حسين خيري يكتب: كورونا فى مرمى الاتهام بالذكورية

حسين خيري يكتب: كورونا فى مرمى الاتهام بالذكوريةحسين خيري يكتب: كورونا فى مرمى الاتهام بالذكورية

الرأى25-12-2020 | 20:24

حتى كورونا لا تسلم من تهمة الذكورية، التي يتشدق بها نفر من معشر النساء فى كل مناسبة، وجاءت التهمة على لسان إحداهن، وقالت المديرة العامة لليونسكو إنه قبل انتشار الكورونا، كانت نحو 243 مليون امرأة وفتاة، يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من أشخاص مقربين لهن، وتضاعفت هذه الأعداد مع انتشار الجائحة. والذكورية قال الباحثون عنها إنها مصطلح إنجليزي، يقصد به الدور الاجتماعي للرجال، ويقاس هذا الدور  بالمستوى الثقافى والمادي والتنشئة الاجتماعية، ويحصر الباحثون إطلاق مصطلح الذكورية على فئة محددة من المجتمع، الذين يحملون العداء المطلق ضد المرأة. وترفض هذه الفئة المتشددة من معشر النساء التمييز بين دور الرجل ودور المرأة فى المجتمع بشكل موضوعي وعلمي، ويطالبن بفرض المساواة بكل تفاصيلها بينهن وبين الرجال، غير أن الواقع أظهر دراسات غربية، تشير إلى مساوئ فى تعميم المساواة فى جميع المجالات، وذكروا منها التحاق المرأة بالجيوش وقيامها بالمهام القتالية. وفى هذا الصدد هناك دولة تتمتع بحرية غير مسبوقة وبقوانين تلزم المساواة بين الجنسين، خرجت منها إحصائية تذكر أن 70% من الرأي العام السويسري لا يرحب بتجنيد المرأة فى القتال، وتحتوي هذه النسبة على آراء العديد من نساء سويسرا، وتصل نسبة تجنيدهن فى الجيش السويسري 1%. وكذلك نسبة تجنيد النساء فى صفوف الجيش النرويجي فى المهام القتالية لا تتعدى الـ 10%، أما الواقع فى إسرائيل يشير إلى ارتفاع معدل تجنيد النساء فى الوظائف القتالية بالجيش، حتى تتغلب القيادة الإسرائيلية على مشكلة عزوف بعض الشباب عن التجنيد فى صفوف الجيش الإسرائيلي، ويشكو عدد لا بأس به من المجندات الإسرائيليات من التحرش. وأحيانا تطالعنا نسوة تكشفن عن عدم رغبتهن فى الاعتماد على الرجل أو الارتباط به، ويزعمن القدرة على القيام بجميع مهام الحياة دون الاستعانة بالرجل، وهو ما يشابه واقع تعيشه عدد من النساء، ولكنه واقع فرض عليهن، ويطلق عليهن مصطلح «المرأة المعيلة»، التي فقدت عائلها سواء الوالد أو الزوج. وتتحمل المرأة المعيلة مسئولية مضاعفة، وينتج عنها فى بعض الحالات إصابتها بأمراض نفسية وجسدية، بسبب الضغوط الكبيرة الواقعة عليها، وقيامها بدور مزدوج من تحملها أعباء الزوج وأعبائها كأم، فضلا عن مواجهتها لما يحيط بها وبأبنائها أو ممن تعولهم من مخاطر  تدور داخل مجتمعها. وبما لايدع مجالا للشك لابد أن أجزم أن مصطلح الذكورية بمفهومه البغيض يسود عدة بؤر اجتماعية حول العالم وليس كل العالم، وعلى سبيل المثال إصابة كثير من رجال الريف المصري به، وقد سنوا من أنفسهم عرفا منذ عشرات السنين، ويتنافى مع الشرع والدين الإسلامي، ويسلب حق المرأة فى ميراث زوجها أو والدها أو غيرهما، بحجة الاحتفاظ على وحدة الأملاك وعدم تمزيق الأرض، وحتى لا تؤول إلى أشخاص من خارج العائلة، وطبقا لهذا العرف المحرم شرعا أصبح ميراثها فريضة غائبة، وينشأ عنه تفكك أسري وعائلي. وفى فرنسا نشرت وكالة الأنباء الفرنسية عن معدل قتل امرأة كل ثلاثة أيام، برغم أن السلطات الفرنسية فرضت إجراءات صارمة للحد من العنف الأسري، وتتصدر فرنسا الاتحاد الأوروبي فى قائمة جرائم العنف ضد المرأة وتليها بريطانيا. ويوضح معهد «أوكرانس» الفرنسي للأبحاث عن مشاركة أكثر من 150 ألف شخص معظمهم من النساء فى مظاهرة حاشدة، رفعوا فيها شعارات «كفى قتلا» و«لتسقط الذكورية»، وهذا يشير إلى ظاهرة خطيرة متجذرة فى المجتمع الفرنسي، وهي عنصرية الرجل ضد المرأة وإعلاء ذكوريته المتوحشة. وتتجلى الذكورية كذلك بمفهومها القبيح فى إسرائيل، متمثلا فى طائفة الحريديم، وهي جماعة من اليهود المتدينين المتشددين، وتقلل هذه الطائفة من شأن المرأة، وتعاملها بقسوة، ويقتصر دور المرأة لديهم فى كونها كائن نجس مهمته فقط الإنجاب، ويفرضون عليهن حلق شعرهن، ولا يجلس الرجل على مقعد كانت تجلس عليه امرأة إلا بعد عشر دقائق.  وأدعو هذا النفر من معشر النساء المتعصب لمفهوم الذكورية ألا يطلقوه بوجه عام دون تمييز، وأن ينظرن إلى مثل الحالات السابقة السيئة وغيرها فى كثير من دول العالم، ويحمدن الله على ما هن فيه من مساواة ينعمن بها.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2