عاطف عبد الغنى يكتب: «فضحكنا على أنفسنا.. وعلى خيبتنا !»

عاطف عبد الغنى يكتب: «فضحكنا على أنفسنا.. وعلى خيبتنا !»عاطف عبد الغنى يكتب: «فضحكنا على أنفسنا.. وعلى خيبتنا !»

غير مصنف9-9-2020 | 18:51

(1)

صالونات حلاقة الرجال مثل "كوافيرات" السيدات.. أخصب بيئة لاستولاد الكلام، والشائعات، وقد يرى البعض أن بضاعة الكلام فى المقاهى أكثر رواجا، لكن الفارق أن المقهى يضم مجموعات معروفة، ومفروزة لبعضها، أصدقاء أو معارف، أما الأماكن التى تضم أشخاصا بالصدفة، يضيعون وقت انتظارهم فى الكلام، ويكونون غالبا مجهولين بالنسبة لنا فليس من السهل أن نحكم عليهم، ونفهم مراميهم، ونمنحهم بالأخذ والرد عليهم فرصة لنشر ما يريدون نشره وتوصيله لنا ولغيرنا، وقد يحمل كلامهم مغالطات، صغيرة أو كبيرة، أو شائعات، أو تحريض، مبطن أو ظاهر، والسؤال : ماذا نفعل ونحن شعب يحب الكلام؟! هل نغلق صالونات الحلاقة والكوافيرات مثلا ؟! أم نمنع الناس من الكلام؟! والإجابة: لا نفعل هذا ولا ذاك، ولكن نواجه، ونصحح، ونكثف البث والنشر، وأهم من كل ما سبق أن نصنع رسالة إعلامية تنطلق من الحقيقة، وتكشف الزيف، وتكون بسيطة لتصل للجميع، فيها ذكاء، وإبداع ( إبداع وليس تزيدا)، وإذا كانت الحقيقة هى الماء، الذى يطفئ نار الجهل، ونار الشائعات، فهناك أنواع من النيران تحتاج إلى ماء معالج، أو مواد كيمائية، والنيران التى تشعلها الجماعة الإرهابية، تحتاج أيضا إلى ردود غير اعتيادية.

(2)

اقرأ، واسمع كثيرا حديثا للنخب عن شعبية الرئيس المهددة بالتآكل، وإن الرئيس لا يهمه هذا الأمر مقابل القرارات التاريخية التى يتخذها، وأتصور أن هذا الطرح على هذه الكيفية لا يشغل بال الرئيس.. لأن الرئيس بالتأكيد يهمه أن يحبه شعبه، والناس الذين انتخبوه، واختاروه، لكنه فى البحث عن هذا الحب يؤكد فعلا وقولا، أنه لن يخون الأمانة التى أوكلناه إياها.. لن يخون الوطن، ولن يداهن الفساد، ويتعامل معه على أنه أمر واقع لا سبيل لتغييره، ولن يضيع المستقبل مثلما ضاع الماضى القريب، حين ضجت الناس بالشكوى، قبل أن تقع فى فخ دعوات التحريض الضاغط من الخونة، مثل الإخوان وغيرهم وتخرج على النظام فى 25 يناير 2011، بغير هدى، ولا تفكير، "فكدنا نضيع بلدنا".. هذا ما يحاول الرئيس أن يوصله دائما ويفهمّه للناس، للمصريين الوطنيين (ونستثنى منهم الخونة والعملاء) الذين ثاروا - بدافع الغيرة والحب الشديدين لوطنهم - ينشدون الإصلاح والعدالة.. فلما هدأت ثورتهم وعادوا إلى بيوتهم، عاد كثير منهم يمارس الحياة فى سيرتها التى تعودها من قبل، وبالثقافة التى تعود عليها لسنوات طويلة، مثلا مقاول يبنى عمارة فى حارة لا يزيد عرضها عن 8 أمتار، ولا يسمح له الترخيص بارتفاع أعلى من 12 مترا فيقيم برجا ارتفاعه 40 و 50 مترا، مخالفا لكل اشتراطات الترخيص والبناء، ويبنى بدون ترخيص، ليس هذا فقط، ولكن ينجح أن يوصل المرافق لبرجه، كيف؟! من خلال شياطين الإنس فى "الحى"، و"الكهرباء"، و "الصرف" ، هذا فى المدينة. والفلاح فى الريف حاكى ابن المدينة، فبوّر الأرض الزراعية وبنى عليها ليضحك على جاره ويبيع له باقى الأرض بالمتر على أنها أرض مبان، وضاعت الأرض الزراعية، وضاع أولاد الفلاح، فراحوا يهاجرون فى مراكب الموت بحثا عن المستقبل.. من يستطيع أن يقول للناس إن هذا فساد يجب أن نوقفه، ونعدل المسار؟!.. والدولة تبنى البيوت وتملّكها للناس، لتنقلهم إلى حياة جديدة يتمتعون فيها بوجود بيئة نظيفة صحيا، واجتماعيا، وثقافيا، هم وأولادهم، لكن العشوائى فى الريف والحضر الذى بنى بيتا على 50 أو 60 مترا مغتصبة من أملاك الدولة، أو الأرض الزراعية، أو تحت كابلات الضغط العالى، يريد أن يبقى مكانه، بدعوى أنه فى بيته، وسوف "يعليه فى المستقبل لأولاده"، هذا كلام سمعته من واحد منهم، أما الحقيقة فقد رأيتها بعينى فى السنوات الماضية، العشوائى أنجب أورطة عيال وتركهم مثل الهوام والأنعام، يشبون بين أكوام الزبالة والحشرات، والبانجو، ويصاحبون على علولة وسيكا وميكا "الصيع"، وتحولت مأساة حياتهم إلى "افيهات" أطلقها اللمبى وهنيدى فى أفلامهما فضحكنا عليها، والحقيقة أننا نضحك على أنفسنا، وعلى خيبتنا.

