حسام شاكر يكتب «في المشهور قوله المجهول أصله»: يانهار أزرق

حسام شاكر يكتب «في المشهور قوله المجهول أصله»: يانهار أزرقحسام شاكر يكتب «في المشهور قوله المجهول أصله»: يانهار أزرق

* عاجل3-1-2020 | 23:13

كنت في جلسة طيبة مع علماء طب أفتخر بمعرفتهم فكلما جلست معهم ناقشوني في المشهور قوله خاصة بعد كتابتي عن (النيلة) فقد فاتحني الدكتور عبدالوهاب لطفي أستاذ المناعة والدكتور عادل البيلي أستاذ الروماتيزم لماذا لاتستكمل بحثا في الطين وانهالوا علي أسئلة، كل واحد في جلسة بعيدة عن الأخرى حتى شعرت بأن نهاري أزرق إذا لم أبحث في (النهار الأزرق) فكثيرا ما أسمع يانهار أزرق و(هتشتغلي في الأزرق، العفاريت الزرق بيتنططوا قدامي) وعندما بدأت البحث في (النهار الأزرق) وجدت صعوبة، لأني لاأفقه في الألوان فكان بحثي (نهاره أزرق) إلى أن عثرت على هذا النهار الأزرق في كتاب (كلمات العامية المصرية من أصل قبطي ) الذي طبعته كنيسة مارمرقس بالكويت للراهب بيجول الأنبا بيشوي والذي ذكر فيه أنه كان في مصر قديما يصحب المتوفي في طريقه إلى المقبرة اثنتان من النائحات إحداهن عند رأسه والأخرى عند قدميه ويلطخن وجوههن بالطين وعادة كان اللون الأزرق هو اللون المخصص لثياب الحداد وللآن يقولون يانهار طين وفي الصعيد يقولون على الأرض الخصبة الأرض الزرقاء حتى وإن كان لونها أسودا، كما عثرت عليه في ( معجم لغة الحياة اليومية) الذي طبعته المكتبة الأكاديمية للدكتور محمد الجوهري وآخرون، بأنه تعبير يفيد الأسى والأسف والدهشة أحيانا، وقد شغل اللون الأزرق اهتماما لدى قدماء المصريين لأن الوصول إلى تركيبات هذا اللون استدعى وقتا طويلا وعمليات مركبة ومتعددة إلى أن تم التوصل له وصار منتشرا في رسوماتهم ولهذه الصعوبة نجد أننا نقول (انت هتشتغلي في الأزرق ) لتعبر عن كونه ليس شخصا سهلا وإنما يخفي الكثير من الحقائق وقد تفردت مصر بهذا اللون في العصور السابقة ولاتزال فقبل اختراع الصبغات الصناعية نجد أن لوحات الفنانين الغربيين بها رسوم قليلة جدا من اللون الأزرق في حين يكثر هذا اللون في المناطق الأثرية المصرية ولأن هذا اللون ارتبط في تراث المصري بتأثيرات نفسية صعبة وهي تخصيب النساء لملابسهن بهذا اللون في الحداد فقد اشتهر حتى عصرنا هذا في كل شئ يمت لهذا الحزن والضيق بصلة سواء كان بقصد أم دون قصد فظهر في كل الأحداث والأعمال الشاقة التي تنبئ عن (النهار الأزرق بعينه) فسيارات الترحيلات التي تنقل المساجين تكون باللون الأزرق وملابس المسجونين الذين حكم عليهم بالسجن تكون باللون الأزرق وعمال المناجم والتراحيل يرتدون الزي الأزرق ومعظم الكسالى – أمثالي وأمثالك- يرتدون الجينز الأزرق لأن هذا اللون يتحمل الأوساخ ولايحتاج للتنظيف بشكل دوري، ونجد هذا اللون يظهر في حياتنا المؤلمة فإذا أصبت في جسدك أو أسفل عينيك فسرعان مايتحول لون جلدك عندما يشتد الألم إلى اللون الأزرق وقد وصف الله حال أهل الكفر بالزرق (يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا) فيكون يومهم (أزرق من قرن الخروب ) فيظهر الزرق في أعينهم من شدة الخوف والهلع دلالة على مايكتنف هذه الأجسام من كآبة شديدة وحزن عميق وشعور بالإشراف على الموت، وهو على العكس تماماً من اللون الأزرق الفاتح الذي يعرف في ألوان الطيف باللون الأزرق النيلي، فيظهر لونه في السماء والبحار والأنهار فيعطي شعورا بالراحة ويخفف التوتر والعصبية، منحك الله – عزيزي القارئ- الأزرق الفاتح ومنعك الأزرق الفاقع .
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2