عاطف عبد الغنى يكتب: الهيئة العامة لإنتاج الأمية وتجهيل الكبار

عاطف عبد الغنى يكتب: الهيئة العامة لإنتاج الأمية وتجهيل الكبارعاطف عبد الغنى يكتب: الهيئة العامة لإنتاج الأمية وتجهيل الكبار

*سلايد رئيسى6-12-2019 | 11:00

قبل أن تتكلم يجب أن تحسن الإنصات، وقبل أن تكتب لابد أن تقرأ، وقبل أن تقرر لابد أن تفكر، وقبل أن تفكر لابد أن تعرف.. أن تلم بالحقائق، فإذا ما كنت أميا، لا تقرأ ولا تكتب، فقد أسقطت نسبة كبيرة من المعادلة السابقة، وإذا كانت المعادلة السابقة تخص فردًا واحدًا، فانضمام آخر إليه، وثالث ورابع تصبح ظاهرة تصم شعبًا بالجهل، وتخصم من عقله الجمعى، ووعيه على كل المستويات، وناتج التنمية، والنمو، بل وتهدد أمنه القومى.

 (1)

والأمية لا تتوقف عند الجهل بالقراءة والكتابة، هذا مقياس قديم، تأخذ به المجتمعات البدائية، أما المجتمعات الحديثة فتحسب التعامل مع الكمبيوتر كأحد مقاييس الأمية، وترى أن افتقاد الشخص للمهارات، وأهمها مهارة الوصول إلى البيانات واستخدامها بواسطة مصادر المعرفة المختلفة أو ما يُسمى بـ «الثقافة المعلوماتية»، بمعنى أن يستطيع الفرد العادى الوصول إلى المعلومات التى يريدها عن موضوع ما من خلال استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، ليٌحسن الحكم عليه، ومن ثم اتخاذ القرار الصحيح نحو هذا الموضوع. وحسب المعايير السابقة، تزيد نسبة الأمية لدينا فى مصر لتتجاوز أولئك الذين لا يجيدون، «فك الخط» بمعنى تجاوز مرحلة الأمية الكاملة والوصول إلى المرحلة التى بلغها عبد الفتاح القصرى فى فيلم «الأستاذة فاطمة»، وهناك مثله بالملايين، بينما يوهمنا المسئولون عن هيئة محو الأمية أن أمية هؤلاء قد انمحت، بعد أن تمنحهم الهيئة شهادة رسمية يقدمونها لجهات العمل فى الدولة، ضمن مسوغات التعيين للالتحاق بالميرى، والمرمغة فى ترابه.

 (2)

 وفيما يخص أمية القراءة والكتابة، فهناك ما يقرب من 18 مليون أمى فى مصر فى الشريحة العمرية 15 عامًا، فأكثر، حسب أحدث تصريحات أدلى بها الدكتور عاشور عمري، رئيس الجهاز التنفيذى للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، فى برنامج مذاع على إحدى الفضائيات وبالطبع استبعد المسئول ملايين أخرى تنتمى للفئات العمرية أصغر من 15 عاما تسربت من التعليم. نفس المسئول أعلن متباهيا عن منجز للهيئة حين قال إن الأمية فى مصر انخفضت لتصبح 27% من إجمالى عدد السكان، بعدما كانت تزيد على 42% قبل إنشاء الهيئة فى عام 1991، وهذا تصريح خادع، فمع طفرات الزيادة الكبيرة فى عدد السكان، خلال 28 عاما الأخيرة هى نفسها عمر الهيئة، ومع التقدم فى الوعى الحضارى للمجتمع، والانخفاض الطبيعى فى التسرب من التعليم، تكون نسبة الانخفاض فى الأمية التى تبلغ 15% ليست الهيئة السبب فيها، أو على الأقل ليست السبب الرئيسى. وعندما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى مبادرة «مصر بلا أمية» فى مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ 2016 كانت النسبة المعلنة عن الأمية 20%، وقد ارتفعت هذه النسبة لتصل هذا العام 2019 إلى 29% وليست 27% كما يقول مسئول الهيئة، فهل يحق لنا أن نسأل أين كانت الهيئة؟ أو هل لها دور فى إنتاج هذه الزيادة بدلا من الخفض؟!.

(3)

القضية أخطر من أن نسكت عنها أو نتعامل معها بشكل تقليدى، وقد انتبه البرلمان لها فتقدم نحو 60 عضوا بمشروع قانون لإنشاء هيئة بديلة لهيئة «محو الأمية وتعليم الكبار» الحالية، وأطلق النواب على مشروعهم البديل اسم: «الهيئة الوطنية لمحو الأمية وإعادة التأهيل». وتزامن مع تقديم المشروع استدعاء لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، لرئيس الهيئة الحالى، وواجهوه بالحقائق والأرقام، فتنصل من المسئولية وهى عادة مصرية أصيلة ولصيقة بالإدارة المصرية، وعزا التقصير لضعف ميزانية الهيئة، مما دعا النائبة د.شيرين فراج، لمواجهته برقم الميزانية البالغ 374 مليون جنيه سنويا، مؤكدة أن المبلغ يوزع على 3 آلاف موظف، وعامل، تحت بند الأجور والحوافز، والذى منه، فيكون المتوسط الأجور 124 ألف جنيه سنويا لكل موظف، أى حوالى 10 آلاف جنيه وكسور شهريا، هذا على الإجمال أما الحقيقة فالإدارة العليا فى الهيئة تحصل على مرتبات أكبر بكثير ممن المتوسط الذى حسبناه، ويقل المرتب مع انخفاض الدرجة). ورئيس الهيئة قال أمام لجنة البرلمان إن دور هيئته يتمثل فقط فى رسم الاستراتيجيات، وبذلك نفض يديه الشريفتين من تنفيذ تلك الاستراتيجيات، وألقى بالمهمة على جهات لم يسمها، أما وقد قال ذلك فقد عرفنا عمله وعذره وفهمنا لماذا فشلنا من سنين فى القضاء على الجهل، ومحو الأمية، وعلينا أن نهنئ الهيئة التى نجحت فى زيادة إنتاج الأميين فى مصر بشكل ملحوظ حتى يحق لها الآن أن تغير اسمها إلى : « الهيئة العامة لإنتاج الأمية وتجهيل الكبار.»
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2