إسلام كمال يكتب: حتى نمنع أسرلة الشرق الأوسط!

إسلام كمال يكتب: حتى نمنع أسرلة الشرق الأوسط!إسلام كمال يكتب: حتى نمنع أسرلة الشرق الأوسط!

* عاجل17-8-2020 | 13:03

فصول توابع التطبيع الإماراتى الإسرائيلى، لن تتوقف بسهولة، والشرق الأوسط قبله لن يكون كبعده..ورغم أن الصغير والكبير والقاصي والدانى، كان يتوقع أن نصل لمحطة الإعلان الرسمى للتطبيع الخليجى الإسرائيلي الكامل، إن آجلا أو عاجلا، إلا إن الوصول لها، في حد ذاته، وضع معقد، بإسقاطاته المختلفة. وأقول لمن لاتزال الصدمة تشلهم، هذه مجرد صدمة من صدمات عالم ما بعد كورونا، الذي طالبت كثيرا بإعداد العدة له في كل الملفات، حتى نكون مسيطرين على الأمور فيه، ولا نترك أنفسنا تحت التهديد، كما يخطط أعداؤنا. للتطبيع الإماراتى، تبعات كثيرة في عدة أبعاد، نرصدها لمواجهتها، مصريا وفلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا، في محاولة لمنع مخطط أسرلة الشرق الأوسط: *لست لأنى مصريا، أتباهى بالموقف الرسمى المصري، الذي كان فوريا تقريبا، مما عكس علم القيادة المصرية بالكواليس، أكثر من أطراف أخرى، أربكتها المستجدات، من الممكن حتى الآن، وهذا واضح في ترقبها للموقف النهائي.. والقاهرة تشدد على الثوابت التاريخية والتى أساسها الأرض مقابل السلام، والتأكيد على الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. *لا يمكن بأى بعد من الأبعاد، تشبيه التطبيع الإماراتى مع إتفاق السلام المصري، فالتطبيع الإماراتى هو أول تطبيع عربي إسرائيلى من نوعه، لأن الإتفاقان المصري والأردنى، يختصان بدول طوق، وطبعا فشلت كل محاولات التطبيع بين سوريا وإسرائيل، رغم إقترابها في عهد باراك لأقصي الحدود، وإتفاقات مدريد وأوسلو والقاهرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لها توصيف خاص بين مجبر ومحتل، وبالتالى فالإتفاق الإماراتى الإسرائيلي لا يمكن القياس بينه وبين سابقيه. *من الأبعاد الخطيرة جدا، لهذا التطبيع، هو الخلاف المتصاعد بين الإماراتيين والفلسطينيين، حيث توافقت السلطة والفصائل الفلسطينية على اعتبار ما حدث بأنه خيانة وبيع للقضية وتطبيع مجانى على حساب القدس المحتلة لصالح إلاسرائيليين، وبالذات نتنياهو، الذي أحرج الإماراتيين والأمريكان بتشديده على عدم إلغاء الضم، فقط الحديث يدور عن مجرد تأجيل ما، والأمر كان كذلك بالفعل، حتى قبل الإتفاق..فيما يتعقد المشهد مع مرور الوقت بسبب تطاولات ما بين مسئولين مقربين من الجانبين الفلسطينى والإماراتي، كل على فضائيات معسكره، وعلى حساباتهم على السوشيال ميديا، ومنها مثلا المواجهات الحاصلة بين ضاحى خلفان قائد شرطة دبي السابق، والقيادى الفلسطيني صائب عريقات، وبالفعل تصاعد الموقف، وتصيدت منه أطراف مختلفة منها إخوان فلسطين وإسرائيل، والذين يتحالفون في تنظيم مظاهرات داخل الأقصي يحرقون فيها صور بن زايد، وأيضا دحلان، في إشارة لخلاف كبير جديد قديم في حركة فتح بين مجموعات أبومازن ومجموعة دحلان الصغيرة جدا، التى يرشح البعض زيادتها، مع المستجدات الأخيرة، وندعو الأطراف الفلسطينية إلى أن تكون ردود فعلها