(3)

أحدث بيان لرئيس الوزراء قبل كتابة هذا المقال قال فيه: "فقدنا ٤٠٠ ألف فدان بسبب البناء المخالف، ومن ٢٠١١ حتى الآن فقدنا ٩٠ ألف فدان زراعي، مشيرا إلى أن تكلفة استصلاح فدان على الدولة في الصحراء من ١٥٠ ألفا إلى ٢٠٠ ألف جنيه، مشيرا إلى أنه من الثمانينيات حتى الآن فقدنا حوالي 18 مليار جنيه". هل ما سبق يكفى ليقتنع المخالف أنه مخالف ويتصالح على مخالفته؟! ليس كافيا، الناس تحتاج إلى شروحات كثيرة فنية، وقانونية وهندسية، واجتماعية قبل السياسية والاقتصادية .. الناس تحتاج أن تفهم لماذا أزيل هذا المبنى، ولم يزال الآخر الذى يلاصقه رغم أنه مخالف أيضا؟ تحتاج أن تفهم خطورة البناء العشوائى، وخطورته على المجتمع، تحتاج أن تتأكد أن الرئيس لن يضيعهم، وأنه سينفذ وعده بأن كل من يريد سكنا سيحصل على سكن، الدولة لا تبنى لتستورد ناس من سنغافورة والفلبين مثلا وتمنحهم الشقق والبيوت، وأخيرا الدولة لا تهدم المساجد لأنها تريد أن تنشر الكفر، الإخوان والجماعات التى خرجت من عباءتهم هم الذين يكفروننا ويستحلّون دماءنا ويقتلوننا.. وفى الإسلام كل شبر على الأرض هو مسجد، والدولة تزيل من الطريق العام زاوية، ومبنى فقير، وتبنى بدلا منه مسجدا وبيت يستحق أن يحمل اسم الله، هل عرفتم قصة مسجد الضرار؟!.. لقد جاء ذكره فى القرآن، فى سورة التوبة الآيتين: 107-108 وانتهى بحكم رب العالمين: " لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ".. فهل الزوايا التى تقطع السبيل، ومبنية على حرم الطريق، وعلى الأرض المغتصبة من أملاك الدولة مؤسسة على التقوى؟! اسألوا أهل الذكر ولا تستمعوا إلى جماعات التكفير والفتنة.
    أضف تعليق

    حكايات لم تنشر من سيناء (2)

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2