إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: «بيقولك!!»

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: «بيقولك!!»إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: «بيقولك!!»

* عاجل15-4-2020 | 13:20

أكثر كلمة يتم استخدامها هذه الأيام هى كلمة "بيقولك".. وفى الغالب الأعم تستخدم فى الأحاديث التى لا تنقطع عن فيروس كورونا المستجد.. بيقولك فيه ثلاثة عندهم كورونا فى العمارة الموجودة فى آخر الشارع.. بيقولك فيه ثلاثة دكاترة وعشرة ممرضين جالهم كورونا فى مستشفى كذا.. بيقولولك مدينة كذا تم عزلها بسبب الكورونا.. بيقولك الكورونا ضربت قرية كذا بالكامل.. بيقولولك الصين هى اللى اخترعت فيروس كورونا.. بيقولك الأمريكان عملوا الفيروس فى المعمل علشان يضربوا اقتصاد الصين.. وهكذا تسبق كلمة "بيقولك" أو "بيقولولك" كل حديث عن فيروس كورونا. وليس معنى ذلك أن الهدف من استخدامها واحد.. فالحقيقة أن مستخدمى هذه الكلمة وإن كانوا جميعًا ينتمون لقبيلة "بيقولك".. لكن لكل واحد منهم هدفه وأسلوبه.. مثلا هناك من يستخدمها بنبرة يملأها الخوف.. وهو يتمنى لو أنك كذبته فيشعر بالاطمئنان.. وهؤلاء عادة لا يقدرون على التمييز بين الحقائق والشائعات. وهناك من يستخدمها لأنه يعشق هواية نقل الأخبار السيئة للآخرين.. ويزيد استمناعه بما يفعل كلما ظهرت على وجهك ملامح الخوف والرعب.. وهؤلاء يصل الأمر بهم لاختراع الأخبار السيئة كما أنهم يعشقون العيش فى أجواء الحزن والمآسى والميلودراما.. وينتمى أصحاب هذه الفئة من أبناء قبيلة بيقولك إلى مدرسة فلسفية خاصة تقول.. أنا حزين.. إذن أنا مكتئب.. إذن أنا موجود(!!!) ويتعامل هؤلاء مع المتفائلين وكأنهم أعداء!.. ويحاولون بما ينقلوه من أخبار مفزعة حتى لو اخترعوها.. يحاولون ضمهم لصفوف المتشائمين.. ويتمتع أصحاب هذه النزعة بقدرة هائلة على التعبير بوجوههم وأصواتهم فتظهر على وجوههم تعبيرات الحزن ويمتذج صوتهم بنبرة المأساة.. وهناك نوعية أخرى من مستخدمى الكلمة من الذين يشعرون بسعادة بالغة إذا ظهروا أمام الآخرين عالمين ببواطن الأمور.. وهؤلاء يستخدمون الكلمة وينطقون ما يعقبها من أخبار ومعلومات بثقة وكأنهم متأكدين من صحتها تمامًا.. ويتشابه مع هذه النوعية من مستخدمى بيقولك.. نوعية أخرى يحاولون إشباع رغبتهم فى امتهان الصحافة! وهؤلاء يتقمصون دور الصحفى ويشعرون بسعادة بالغة عندما يقومون بتوزيع أخبارهم على أكبر عدد ممكن من الزبائن!.. وتكون كلمة بيقولك فى هذه الحالة هى الكلمة السحرية التى يتحولون فيها إلى صحفيين ويتحول غيرهم إلى قراء!.. وعادة لا يكتفى أصحاب هذه النوعية بالكلام ولكنهم متفرغين تقريبًا لإعادة إرسال كل ما يصلهم من أخبار وشائعات على تليفوناتهم المحمولة إلى تليفونات كل من هم يعرفوه.. ويحرصون أن يفعلوا ذلك بسرعة فائقة.. فالصحفى الشاطر هو من يسبق غيره وينشر الأخبار!.. وليس من الصعب تمييز كل نوعية من نوعيات أبناء قبيلة "بيقولك"! على سبيل المثال إذا لم يتمسك من يبدأ روايته بكلمة بيقولك بروايته.. عندما تقنعه بأن كلامه لا يتفق مع المنطق أو قمت بتصويب معلوماته.. إذا لم يتمسك بروايته فهو ينتمى لهذه النوعية التى ليس لها هدف إلا تحفيزك لبث روح الطمأنينة فى نفسه! أما إذا تمسك صاحب العبارة التى تبدأ بكلمة بيقولك بروايته.. وجعل من تعبيرات وجهه الجادة الحزينة حائط صد ضد من يكذب روايته.. فهو من نوعية هؤلاء الذين يؤمنون بفلسفة أنا حزين إذن أنا مكتئب إذن أنا موجود!.. وسوف تكتشف ذلك أيضا إذا سألته عن نوعية الأفلام التى يفضل مشاهدتها فيخبرك بأنه يعشق الأفلام من نوعية البؤساء ويكره الأعمال الكوميدية!.. وأما هؤلاء الذين يعشقون الظهور بمظهر العالمين ببواطن الأمور.. فهؤلاء يتمسكون بروايتهم حتى لو قمت بإحراجهم.. فإذا سألتهم بسخرية.. هما مين اللى بيقولوا.. تجاهلوا ما يحمله سؤالك من سخرية وإهانة وردوا عليك قائلين: لى ابن خالة يشغل منصب حساس فى مجلس الوزراء.. أو قريبى طبيب بمستشفى الحميات.. أو غيرها من الإجابات التى لا تستطيع أن تنفيها أو تثبتها!.. أما إذا كان مستخدم كلمة "بيقولك" من نوعية غاوى الصحافة.. فهؤلاء يحاولون التصرف وكأنهم صحفيين محترفون عندهم مصادرهم الخاصة التى يحصلون منها على الأخبار.. فإذا سألت هؤلاء عن الذين "يقولون".. تجدهم يبتسمون بطريقة مصطنعة وتظهر على وجوههم أعراض التواضع ويحاولون الإيحاء بأنهم لا يستطيعون الكشف عن مصادرهم.. باعتبار أن من حق الصحفى عدم الكشف عن مصدره (!!!) ويبدو أن مصطلح بيقولك أو بيقولولك ليس اختراع مصرى ولا يقتصر استخدامه على المصريين وحدهم.. وإنما هو مصطلح يستخدمه أهل الشرق عموما أو أصحاب لغة الضاد.. من أشهر شعراء الغزل العرب قيس بن الملوح المعروف باسم مجنون ليلى.. رغم أن ليلى هذه كانت حبشية.. لكن ليس ذلك هو موضوعنا وإنما أتحدث عن واحدة من أشهر قصائده التى كتبها فى عشق ليلى. يقولون ليلى فى العراق مريضة.. ألا ليتنى كنت الطبيب المداوى!.. ويمضى المجنون فى قصيدته الطويلة يعبر عن عشقه وولهه وقلقه على ليلى.. كل ذلك اعتمادًا على أشخاص "يقولون" لم يتثنى له التأكد من صحة كلامهم! يا أبناء قبيلة بيقولك.. ارحمونا يرحمكم الله!
أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2