أكثر دهاءا، فلا يكررون ما فعلوها مع صدام خلال حربه الوهمية، ولا ما فعلوه ضد السادات بالانضمام لمعسكر الممانعة، الذي تقريبا يدعم الإتفاق الإماراتى الآن في أغلبه، فالكل بإستثناء مصر تقريبا، يهرول لأحضان نتنياهو حتى لا تطالهم موجات ما يسمى بالربيع العربي، وفق تصورهم المعيب. *دحلان، الذي تتهمه بعض الأطراف الفلسطينية بإنه من تخليق الأجهزة المخابراتية الإسرائيلية، عادت صورته للصدارة بعد بيانه الداعم الإتفاق بين الإمارات وإسرائيل وأمريكا، في الوقت الذي اعتبرت فتح وغيرها من الفصائل الإتفاق الثلاثي، مجرد عدوان ثلاثي جديد، وهاجم الفتحاوية دحلان لأنه انتقد الموقف الرسمى الفلسطينى من الإتفاق، ومرشح هذا الملف لامتدادات أكثر تعقيدا، من شأنها ضرب أواصر فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية كلها، خاصة أن هناك أطراف عربية وغير عربية، تدعم موقف دحلان. *الموقف المصري العام، واضح منذ أول لحظة للجميع، ومحوره الأساسي، دعم الإتفاق بإعتباره يقضي على مشروع الضم الإسرائيلى لأراضي بالضفة وغور الأردن، الذي نجح نتنياهو في إقناع ترامب في إضافتها لما يسمى بصفقة القرن، ورحبت القاهرة بأية محاولة للاستقرار والازدهار في المنطقة، ولذلك كان الجميع متفهم للموقف المصري، ولم ينتقد الفلسطينيون مثلا القاهرة بشكل مباشر على الأقل، وجاء من هنا الحديث حول زيارة مرتقبة لوفد مصري لرام الله وغزة، لتهدئة الأجواء المتصاعدة، سياسيا في الضفة، وعسكريا في القطاع، حيث لا تتوقف الغارات والقصف الإسرائيلى لغزة، رغم حديث السلام، بحجة البالونات المتفجرة! *وتزامن مع ذلك، لكن على النقيض، تتسارع وتيرة الاستعدادات النهائية لتفاصيل الإتفاق واحتفاله، بين دبي وتل أبيب وواشنطن، حيث يصل رئيس الموساد يوسي كوهين مهندس التطبيع الخليجى، ورئيس هيئة الأمن القومى الإسرائيلى مائير بن شبات، قريبا للعاصمة الإماراتية للإتفاق على كل التفاصيل، وقد سبقهما لهناك وفد صحفي وإعلامى إسرائيلى كبير، يبث من تحت برج خليفة، وينشر الصور والڤيديوهات الدالة على الترحاب الإماراتي بالإسرائيليين، وفي المقابل كان العلم الإماراتى يرفرف في ناتنيا شمال تل أبيب، استعداد لأول وفد سياحى إماراتى، وسط رسائل الترحيب الإسرائيلية بالإماراتيين. *مجالات الاستثمارات المنوعة المرتقبة من خلال الاتفاق الثلاثي، ستكون مفيدة للجانبين، ويركز نتنياهو على الترويج للجانب الاقتصادى للإتفاق من السياحة والتكنولوجيا والطاقة والطيران وحتى لقاح الكورونا، لتهدئة المتظاهرين الذين يحاصرون مقره ومنزله خلال الفترة الأخيرة، لتحفظاتهم الاقتصادية على فشله وفساده. *هناك قلق ما من شريحة السياح الخلايحة، التى ستحدث لها تغييرات جغرافية بعد الإتفاق، فهل هذه المجموعات الذاهبة للمنتجعات في إسرائيل، أو حتى سيصلون في الأقصي، كما دعاهم كوشنير، ستخصم من المجموعات التى كانت تذهب للبنان أم تركيا أم مصر أم المغرب أم أوربا، على الأقل في البداية؟! *ومن ملامح المشهد المعقد، كان الموقف السعودى غير المتبلور بشكل كبير، ولا يعرف إن كان لأن العاهل السعودى في راحة استجمام بنيوم، أم لتحفظ ما لعدم إطلاع الرياض على الأمر قبل نضوجه وإعلانه بشكل نهائي، خاصة أن هناك تيارات تذهب في تأويلاتها إلى أنه هناك تنافس كبير بين دبي والرياض خلال الفترة الأخيرة في قيادة الخليج، وهذا ظهر بشكل ما في اليمن بعد دعم كل طرف لمجموعة بين شمال وجنوب، وتأويل آخر يذهب إلى الحرج السياسي الكبير لسلمان من إلغاء المبادرة العربية التى أطلقها الملك عبدالله، بإنفاق يرفع شعار سلام مقابل سلام، لا أرض مقابل سلام، فكان من المنطقى أن تكون الإمارات الفاتحة، وطبيعى أن يأتى دور السعودية قريبا، حسبما أكد كوشنير نفسه، ولم ينفه السعوديون، الذين لم يبدون موقفا رسميا بشكل مباشر من الإتفاق، لدرجة أن الإعلام السعودى بقي لساعات متجاهلا الحدث، حتى راجع الأمر، وبدأ في تغطيات روتينية، في الوقت الذي كانت تروج وتحتفل الفضائية الإماراتية سكاى نيوز عربية، بما اعتبروه إنجازا! *على كل ذلك، فإن الإمارات مضطرة بشكل أو آخر لذلك، رغم عدم اعتراضها أساسا على الخط العام، فكانت من ضمن أول الدول العربية، التى عزف فيها النشيد الإسرائيلى، هى وقطر، وأعلن قبل قليل عن مشروع إماراتى اسرائيلى لتصنيع لقاح ضد الكورونا، لكن الفكرة في التوقيت، التى كانت لدعم الرئيس الجمهورى الأمريكى ترامب، لمعاناته من موقف صعب جدا، كان يؤهله لعدم الاستمرار في البيت الأبيض، ومن الممكن أن يدعمه هذا التغيير بشكل أو أخر، خاصة لو تبع الإمارات، البحرين أو السودان أو عمان أو قطر أو السعودية أو المغرب، كما هو متوقع، ولقد وعدت واشنطن دبي بدعم استثنائي بسبب هذا القرار التاريخى، منه أن تكسر قاعدة التفوق الاستراتيجي في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، ببيع مقاتلات الإف٣٥ لها، وهذه مجرد بداية. *ومن المواقف المهم رصدها، ردود الفعل الإيرانية والتركية المهاجمة بشدة للإمارات، لدرجة تهديد إيران المباشر للامارات باستهدافها بحجة المقاومة، وما لا يعرفه الكثيرون أن الإمارات بها حوالى مليون إيرانى، والتعاملات الاقتصادية بين الدولتين ليست قليلة بالمرة، وهناك مناوشات ساخنة الآن بين الطرفين لم تتجاوز حد التعنيف الدبلوماسي والتلاسنات السياسية حتى الآن، فهل تتجاوز ذلك؟!، غير مستبعد! *ومن الإيرانيين للأتراك، الأمر لا يختلف كثيرا، ففى مفارقة جديدة من مفارقات أردوغان، هاجم الإتفاق الثلاثي، وهدد بإغلاق السفارة التركية في دبي، متناسيا تماما العلاقات المتقدمة جدا بين تل أبيب وأنقرة، وسفارته الكبيرة في تل أبيب، بل والدور التاريخى للأتراك في إيجاد الكيان الإسرائيلي، ونترقب تصعيداته في هذا الشأن، خاصة إنها مرشحة للإستمرار والتجاوز أكثر وأكثر، بعد الدعم الإسرائيلي العلنى اليونان في مواجهة تركيا بمناوشاتهما في شرق المتوسط، لكن السؤال هل يستطيع الاستمرار في مواقفه الدعائية وإغضاب الخليج مع الانهيار الاقتصادى التركي الكبير؟! إجمالا، الموقف بكل تفاصيله، التى استعرضناها وغيرها في غاية التعقيد، ويجب أن نرقب ونتعامل ونواجه، بشكل احترافى وواقعى، حتى لا تشلنا الصدمة، فيحرزوا فينا أهداف جديدة، في الشرق الأوسط الإسرائيلى الجديد!
أضف تعليق

إعلان آراك 2