إسلام كمال يكتب: هل تصل مياه النيل لإسرائيل ؟!

إسلام كمال يكتب: هل تصل مياه النيل لإسرائيل ؟!إسلام كمال يكتب: هل تصل مياه النيل لإسرائيل ؟!

*سلايد رئيسى17-2-2020 | 13:10

هل نعيش حتى يتحقق حلم تيودور هرتزل الذي روج له في ١٩٠٤، وهو أن تصبح إسرائيل الدولة ال١٢ في دول حوض النيل ، ، ووفق رؤي المحللين الغربيين، كل الأجواء تشير إلى ذلك، ويتجدد الجدال حول هذه النقطة كل عدة سنوات، لكن لماذا صعد هذا السؤال للسطح الآن ؟! .. لنبحث معا في ذلك ! هناك قاعدة في تراث الحوض مفادها ، تريد مياه النيل فلتذهب لأوغندا لا القاهرة ، ولهذا كان أفارقة الحوض غاصبون طوال الوقت من إتفاقية تقسيم حصص ماء النيل ، التى ذهبوا فيها للقاهرة ، وهذا ما فعله الإسرائيلييون وحلفاؤهم ، بعدما رفضت مصر أية محاولات لتوصيل مياه النيل ، إن كانت مشروع "إليشع كالى " أو ترعة السلام ، فذهبوا لكل دول الحوض بداية من أوغندا ، كما يقول تراثهم ، والذي ردد مسئولوهم تصريحات في نطاقه بالفعل ! من قبل العدوان الثلاثي ، وإسرائيل وحلفاؤها يخططون وينفذون خطة إجبار كل الأطراف في حوض النيل على توصيل المياه لهم، لتتحول صحراء النقب لجنة الله في أرضه، وإهتموا جدا بملفات الزراعة والرى والتكنولوجيا بكل أنواعها إلكترونية وصحية وعسكرية، ليخترقوا بها دول حوض النيل، حتى أصبحت تكون معهم حلفا قوية منوعا ما بين سدود على النيل في أوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا . وبالفعل حولت إسرائيل مناطق شاسعة كانت جرداء في كينيا وإثيوبيا، وأراضي مستنقعات كانت منبع للأوبئة والأمراض في الكونغو وكينيا ورواندا وإريتريا وأوغندا، لأراضي زراعية منتجة . في الوقت الذى كانت تجاهد فيه مصر وحدها في هذا النطاق ، فحتى العرب المتواجدون في الحوض يعملون بشكل فردى في الغالب مع بعض الاستثناءات، فإسرائيل متواجدة في البحر الأحمر بقوة منذ ظهور إرتيريا بالذات، ومعروف إنها كانت لها دورا كبيرا في ظهورها، رغم إن إثيوبيا حليفتها، لكن كان يجب تكريعها حتى لا تكرر موقفها الداعم لمصر بعد نكسة ٦٧، حيث قطعت العلاقات مع إسرائيل لفترة. وعلى نفس شاكلة إرتيريا أوجدت جنوب السودان ، وكانت في طريقها لخلق دولة أخرى في دارفور، حيث كان المتمردون يتحركون من تل أبيب نفسها، وأصبح طبيعيا أن تجد سودانيون يتحدثون العبرية وهم في تل أبيب، ولهذا هرولت السودان للتطبيع العلنى معها، بعد سنوات من التطبيع السري أيام البشير، حتى لا تتكرر قصص مشابهة لجنوب السودان في دارفور أو كردفان، والغريب إن إسرائيل تلاعب وليدتها جنوب السودان بصراعات داخلية مماثلة لم تهدأ منذ ظهرت دولتها، رغم إن رئيسها يعتبر دولته إسرائيل الصغري، ويتباهى بذلك ! القصة لم تصعد للسطح للقاء التطبيعي العلنى بين رئيس المجلس الانتقالي السودانى عبدالفتاح برهان ومسير أعمال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أوغندا، والتى ستثاب عليه كثيرا من أمريكا وإسرائيل، لكنها موجودة أساسا على مائدة المواجهات منذ الستينات ، حيث انتعشت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية بعد عدة سنوات من قيام الكيان، واستمدت قوة ما بعد العدوان الثلاثي على مصر وظهور إسرائيل كقوة دولية، ومنذ ذلك الوقت ونحن نناضل في إفريقيا وحدنا، وإسرائيل تتمدد بحلفائها الأمريكيين والصهاينة من كل العالم، من خلال مشروعات تنموية في كل المجالات، وبالذات الزراعة والرى، ومن بعدها الصحة. ومع موجات الإرهاب المعروف من صنعها ، كانت توفر منظومة مكافحته، وتبيع الأسلحة للمتحاربين من الطرفين، كما حدث بين إرتيريا وإثيوبيا، والهوتو والتوتسي في رواندا، وإنقلابات الكونغو برزافيل وكينشاسا، بخلاف دعم طرفي الصراع في