رحلة منتصف الليل.. رجل يسافر عبر الزمن

رحلة منتصف الليل.. رجل يسافر عبر الزمنرحلة منتصف الليل.. رجل يسافر عبر الزمن

* عاجل29-5-2017 | 23:28

كتبت: مروة علاء

تدور أحداث رواية "رحلة منتصف الليل" حول مجموعة من طلبة الجامعة، حيث قدم فيها المؤلف الشاب تامر الليثى العديد من الشخصيات الشابة المختلفة فى الطباع والمستويات، وقدمها بلغة سهلة وبسيطة خالية من التعقيدات، فهى اللغة التى نتحدث بها فى حياتنا اليومية.

محمود ذاك الطالب المجتهد فى كلية الهندسة، والمشهور بين الطلبة، بحكم تفوقه الدراسى وحصوله على لقب الطالب المثالى لعامين متتاليين، بجانب فوزه بجوائز علمية فى معرض كليات الهندسة السنوى.

إنه ابن الرجل الثرى"أنور عبد الدايم"، صاحب أكبر مصانع النسيج، ويسكن بالقرب منه "ممدوح" ابن الدكتور "أحمد لطفى"، وهو صديقه من أيام الطفولة، وجاره وزميله فى نفس الكلية، وهو ذو طبيعة خجولة تحوله دون التقرب من "سامية" الطالبة فى الهندسة المعمارية، الحائزة على ملكة جمال الجامعة والطالبة المثالية.

للأسف عطله خجله وعدم ثقته بنفسه عن مصارحتها، ويساعده صديقه محمود فى التقرب منها.

لممدوح أخت واحدة تصغره فى السن "هناء"، التى حققت حلم والديها فى الالتحاق  بكلية الطب، ويحاول ممدوح من خلالها التقرب لسامية.

أما محمود فلديه أخت متزوجة وهى "سعاد"، وأخ أصغر  منه وهو"عاطف"، ورغم العلاقة الوطيدة بين محمود وممدوح إلا أن طبيعتهم مختلفة، فممدوح يعيش غارقا فى الرومانسية والعشق بجانب تفوقه الدراسى، أما محمود فهو شخص واقعى شغوف بالعلم والأبحاث والاكتشافات، ويقضى حياته فى اختراع موتور سيحدث ثورة فى عالم المحركات.

فى الربع الأول من القصة كشف الكاتب عن التجربة التى يعد لها محمود منذ دخوله الكلية، ألا وهى السفر للمستقبل عن طريق ابتكاره لمحرك بقوة دفع هائلة تتفوق على سرعة الصوت والضوء، وربط ذلك بحركة النجوم ليحقق معجزة كونية فلكية للتنقل عبر الأزمان للمستقبل.

تلك التجربة، التى لم يطلع عليها أحد سوى صديقه المقرب الوحيد ممدوح، واستطاع أن ينفذها أمامه بعيدا عن أعين الجميع.

تتصاعد الأحداث لينجح  محمود فى السفر للمستقبل من خلال  تجربته الناجحة، ويتخطى 44 عاما حتى وصل إلى 2010، وقبل سفره بيوم اشترى محمود بكل أمواله ذهبا تحسبا لاختلاف العملة فى الزمن الآخر، واقتداء بقصة أصحاب  الكهف.

كانت دهشة بطل القصة من أسرار جمال هذا الجزء..

عشنا مع محمود رحلته منذ بدايتها عند سفح الأهرامات لينطلق إلى زمن آخر، وكأننا انتقلنا معه، ونعيش معه كل لحظة، بداية من دهشته من الزحام الشديد، وهذا ما لم يعتد عليه فى زمنه، استغرابه من اختلاف الأسعار وأسماء المحال التجارية، ماركات السيارات، التليفون المحمول، كلها أمور غريبة عليه، وكأنه مولود توا.

وفى نفس اللحظة التى يكتشف فيها محمود هذا الزمن..

كانت هناك شخصية أخرى وهى"دينا"، الطالبة فى كلية الهندسة شعبة ميكانيكا..

"دينا" فقدت أسرتها والدها ووالدتها وشقيقها الأصغر فى حادث سيارة منذ ثلاث سنوات، وكانت هى الناجية الوحيدة من الحادث، وانعكست الحادثة على شخصيتها وأكسبتها قوة ومقدرة كبيرة على الاعتماد على ذاتها، ولكن علاقاتها الاجتماعية محدودة، فلديها صديقة واحدة مقربة هى"دنيا"، طالبة بكلية الإعلام، وابن عمها "أحمد" أخو دنيا وتعتبره دينا أخا أكبر لها، ويسكنون جميعا فى نفس المنزل المكون من خمس طوابق.

