، في ضوء مشاركة سيادته الأولى في أعمال آلية التعاون الثلاثي، التي تمثل فرصة حقيقية لتبادل وجهات النظر وتنسيق الجهود تجاه التحديات والقضايا المطروحة إقليميًا ودوليًا، وتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة والواعدة للتعاون، في شتى المجالات".
وأضاف: "لقد استعرضنا اليوم مختلف أوجه التعاون، بين مصر وكل من قبرص واليونان، وكذلك التطورات الخاصة بمشروعات التعاون الثلاثي، لما لها من دور تكميلي في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين دولنا الثلاث، وأكدنا أهمية الاستمرار في التشاور المنتظم، والتنسيق الوثيق، على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، والعمل على الارتقاء بالتبادل التجاري وزيادة الاستثمارات المشتركة، وتكثيف التفاعلات البرلمانية والشعبية والثقافية بين دولنا، كما أكدنا أهمية تعزيز التنسيق بيننا في مختلف أطر التعاون التي تجمعنا، خاصة منتدى غاز شرق المتوسط".
واستطرد: "في هذا السياق، أرحب بالتوقيع على عدد من الوثائق والبرامج التنفيذية، بين مصر وقبرص واليونان، في مجال الترويج للاستثمار للأعوام من 2019 إلى 2021، وكذا التوقيع على اتفاق منع الازدواج الضريبي بين مصر وقبرص".
وقال السيسي: "لقد أكدنا كذلك في اجتماعاتنا اليوم أن حالة الاضطراب التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تمثل تهديدًا للفرص المتاحة أمام دول الإقليم، وتحرم شعوبها من أهم حق من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة الآمنة، فضلا عن تعطيل تلك الشعوب عن اللحاق بركب التقدم والتنمية، وخلق أزمات جديدة في مجتمعاتهم، وتصدير تبعاتها إلى خارج المنطقة، مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية وما يرتبط بها من جريمة منظمة واتجار بالبشر".
وتابع: "جددنا تأكيد أن الإرهاب ظاهرة دولية لا يمكن الربط بينها وبين دين أو حضارة، وتحتاج إلى مضاعفة الجهود الدولية المبذولة لمواجهتها، خاصة صياغة تشريعات دولية ملزمة لمواجهة الآلة الدعائية للإرهاب، وقطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة لاستغلال التكنولوجيات الحديثة، ومنها منصات التواصل الاجتماعي، لنشر أفكارها وتجنيد عناصر جديدة من الشباب، وتجريم ما توفره بعض الدول من دعم مادي وبشري للأعمال الإرهابية، والسماح بعبور ونقل المقاتلين الأجانب عبر أراضيها، لتهديد أمن واستقرار الدول الأخرى، وتوفير حواضن آمنة ونوافذ إعلامية لتلك الجماعات".
وأضاف: "تناولنا أيضا قضية الهجرة غير الشرعية، وما يرتبط بها من مسببات ونتائج، وكذلك سبل معالجتها، أخذا في الاعتبار الفروق الديموغرافية بين شعوب المنطقة، واحتياجات سوق العمل الأوروبية، والتي قد تكون أساسًا لاحتواء الآثار السلبية للهجرة غير الشرعية، بشكل يعود بالنفع على كل الأطراف، وأكدنا أهمية عدم تسييس قضايا اللاجئين، والمتاجرة بآلامهم، أو استخدامهم كأوراق ضغط لتحقيق مكاسب ضيقة".
وتابع: "أكدنا أن التوصل إلى حل سياسي شامل في ليبيا، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار بها، وضرورة المعالجة الشاملة لجذور الأزمة الليبية، عبر الالتزام بتطبيق عناصر خطة الأمم المتحدة، التي اعتمدها مجلس الأمن نهاية عام 2017، وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية وتحقيق الرقابة البرلمانية على القرار السياسي والاقتصادي الليبي، بالإضافة إلى المواجهة الحاسمة للتدخلات الخارجية، الرامية لاستمرار عدم الاستقرار في ليبيا عبر دعم الميليشيات الإرهابية بها".
وقال: "ناقشنا المستجدات على الساحة السورية، وأكدنا دعمنا لجهود المبعوث الأممي لسوريا، والحاجة الملحة لاستئناف الحوار، بين كافة أطراف الأزمة السورية تحت مظلة الأمم المتحدة، في أقرب فرصة ممكنة، وصولًا للتسوية السياسية المنشودة، وأكدنا رفضنا التام لمحاولات استخدام القوة، واستقطاع جزء من الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في المنطقة، فيما يُعد انتهاكًا للأعراف والقوانين الدولية".
وأضاف: "اتصالا بالقضية الفلسطينية، والتي لا تزال بوصلة القضايا في الشرق الأوسط، أكدنا أنه لا بديل عن استعادة الشعب الفلسطيني لجميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها الحق في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وقال: "تناولت محادثاتنا تفصيلًا، التطورات في منطقة شرق المتوسط، وما تشهده من توتر وتصعيد في المواقف، قد ينتج عنه استقطاب دولي وإقليمي، وذلك بسبب الممارسات أحادية الجانب، التي من شأنها زعزعة الاستقرار في المنطقة ككل، والإضرار بمصالح دول الإقليم، وأكدنا أن تحقيق الأمن والاستقرار، يمثل أولوية إستراتيجية بالنسبة لنا جميعا، تستدعي التكاتف من أجل الحفاظ عليها وتأمينها، وبدونه لا يمكن أن نجني ثمار آلية التعاون الثلاثي، وجددنا دعمنا في هذا السياق للجهود التي تقوم بها الحكومة القبرصية من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية القبرصية، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وتابع: "كما تناولنا الدور الذى يمكن أن تلعبه آلية التعاون الثلاثي، في تحقيق قدر أكبر من التقارب بين الدول العربية والدول الأفريقية من جانب، ودول الاتحاد الأوروبي من جانب آخر، خاصة بعد النجاح الذي حققته القمة العربية الأوروبية الأولي بمدينة السلام "شرم الشيخ" في فبراير 2019، ومع قرب موعد انعقاد الدورة الرابعة من قمة الاتحاد الأوروبي- العالم العربي، المقرر انعقادها في أثينا يومي 29 و30 أكتوبر 2019، وفي ضوء بدء تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، والأهمية التي توليها مصر للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تجعل منها بوابة عبور لكثير من المنتجات العالمية، للنفاذ إلى السوق الأفريقي بقدرات تنافسية عالية، إذا ما حصلت على شهادة المنشأ".
وأضاف: "لا يسعني في نهاية كلمتي إلا أن أتقدم لكما بخالص الشكر، على الدور المحوري والبصيرة النافذة، والاقتناع الصادق بأهمية الارتقاء بآلية التعاون الثلاثي، والانطلاق بها إلى آفاق أوسع، في إطار من الاعتدال والانفتاح، والحرص المتبادل على تعزيز دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة".