عاطف عبد الغنى يكتب: ولادة جديدة

عاطف عبد الغنى يكتب: ولادة جديدةعاطف عبد الغنى يكتب: ولادة جديدة

*سلايد رئيسى17-4-2020 | 11:21

فيما كانت النخبة المثقفة المصرية مشغولة الأسبوع الماضى بتحليل مقال الثعلب اليهودى الأمريكى هنرى كيسنجر المنشور فى دورية «وول ستريت جورنال» والذى حمل عنوان: «جائحة كورونا ستغير النظام العالمي للأبد»، لتثبت هذه النخبة مجددا أنها منفصلة عن السواد الأعظم من الشعب والحكومة، اللذان يقفان فى خندق المقاومة للظروف التى فرضها علينا القدر مرة بمحنة جائحة كورونا، ومرة بتخلى النظام العالمى الرأسمالى الجائر عن مسئولياته، فيما كان يفرض على الدول والشعوب النامية فى الأوقات العادية إملاءاته التى تخدم مصالحه باعتباره وصيًا على العالم.

(1)

خلال الأسبوع الماضى وما قبله من أسابيع قريبة، كان هم الدولة المصرية وفى القلب منها الحكومة، والشعب، بقيادة الرئيس السيسي توفير لقمة عيش وغموس الغلابة من الفقراء غير المنتظمين فى العمل، أو ممن نسميهم فى الإعلام بالعمالة المؤقتة. وكانت الدولة مهمومة أن تقنع السواد الأعظم من شعبها أن مكافحة انتشار «كورونا» اللعين أمر جد خطير، ويستلزم أن نأخذه بمزيد من الجدية، والحرص. وكانت الدولة وذراعها الإعلام الوطنى (القومى والخاص) مهمومة بأن تواصل ثبات الأداء على كل المستويات وأن تترجم هذا إلى ثبات انفعالى، وتنقله إلى المصريين فلا يأخذهم الخوف من «كورونا» أبعد مما هو مطلوب لمكافحة انتشارها، والحد من نقل العدوى، أو يقل إحساسهم بالخطر إلى حد الاستهتار والإهمال المؤديان إلى الكارثة.

(2)

الحكومة الضلع الثالث فى مثلث الدولة كانت فى حالة طوارئ دائمة تعمل على دعم قطاع الصحة بأكثر من طاقتها لمواجهة الظروف الآنية وما قد يستجد من تطورات فى جائحة كورونا، ومتابعة المصريين فى الداخل والخارج، لتأمينهم، وتحصينهم من العدوى وعلاج من تنتقل إليه تلك العدوى. كانت الحكومة مهمومة بتوفير الغذاء، وضمان الاحتياطى الاستراتيجي منه، وضبط الأسواق حتى لا ينتهز الجشعون من التجار الأزمة برفع الأسعار كسابق عهدهم، ونستطيع أن نؤكد أنها نجحت إلى حد كبير فى هذه المهمة على الرغم من تكالب البعض واندفاعهم إلى الشراء والتخزين، يستوى فى ذلك متوسطو الحال مع الأغنياء، وقد أصبح حلم كل ربة أسرة مصرية الآن أن تقتنى «ديب فريزر» تجمد فيه اللحوم، وتخزّن فيه محاصيل الفصول من الخضار والفاكهة لغير مواسمها. كانت الحكومة المصرية مشغولة بدعم عدد آخر من العاملين فى القطاعات المختلفة غير الحكومية، من الصناعة، والسياحة، والزراعة، وحتى الأنشطة المرتبطة بالثقافة مثل صناعة النشر، وكذا المشروعات الخاصة، التى سوف يؤثر فيها بشدة الإجراءات الاحترازية وتقليل ساعات العمل، والحركة فى الشارع مع الحظر المفروض، وغلق الحدود، وتعطيل حركة الطيران، وغيرها. وكانت الحكومة المصرية، فى ذات الوقت، مشغولة بالرد على سهام الدعاية المسمومة الموجهة للدولة المصرية من جماعة الإخوان الإرهابية وأذنابهم فى الداخل، ومواصلة وسائل الإعلام المغرضة المدعومة من قطر وتركيا حربها ضد مصر من الخارج لقلب كل الحقائق، وتشويه كل الإنجازات والبطولات، لسد طاقة الأمل، وإطفاء كل الشموع لفرض الظلام الذى تعمى فيه الأبصار وتعم الفوضى.

(3)

وعلى الرغم من كل تلك التحديات كانت الحكومة حريصة ألا تتوقف عجلة الإنتاج الصناعى، وألا يتباطأ النمو الاقتصادى بمعدلات كبيرة، أو يتعطل العمل فى المشروعات الكبرى، مشروعات الحلم المصرى الذى سيصل بمصر لأن تكون واحدة من أكبر 5 اقتصاديات فى العالم خلال سنوات وجيزة، بشهادات الخبراء والمراقبين من الخارج، وليس الداخل. كان هذا يحدث بينما يتنصل عدد من مليارديرات مصر من الظرف الراهن، ويعلنون أن إلههم هو المال والربح، ولو على حساب الأرواح وسقوط الضحايا، ملقين كل التبعة على الحكومة والدولة.

(4)

وفى مقابل هؤلاء كانت هناك معزوفة أخرى للحن نبيل خرج من قلب البسطاء، ومنهم رجال أعمال، مليونيرات، وموظفون لا يملكون إلا رواتبهم، كوادر فى أحزاب سياسية، وشباب لا يمارس السياسة، طلاب جامعات، وثانوى وربات بيوت، انخرط جميعهم فى مبادرات رائعة بقدر ما استطاعوا لمساعدة المحتاجين، والمعوزين، من الفقراء خلال الأزمة. هؤلاء الخيرون الأطهار الذين لا يبحثون عن شهرة، ولا جاه، هم الطليعة الحقيقية، والمخاض الذى سوف يخرج من رحمه المجتمع المدنى المصرى القادم، ويسفر إن شاء الله عن مولود جميل حقيقى بعيدا عن التشوهات التى سادت التنظيمات والجمعيات الأهلية - فى السنوات الغابرة - التى تاجرت بآلام المصريين، وسلّعت قضايا الفقراء، والعشوائيات، وتاجرت بأطفال الشوارع، واليتامى، بمعاونة مجموعة من الموظفين معدومى الضمائر، كانوا مسئولين عن مراقبة وحساب جمعياتهم، فانضموا لهم، وتحولوا معهم إلى لصوص، وأكلوا أموال اليتامى والمساكين. ومن هنا وبغض النظر عن النظام العالمى القادم، غربى أم شرقى، أراهن على مصر التى سوف تولد من قلب هذه الأزمة، أجمل، وأنقى، برجالها ونسائها وشبابها النبيل، وقيادتها الواعية.
أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2