أميرة خواسك تكتب: السيسي وماكرون وحوار الحضارات

أميرة خواسك تكتب: السيسي وماكرون وحوار الحضاراتأميرة خواسك تكتب: السيسي وماكرون وحوار الحضارات

الرأى11-12-2020 | 11:55

الحوار الذى دار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد أثناء زيارة الرئيس لفرنسا.. هو واحد من أفضل الحوارات التى جرت، ليس على المستوى السياسى فحسب ولكن على المستوى الفكرى والثقافى، فهو انعكاس صريح لحضارتين إنسانيتين كبيرتين هما الحضارة الشرقية والحضارة الغربية. الرئيس السيسي عبر بصدق ووضوح وبمعانٍ غاية فى الرقى والترفع عن الحضارة الشرقية ذات الجذور الممتدة فى عمق البشرية فكانت مهبطا للأديان الثلاثة، بكل ما حملته تلك الأديان من خير ومحبة وقيم وتعاليم ترقى بالإنسانية، كما عبر بدقة وكلمات محددة مختارة بعناية عما سببته الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أذى لمليار من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وإننا نحترم الحريات لكن لدينا ثوابت ومقدسات نغضب حين يمسها أى أحد، وأن محاولة إلصاق الإرهاب بالإسلام بينما الإرهابيين لا تتجاوز نسبتهم تجاوزًا واحد فى المليون، أما ما قاله عن الحرية بأنها لا تعنى إيذاء مشاعر الآخر، وهى على ما أعتقد من أقوى وأرق وأدق ما قيل. أما ما قاله الرئيس ماكرون فهو يعبر أيضًا عن حضارته الغربية بقوانينها ودساتيرها وماديتها وعلمانيتها التى نحّت الأديان جانبا ليكون الإنسان، والإنسان فقط هو الغاية والمراد، فأطلقت حريته بلا حدود فكانت حرية الإيمان أو الإلحاد وحرية التعبير  وغيرها من الحريات التى لا يحدها قانون أو دستور، وهذا ما ذهب بالحضارة الغربية لأبعد مدى حتى وصلت إلى أمور لا أفضل التطرق إليها. لعل هذا ما عبر عنه الرئيس ماكرون حين أبدى سعادته بالنقاش الذى دار، وقد كانت فرصة له حتى يعرف كل المسلمين أن فرنسا كدولة لا تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أفراد مارسوا الحرية المطلقة، أما الدولة الفرنسية فهى نفسها تتعرض للإساءة، والأديان الأخرى تتعرض للإساءة أيضا، لكن الذى لا يعلمه الفرنسيون وغيرهم من الأوروبيين _ وأعتقد أن الرئيس قد شرحه بوضوح لهم _ هو أن استغلال هذه الحرية بلا ضوابط قد جرح مشاعر مليار مسلم فى أنحاء الأرض، وهو ما يتعارض مع حريات الآخرين. من هنا لعل أهمية ما قيل فى هذا المؤتمر الصحفى أن هناك الكثير من الوضوح ولغة الحوار الراقى التى عبر عنها الرئيسان وهما يمثلان حضارتين كبيرتين، ربما يكونان على طرفى نقيض فى المعتقدات، لكنهما فى النهاية استطاعا أن يقدما مشهدا حضاريا بامتياز لكيف يكون الحوار راقيا حتى فى أعلى درجات الخلاف، وحول أكبر الثوابت، ولو كان هذا المشهد قد حدث منذ زمن وكان الحوار بالعقل والحكمة لكانت الدنيا أكثر خيرًا وجمالاً.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2