جنوب السودان ، ومتمردو دارفور وكردفان . ومراكز التدريب العسكري والأمنى الإسرائيلية منتشرة في دول حوض النيل ، كما في باقي إفريقيا، وصفقات السلاح الشرعية وغير الشرعية لا تتوقف، فخبراء التسليح والأمن الموساديين (نسبة للموساد)، والشاباكيين (نسبة للشابك) ينتشرون بين القوات الرسمية الحامية للرؤساء في دول عديدة منها أوغندا والكونغو وكينيا وتنزانيا، وحتى بين عصابات الذهب والماس والمجموعات المتمردة . ومحطات الموساد الثابتة والمتحركة متواجدة في أغلب دول حوض النيل بحجة متابعة النشاط الإيرانى ورصد حزب الله وحماس، ومنها حسب الحجم كينيا وإثيوبيا وإرتيريا وغيرها. وكانت إسرائيل قد ضربت أهداف في شرق السودان في منتصف العقد الأول من الألفية بحجة إنه كان موكب أسلحة كانت في طريقها لغزة، ولم يحرك السودان وقتها ساكنا، بل كانت بينه وبين إسرائيل علاقات سرية، وفضحتها تل أبيب عدة مرات، لكنها كانت تنفيها، فهى كانت تحاصر السودان من كل جانب، ولم تترك له إلا الخرطوم وأم درمان تقريبا، فكانت السودان بالنسبة لإسرائيل هدفا مهما لأنها كانت العمق الاستراتيجي لمصر خلال حربها معها، ولأنه كانت أغلب مراكز التدريب ومخازن الطائرات المصرية في السودان. لكن في المقابل ، وبعد ذلك بعقد تقريبا ، كان للسودان دورر كبيرا في عملية موشيه الكبيرة، التى تم خلالها تهجير عدد كبير من يهود الفلاشا لإسرائيل بحجة المجاعات والاضطهاد، ومقابل ذلك نعمت السودان ببعض الهدوء لسنوات ثم إنقلب البشير وصعد الإخوان للحكم لمساعدتهم لإسرائيل في خطة تدمير السودان، وساءت العلاقات مع مصر من ناحية، والسودان وإثيوبيا من ناحية، حتى وصلت لمحاولة إغتيال مبارك، التى كانت علامة فارقة في علاقاتنا بحوض النيل . ومعلوم للجميع أن إسرائيل لعبت دورا كبيرا جدا في ملف سد النهضة ، مستغلة الاهتزازات التى تعرضت لها المنطقة ومصر بالذات بعد فوضي يناير، وكانت مساعداتها شاملة، بداية من الفكرة وحتى الرسومات والمشاركة بالتمويل من جهات حليفة لها، وحتى إقامة خطوط الكهرباء من إثيوبيا لكينيا وجنوب السودان، ومن الممكن أن تتحكم اسرائيل في كل شبكة كهرباء الحوض، ومن هنا جاءت أهمية قاعدة برنيس، والتى تدعى قراءات إسرائيلية إنها ستكون معينة لهم لا ضدهم، فبخلاف نقاط تواجد أمنى وعسكرى مصري في چيبوتى وإريتريا، جاءت القاعدة الجديدة لتغير قواعد اللعبة مع التطويرات التسليحية المصرية الجديدة، وبالذات مقاتلات الرفال والسوخوى ٣٥ ، فلا تركز القاعدة الجديدة على استهداف السد الإثيوبي فقط، عكس المسرب ، لدرجة ربط البعض بين افتتاحها الرسمى وتقدمات ما في المفاوضات المصرية الإثيوبية الدائرة في واشنطن، لكن أهدافها أكثر تعقيدا من ذلك فقط ، بأبعاد استراتيجية عسكرية واقتصادية . الأمر في غاية التعقيد مع رمى إسرائيل وحلفاءها كل إمكانياتهم في هذه المنطقة لإرباك مصر، وتحقيق حلم طويل منذ هرتزل وجده بن جوريون وبعده بيجين وبيريز، وها هو نتنياهو يكمل على دربهم، لتوصيل مياه النيل لإسرائيل، وفي المقابل تحاول مصر بكل قوتها وحدها، مواجهة ذلك السيناريو الأسود بتأكيد أننا نريد التنمية والرخاء لكل إفريقيا ، وليس الحوض فقط ، أو مصر فقط. ومن الواضح أن هناك تغير في الرؤية الإفريقية تجاه مصر، لكننا لا ننكر أن أزمة سد النهضة والأزمات الاقتصادية التى تعانى منها دول الحوض، كانت حاكمة في هذا الصراع.. فهل نعيش ليوم تكون فيه إسرائيل الدولة الـ١٢ في حوض النيل ؟!، وهل وقتها سننعم بالهدوء ، حماية للمصالح الإسرائيلية على الأقل ، أم ستكون هذه بداية إنهيار الجميع في خدمة إسرائيل الكبري ، التى يروجونها في كتبهم وخرائطهم وأبحاثهم ؟!.
أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2