محمد أمين يكتب: هكذا ندافع عن الرسول

محمد أمين يكتب: هكذا ندافع عن الرسولمحمد أمين يكتب: هكذا ندافع عن الرسول

*سلايد رئيسى1-11-2020 | 13:15

في الثاني من سبتمبر الماضي، وبالتزامن مع محاكمة المتهمين بقتل 12 من رسامي الكاريكاتير والفنانين في مجلة «شارلي ابدو» (Charlie Hebdo) الفرنسية في 9 يناير 2015، كتب رئيس تحرير الصحيفة الفرنسية الساخرة افتتاحية العدد عن تلك الحادثة. وتحت عنوان «أولئك الذين فقدناهم» بدأ «لوران سوريسو» والمعروف بـ «ريس» (Laurent "Riss" Sourisseau) رئيس تحرير الصحيفة حديثه عن الحادثة، وجعل صورة الصفحة الأولى من الصحيفة صور الضحايا، في محاولة لتذكير الشارع بالحادثة، لكنه سرعان ما أعاد نشر الصور المسيئة للرسول  في العدد ذاته. كان النشر يستهدف إذكاء حالة من الغضب لدى المسلمين في تلك الفترة وبالتزامن مع محاكمة المتهمين المشاركين في حادث مقتل رسامي الكاريكاتير بالصحيفة. جاءت الافتتاحية التي كتبها «ريس» لتشعل الغضب في الشارع الإسلامي لدى أكثر من 2 مليار مسلم، وتدفع بعض من لا يفهمون حقيقة الدين الحنيف إلى تقديم صورة غير صحيحة عن الدين، الأمر نجحت فيه الصحيفة للمرة الخامسة، فقد أعقبه حادثة قتل المدرس الفرنسي، وكان آخر تلك الحوادث مقتل 3 فرنسيين في حادث طعن بمدينة نيس، قرب كنيسة نوتردام جنوب فرنسا. لم يكن المشهد صدفة ولكنه تكرر مع تكرار إصرار الصحيفة على الإساءة للدين الإسلامى دون غيره، رغم أن رئيس تحرير الصحيفة «لوران سوريسو» قد أكد فى حديث قبل خمس سنوات لمجلة شتيرن الألمانية (STER) وتحديدًا فى 19 يوليو 2015 أن الصحيفة لن تكرر نشر الرسوم المسيئة للرسول ، ولن تسىء إلى الدين الإسلامى مرة أخرى. لكن الصحيفة حاولت تكرار المشهد مرة أخرى عندما أعاد رئيس التحرير، الذى يمتلك70% من أسهم الصحيفة، نشر تلك الرسوم ترويجًا للصحيفة. وتحت مزاعم الحرية أُعيد نشر الرسوم، فقد سبقت عملية النشر الأخيرة نشر رسوم مسيئة للرسول  فى فبراير 2006 ونوفمبر 2011 ثم فى سبتمبر 2012 وتبعه نشر صور مسيئة للإسلام فى سبتمبر 2015، ثم أعاد «ريس» نشر الرسوم التى كان قد وعد قبل 5 سنوات بعدم نشرها وكأنها محاولة مخططة تستهدف إزكاء الفتنة وإشعال الغضب بين أكثر من 2 مليار مسلم. وما أن أُعيد نشر الرسوم المسيئة حتى تزايدت حدة الغضب المطالبة بضرورة اتخاذ موقف ضد تلك الأعمال الاستفزازية، وزاد من حدة الموقف ما صرح به الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بأن الدولة لا تتدخل فى شئون الصحافة ولن تعرقل حرية التعبير عن الرأى. زادت وتيرة الغضب وردود الفعل ضد الصحيفة وضد الدولة الفرنسية، لتسقط فرنسا فى الفخ، وتستفيد دولًا أخرى وجماعات العنف والإرهاب من الأزمة. تحاول الجماعات الإرهابية بتلك الأزمة تصدر المشهد واجترار ما يسمى بالإسلاموفوبيا بعد قيام بعض العناصر الإرهابية بجرائم طعن ضد عدد من المواطنين (المدرس الفرنسى وثلاث مواطنين بمدينة نيس). فى الوقت الذى تصاعدت فيه وتيرة ردود الفعل على تلك الرسوم المُعاد نشرها، جاء رد الفعل فى مصر ممثلًا فى رد فعل الأزهر الشريف ليقطع الطريق على المزايدين بالأزمة، عقب اجتماع د. أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين فقد قرر المجلس تشكيل لجنة خبراء قانونية دولية لرفع دعوى قضائية ضد مجلة «شارلى إبدو» الفرنسية بسبب الإساءة للنبى . أكد الطيب خلال كلمته فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف على الحرمات الثلاث التى جاءت على لسان النبى محمد  (فوضى الدماء والعبث بالأموال والأعراض). كما كانت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بالمولد النبوى بمثابة رسالة قوية إلى العالم ورد يؤكد صحيح الدين وكيفية التعامل مع الآخرين، وكيف يكون الرد على من يحاولون تشويه صورة الدين الحنيف أو تقديم صورة غير حقيقية عن الإسلام. فجاءت رسائل الرئيس ترسم الطريق الصحيح للدفاع عن الرسول الكريم : شريعة الإسلام السمحة قامت على البناء لا الهدم. الاحتفال بذكرى مولد سيد الخلق ونبى الرحمة يستدعى كل معانى الرحمة فى ديننا الحنيف. مقاصد الأديان قائمة على تحقيق مصالح البلاد ومنفعة العباد من