حسين خيرى يكتب: الرأسمالية.. أحيانا عدو لشعوبها

غير مصنف15-1-2021 | 17:30

استطاعت اليابان السيطرة على الصينيين قبل الحرب العالمية الثانية، واستخدمت،  فى ذلك سلاح المخدرات، وغزت الصين بأقل جهد وبأقل تكاليف، وبواسطة المخدرات تمكنت من جمح سكان الصين الذي كان يبلغ خمسة أضعاف سكانها. وعلى نفس النهج، تكشف صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن تاريخ ترويج إسرائيل للمخدرات لإضعاف العرب، بل توضح امتداد تجاراتها للمخدرات إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، ويعرض الكاتب الصحفى الإسرائيلي "يوسي مليمان" مقتطفات فيما جاء ، فى كتاب المؤرخ "حاجي رام" بقسم الدراسات بجامعة بن جوريون. ويحكي أن أحد عملاء المخابرات الإسرائيلية فى عام 1955 أرسل إلى قادة إسرائيل أن الجامعة العربية ستعلن تقريرا عن وضع المخدرات فى الشرق الأوسط. وقال الصحفى الإسرائيلي مليمان إن الجامعة العربية أرسلت وقتها تقريرها إلى هيئة الأمم المتحدة، تدين فيه إسرائيل لارتكابها جريمة نشر المخدرات إلى الدول العربية، ويؤكد التقرير على ضلوع إسرائيل فى نشر المخدرات لأوروبا وأمريكا وتصدرها إليهم عن طريق قبرص. ويبدو أن الرأسمالية أيضا لا تعرف مصلحة شعوبها، وتتحول إلى عدو ضد مجتمعاتها، ويتجاوز ضررها إلى خارج مجتمعاتها، وتهدف بشكل رئيسي إلى مضاعفة أرباحها، وتنتج شركاتها أدوية من مركبات الأفيون لتطرحها فى الأسواق تحت مسمى مسكنات. وقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب حالة الطوارئ منذ فترة سابقة على خلفية انتشار إدمان مسكنات من مشتقات الأفيون، ولاحظت تضاعف نسبة إدمانها فى العقدين الأخيرين. وأوضحت دراسات علمية أن إدمان هذه العقاقير المسكنة من مشتقات الأفيون أدت إلى وفاة أكثر من 15 ألف أمريكي عام 2015 نتيجة تناول جرعات زائدة، غير أن مبيعات تلك الشركات لا تقتصر على بلد المنشأ وهي أمريكا، إنما تتخطى دول العالم ومنها الدول العربية. وتقدم المدعي العام بولاية ميتشجن الأمريكية بدعوى قضائية تطالب عددا من شركات الدواء بدفع تعويضات ضخمة لدورها فى نشر إدمان هذه العقاقير الأفيونية، ولذلك الرأسمالية المارقة على القوانين والأخلاق هي عدو خفى للشعوب. ولم تستسلم أعداء الشعوب وطورت من أدائها، وهذا ما حدث فى موسكو بواسطة إنشاء مختبر لتصنيع المخدرات تحت الأرض ودمرته الأجهزة الأمنية الروسية. ووفقا لبعض الدراسات فإن تجارة المخدرات تكلف البشرية خسارة كبيرة فى الأرواح تتجاوز ما خلفته الحربان العالميتان من ضحايا، ورصدت التقارير الدولية وقوع أكثر من مليار شخص فى تعاطي المخدرات، ويمثل الشباب النسبة الغالبة من ضحايا التعاطي. وفى جانب آخر من التقارير، يشير إلى أن حجم التجارة العالمية من المخدرات والعقاقير الممنوعة تجاوز الـ 800 مليار دولار سنويا، وحاصل أرباح تجارة السموم هذه تدخل فى ميزانية الدول بطرق سرية، وهناك عدة دول تسمح باعتماد ميزانيتها على استثمار الأموال القذرة من تلك التجارة، وتسبب مخاطر بالغة على اقتصاديات الدول الحليفة لها. وتحتوي المخدرات على مكونات طبيعية وعناصر كيميائية ومواد مهلوسة، ومنها مواد تفتك بحياة المدمن فى وقت قصير، لاحتوائها على عناصر شديدة السمية مثل مخدر الأستروكس. ولا يمكننا وصف فداحة حجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية على الدول النامية خاصة، التي تتضاعف عاما بعد عام، وحدث ولا حرج عن انهيار شمل الأسرة حيال إدمان أحد أفرادها، إضافة إلى فقدها كثير من دخلها المادي فى شراء المخدرات، وهو نفس شأن المجتمعات فى فقدانها لأعز ما تملك من ثروة وهي شبابها.
    أضف تعليق

    وكلاء الخراب

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2