عاطف عبدالغنى يكتب: الخيال والحقيقة فى مسألة وجود إسرائيل وزوالها !

عاطف عبدالغنى يكتب: الخيال والحقيقة فى مسألة وجود إسرائيل وزوالها !عاطف عبدالغنى يكتب: الخيال والحقيقة فى مسألة وجود إسرائيل وزوالها !

*سلايد رئيسى8-5-2020 | 15:48

فى أساطير الصهيونية المقدسة أن مملكة الرب سوف تقوم على أرض فلسطين المحتلة، لكن بشرطين الأول إعلان ظهور المسيح المخّلص، والثانى أن ينزل المعبد اليهودى من السماء، ولا يجب أن يحدث هذا بيد الإنسان؛ لأنه سوف يغضب إله إسرائيل، لكن الصهاينة من تيودور هرتزل إلى بنيامين نتنياهو لم ينتظروا، فقاموا وبادروا بتحويل الأساطير والخيال إلى أفعال.. وغالبا هذا ما أزعج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى ومن ورائه من مسلسل «النهاية».. العرب صاروا أيضا يفكرون ويتخيلون زوال إسرائيل من الوجود، حتى ولو كان فى مسلسل درامي، وقد يأخذهم الخيال إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى المبادرة بالفعل حتى ولو أصبح بين اليهود وإعلان مملكتهم خطوة. (1) وقد عادت لإسرائيل شهوة ابتلاع الأرض العربية التى احتلتها عقب حرب 67، بإعلانها ضم الجولان، قبل شهور، والتأكيد والاتفاق بين نتنياهو وخصمه السياسى بينى جانتس، زعيم ائتلاف «أزرق أبيض» قبل أيام على إصدار قرار بضم جور الأردن وشمال البحر الميت، حال اتفاقهما على تشكيل الحكومة، والتقاسم الزمنى لرئاستها لمدة الحكم القادمة، يحدث هذا مع استمرار العمل على تهويد كامل مدينة القدس، والضغط لطرد الفلسطنين أينما وجدوا واستبدالهم بالمستوطنين، وفى المستقبل القريب تفريغ الضفة الغربية من أهلها الفلسطينيين، ودفعهم خارجها باتجاه الأراضى التى تراهن إسرائيل على إعلانها شبه دولة للفلسطينيين، وفى هذا الصدد هناك أكثر من سيناريو، منها ما هو معلن، ومنها ما سوف يتكفل التاريخ بالكشف عنه مستقبلا، بعد أن تترسخ الأوضاع على الأرض، وهذا دأب الصهاينة فى تعاملهم مع العرب، فى سلوك متوارث لأجيالهم التى شرعت منذ ما يقرب من قرن ونصف لتجعل من فلسطين وطنا يهوديا عنصريا، لا يقبل دينا ولا جنسية أخرى للسكن معهم فى احتلال فلسطين. (٢) وقبل أيام قليلة، عرفت لأول مرة بأمر وثيقة شبه مجهولة، فى تاريخ قيام إسرائيل، ويشار إليها باسم «وثيقة كامبل»، أو «وثيقة بانر» نسبة إلى اسم رئيس الوزراء البريطانى هنرى كامبل بنرمان  (Campbell Bannerman Henry)، الذى كان يحكم بريطانيا العظمى عام 1907، وهو العام الذى صدرت فيه الوثيقة ترجمة لمخرجات «مؤتمر لندن الاستعماري» الذى انعقد سراً فى العاصمة البريطانية لندن على مدار عامين من ١٩٠٥ إلى ١٩٠٧. وقبل هذا المؤتمر كانت الحركة الصهيونية فى الغرب قد حققت نجاحات، بإقناع السياسيين وأصحاب القرار بالتعاطف معهم فيما يخص مشروع إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، وكان الصهاينة يدركون أنه لن يكتب لهذا المشروع النجاح إلا برعاية دولة كبرى وتحت حمايتها، لذلك كان عليهم أن يعرضوا مشروعهم على الاستعماريين فى ضوء المصالح التى يمكن أن تجنيها تلك القوى الاستعمارية الكبرى، وراهنوا على بريطانيا لأنها تحتل فلسطين وعدد غير قليل من الدول العربية، وعلى رأسها مصر. ويشير التاريخ إلى أن مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل، التقى رئيس الوزراء البريطانى جوزيف تشمبرلن عام 1902، وقال له: إن قاعدتنا يجب أن تكون فى فلسطين التى يمكن أن تكون «دولة حاجزة» بحيث تؤمن المصالح البريطانية. وفيما بعد رفع مؤتمر «لندن» المشار له آنفا توصياته إلى رئيس الوزراء البريطاني، هنرى كامبل بانر، تتضمن التوصية الآتية: « إن إقامة حاجز بشرى قوى وغريب على الجسر البرى الذى يربط أوروبا بالعالم القديم، ويربطهما معاً بالبحر الأبيض المتوسط، بحيث يشكل - فى هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس - قوة عدوة لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها؛ هو التنفيذ العملى العاجل للوسائل والسبل المقترحة». (٣) قليل من المؤرخين العرب شككوا فى وثيقة بانر لأنه لا وجود أصل لها فى أرشيف الوثائق البريطانية، مثلهم فى ذلك، من شككوا فى وجود بروتوكولات حكماء صهيون، لكن يبقى هذا التشكيك محصورا فى الأوساط العلمية، بينما يؤكد الواقع، وما يحدث على الأرض ما هو مكتوب على الورق بتطابق تام، وقد مارس الصهاينة على السياسيين فى أوروبا وبريطانيا، كل ما يخطر، وما لا يخطر على البال من ضغوط، حتى توصلوا لإصدار وعد بلفور بعد ما يقرب من عشر سنوات من تاريخ وثيقة بانر، فكان هذا الوعد الخطوة الحقيقية التى مهدت فيما بعد لإصدار قرار تقسيم فلسطين بين المهاجرين اليهود الأقلية الذين توافدوا عليها فى عمليات منظمة، والعرب، أصحاب الأرض، وهو الذى دفع بريطانيا لأن تلغى الانتداب، تمنح الصهاينة فرصة إعلان دولة الكيان الصهيونى عام 1948، وساعدت العصابات المسلحة الصهيونية بالسلاح والعتاد والقرارات ليحتلوا مزيدا من الأرض ويتفوقوا على العرب مجتمعين فى حرب 1948. وهكذا أصبحت إسرائيل أمرا واقعا منذ هذا التاريخ. (٤) وفى تاريخ نشر هذا المقال فنحن نتحدث عن دولة اكتملت فيها البنى التحتية، ومع الإقرار بالتقدم العلمى والتقنى وامتلاك القوة العسكرية، هل يمكن أن تزول هذه الدولة، فى غضون المائة عام القادمة، وفى سيناريو آخر يبتلع الجيران هذا الكيان، أمر ليس مستحيل على التحقق، لكن بشروط هى أيضا ليست مستحيلة. .. وللكلام بقية.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2