وفى الوقت الذى يذهب فيه محمود إلى جامعة القاهرة مندهشا من أعداد الطلاب التى لا تقارن بأعدادهم فى زمنه، كانت دينا فى الجامعة لحضور أحد المحاضرات، وما إن تلاقت عيناهما للحظات حتى توقف الزمن بمحمود.. الذى اتسعت عيناه فرحا عندما اكتشف أنها فى شعبة ميكانيكا، وأنهى جولته الاستكشافية بالجامعة، وكأنه يقارن بين مشاهد مسجلة فى ذهنه ومشاهد حالية.

وانتهز محمود الفرصة ليتبادل التعارف هو ودينا، وأقنعها أنه طالب فى هندسة جامعة الإسكندرية الفرقة الثالثة، وساعدته دينا فى دخول المكتبة للاطلاع على أحدث الدراسات العلمية، فتوطدت العلاقة بينهما، بعد أن انبهرت بثقافته وعلمه الواسع، وقبل ختام أول أيام رحلة محمود للمستقبل، فوجئ بخبر وفاة صديقه ممدوح، الذى أصبح دكتور بالكلية فى ورقة معلقة على حائط الجامعة، وكانت صدمة كبيرة له بفقدانه خيطا مهما، كان من الممكن أن يدفعه للبقاء فى هذا الزمن.

وعند ذهابه لسرادق العزاء فوجئ بما حدث خلال الـ44عاما، فلقد تزوج ممدوح بمن أحبها "سامية" وأنجب ولدا أسماه على اسمه "محمود".

وتتصاعد الأحداث عندما تشك دينا فى محمود، بعد أن ارتابت من جهله بتاريخ حرب أكتوبر والنكسة وتوهمت بأنه جاسوس ولكنه أخبرها بحقيقته، وأنه جاء من زمن آخر لكى يفوز بمساعدتها، لم تصدق دينا أن هناك رجل يسافر عبر الزمن إلا بعد أن أعطاها محمود مفكرته الخاصة، التى سجل فيها كل ما يخصه والطريقة التى جاء بها إلى هذا الزمن.

قرأت دينا ما كتبه وعن ما يشعر به تجاهها من اهتمام وحب، وتباينت مشاعرها ما بين الفرحة والرهبة والحيرة، وهى التى دوما تمنت أن تعيش فى الماضى مع رجل من الماضى، حيث الرومانسية والبساطة، كما أنها من الشخصيات التى لا تؤمن بالمستحيل.

صدقت دينا كلام محمود، ووقتها طلب منها مساعدته فى إعادة تصميم المحرك واستبدال أجزاء منه بما هو أحدث، آمنت دينا بتجربته ووافقت على مساعدته وشعر محمود معها بالطمأنينة..

ونجحت فى توفير مكان آمن لمحمود يعيش فيه، وهو فى الطابق الذى يعلوها مباشرة، بعد أن كان ينام فى سيارته، ووفقا لمعادلة محمود الرقمية فإن تاريخ عودته إلى زمنه قد اقترب، وأى تأخير أو تبكير فى عودته قد يعرضه للتأخير لسنوات، ما جعل دينا تسهر ليلا ونهارا للتركيز فى التصميم الجديد للمحرك.

وفى تلك الأثناء كانت دينا تساعد ابن عمها أحمد فى التقرب من مى صديقتها، التى يحبها مثلما كان يفعل محمود مع صديقه ممدوح، كما أن الصفات المشتركة بين دينا ومحمود جعلته يقول إن التاريخ وأحداثه تتكرر على فترات، وبقى لمحمود ثلاثة أيام فقط، وطول تلك الفترة كان يعقد المقارنات بين الماضى والحاضر، وحاول أن يستغل التكنولوجيا فى إجراء عملية تصحيح إبصار له.

واستوعب محمود استخدام اللاب توب والهاتف النقال والإنترنت، ورغم مميزات العصر الحديث إلا وقد عرض الكاتب ما فى هذا الزمن من فرق وزحام وتردى الذوق العام وكثرة عدد اللصوص وارتفاع الأسعار.