خلال السماحة واليسر وليس التطرف والتشدد والعسر. ستظل قضية الوعى الرشيد وفهم صحيح الدين من أولويات المرحلة الراهنة فى مواجهة أهل الشر. بناء الوعى الرشيد يتطلب تضافر كافة المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية. الاستمرار فى المهمة والمسئولية الثقيلة التى يضطلع بها علماء الدين لتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها. نحن فى حاجة إلى مضاعفة الجهد المبذول من جميع مؤسسات ومنظومة بناء الوعى للوصول إلى جميع شرائح المجتمع فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا ومنطقتنا والعالم من حولنا. الدولة لن تألو جهدًا فى دعم الأئمة وفى توفير المناخ المناسب لأداء الدور المنوط بهم فى المرحلة الحالية من تاريخ مصر لدعم الخطاب الدينى الوسطى المستنير. رسالة الإسلام التى تلقيناها من الرسول الكريم  جاءت انتصارًا للحرية، حرية الإيمان والاختيار والاعتقاد.. وحرية الفكر. الحريات لم تأتِ مطْلقة حتى لا تحولها أهواء النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير. تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه أمر مُحرَّم ومجرَّم. التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه.. ففى جميع الديانات يوجد المتطرفون الذين يسعون لإذكاء نار الفتنة. مكانة سيد الخلق النبى العظيم فى قلوب ووجدان المسلمين فى كل أنحاء العالم لا يمكن أن يمسها قول أو فعل. كفى إيذاءً لنا، ويجب ألا يحمل المسلمون أوزار ومفاسد وشرور فئة قليلة منحرفة. الإساءة للأنبياء والرسل والاستهانة بقيم دينية رفيعة يجرح مشاعر الملايين. الاستعلاء بالحرية درب من التطرف والإساءة للنبى محمد  استهانة بالإسلام. كانت تلك الرسائل التى جاءت فى كلمة الرئيس خلال الاحتفال بالمولد النبوى بمثابة رد قوى على من يحاولون الإساءة إلى الدين الإسلامي، أو يقدمون صورة مغلوطة عن الإسلام. فالإسلام دين التسامح والبناء والمحبة، يرفض العنف ويعلى قيمة السلام، يرفض الهدم ويؤكد على أهمية البناء، يصنع الحضارة والنور، وينبذ الجهل والظلام. ففى الوقت الذى يدعو فيه الإسلام إلى إعمال العقل والحوار ويؤكد على حرية العقيدة ويتعامل مع الناس كافة على حد سواء من أجل الإنسانية نجد شرذمة قليلة من مختلف الأديان يقدمون العنف والإرهاب على أنه صورة الدين والحقيقة أن الدين منها براء. كما أن جماعات العنف والتطرف ليست من المسلمين فقط، فهناك بعض الجماعات التى انحرفت عن صحيح الدين فى الديانات الثلاث، وقدمت صورة غير صحيحة عن الدين. ففى الوقت الذى توجد فيه بعض الجماعات الإرهابية التى تتخذ من الدين ستارًا لها وتعلن أنها تنتمى للدين الإسلامي، هناك أيضا جماعات من الديانة المسيحية خرجت عن السياق وصحيح الكتاب المقدس مثل «فرسان الهيكل وجيش الرب والبرق الشرقى وجيش التحرير الأيرلندى وحركة فينس الكهنوتية». كما لم تكن الحرب فى البلقان سوء بذرة من بذور جماعات التطرف. وفى اليهودية خرجت جماعات متطرفة وانحرفت عن صحيح التوراة مثل: «كاخ والتاج الكهنوتى وإسرائيل الفتاة»، والأخيرة من الجماعات الدموية، فقد أثارت صدامًا دمويًا مع السكان العرب المقدسيين عام 1983، عندما نظمت مسيرة لإدخال التوراة إلى (كنيس كوليل جورجيا) فى احتفال دينى يمرون خلاله بجوار حائط البراق، ويحاولون أحيانًا اقتحام الحرم، لكن السكان العرب تصدوا للمسيرة باعتبارها مظهرًا للتهويد. المسلمون دعاة حياة وبناء وليسوا دعاة تخريب، ومن انحرفوا عن صحيح الدين ليسوا سوى قلة انحرفت عقولها. كما إن حرية الرأى والتعبير لا تعنى الاعتداء على قيم ومعتقدات الآخر، وإلا حولت تلك الحرية العالم إلى فوضى لأنها تشعل روح الكراهية وهو ما يتنافى مع قيم الإنسانية والحفاظ على حقوق الآخرين. لقد دفعت الصحيفة الجماعات المتطرفة إلى المشهد متدثرة بتلك الأفعال المسيئة التى لا ترقى إلى مستوى حرية التعبير. فالحرية التى تتمتع بها الصحافة هى الحرية المسئولة، الحرية التى تبنى المجتمعات وليست الحرية التى تهدم وتشعل الفتن وتزكى روح العداء والكراهية.
أضف تعليق

مَن صنع بُعبع الثانوية العامة ؟!

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2