ولقد اقترب موعد رحيل محمود، ونجحت دينا فى تطوير اختراعه ليتمكن من التجول والعودة والسفر بحرية وليثبت نجاح تجربته بعدما يعود لزمنه، ومرت بعدها الساعات بين محمود ودينا يتجولا معا فى أماكن تحمل عبق التاريخ مثل برج القاهرة وحديقة الحيوان.

ومع شروق شمس آخر أيام رحلة محمود إلى المستقبل كان محمود يقضى الساعات أمام الإنترنت يدون الملاحظات وينقل ما قد يساعده لاكتشافات ونظريات لم تظهر بعد فى زمنه، وعندما حان وقت الرحيل اقترب من دينا وبصوت خافت قال لها: "ها فضل حواليكى فى كل وقت ممكن فى حلم من أحلامك أو فى خاطر يمر على بالك"، ثم انطلق بسيارته ليشق سكون الليل بصوت محرك سيارته، ووصل محمود إلى طابور الكمين، ولم يتبق سوى ربع ساعة على منتصف الليل، وهو وقت يكفى بالكاد ليصل للأهرامات وإلا فعليه الانتظار ربما لسنة أو ما يزيد.

وبين قلقه وتوتره وتوقف الطابور اتخذ قرار الهروب من الكمين وطاردته الشرطة، ولكنه نجح فى الوصول لمنطقة الأهرامات فى الوقت المناسب للسفر، ليفيق محمود ليجد نفسه فى المشفى مصابا بارتجاج بسيط سبب له غيبوبة لثلاثة أيام، وبجواره وجد والدته وصديقه ممدوح، ولقد نسى محمود  تفاصيل رحلته التى استمرت لأسبوعين.

وسأل ممدوح عما حدث فقال له إنه نفذ ما طلبه منه بإبلاغ الشرطة إذا تأخر عن العودة أسبوعا، ومن ثلاثة أيام فقط وجدوا محمود فى منطقة الهرم فى غيبوبه، إلى أن تعافى محمود وخرج من المشفى ولقد تم إغلاق ملف التحقيق فى حادثته.

وظلت دينا تمنى نفسها بمجىء محمود إليها ليعيشا سويا فى أى من الزمنيين، وفى اليوم المحدد لمجىء محمود فى عام 2011، انتظرته بعد منتصف الليل، ولكنه لم يأت، وازدادت حالة دينا النفسية سوءا، فعرفت صديقتها الوحيدة سرها مع محمود، وظلا سويا يبحثا عن محمود، ولم تجد له أثر فى الجامعة كأستاذ، ولكنها تذكرت أنه قد يكون التحق بالجيش، وأمنيته فى دخول الفنية العسكرية.

فى نهاية

ومن هنا ساعدتها دنيا كصحفية فى إجراء تحقيق عن بانوراما حرب أكتوبر، التى بها أسماء الضابط والجنود الذين شاركوا فى الحرب، وبالفعل وجدت أنه واحد من الضباط المفقودين، الذين شاركوا فى عملية فدائية، ولم تكتف دينا وابنة عمها بذلك بل ذهبت إلى سامية زوجة المرحوم ممدوح، وعرفت منها أن محمود قد تغيب لمدة عشر أيام، عاد بعدها بتصرفات غريبة، وكان يتوقع الأحداث قبل وقوعها ويشعر وكأنه عاشها من قبل، وأنه وصف صورة فتاة فى مخيلته ورسمتها له سامية والصورة فى منزل عائلته.

وتأكدت الفتاتين من معلومة استشهاده، وعرفت منها أن عاطف أخو محمود أنجب ولدا شبيها لعمه وأسماه محمود أيضا، وهو ضابط جيش ويخدم فى البانوراما، وفزعت دينا عندنا رأته فهو نسخة من عمه ويحمل نفس ملامحه.

وفى هذا الوقت، عرفت أن محمود الذى استطاع أن يقفز إلى المستقبل عاد إلى زمنه دون أن يتذكر شيئا مما شاهده حتى أنه طلب من ممدوح أن يترك التدخين دون أن يتذكر أنه كان سبب من أسباب موته فى المستقبل، وظلت دينا تنزل سرا إلى سيارة والدها المركونة فى الجراج من بعد الحادثة وأجرت عليها التعديلات حتى طورت من الموتور مثلما فعلت فى السابق مع محمود، وهنا انتقلت إلى زمن آخر هو زمن وقوف محمود مع أصدقائه ممدوح وساميه عند باب السينما، لتتعرف عليه ليبدأوا رحلة أخرى سويا.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2