محمد رفعت يكتب: قصة مطربة قتلها الخجل

غير مصنف1-2-2021 | 17:42

كم من مواهب جميلة لمعت بشدة ولفتت الأنظار بجمالها وتفردها، ثم انطفأ بريقها وانزوت سريعاً فى غياهب التجاهل والنسيان. وقد ظللت سنوات طويلة، مثلى مثل كثيرين غيرى أخلط بين صوتها وصوت المطربة الراحلة فايزة أحمد، خاصة وأن الأخيرة غنت أيضا أغنيتها الشهيرة " كل دقة فى قلبي". إنها المطربة نازك التى حرمها خجلها الشديد أمام الكاميرا من الاستمرار فى التمثيل، ومنعها إحساسها بالعجز والفشل وخيبات الأمل من الوصول إلى المكانة التى تستحقها بوصفها واحدة من أعذب الأصوات الغنائية النسائية وأكثرها قرباً من القلب والوجدان. المطربة الخجولة.. نازك.. اسمها الحقيقى هيبة محمد الحسيني.. تنتمى لعائلة ليبية استقرت فى بيروت، ولازمها الإحساس بالفشل والظلم وقضى على أحلامها التى بدأت مع نجاحها بالإذاعة اللبنانية، ومن أجلها طارت إلى القاهرة عام 1953 بناءً على رغبة المخرج محمود ذو الفقار لتشارك فى فيلم من إنتاجه وإخراجه هو "بنت الجيران"، لكن حظها السيئ منعها من المشاركة، ومع ذلك دعمها ذوالفقار وقدمها للإذاعة المصرية. صاحبة «كل دقة فى قلبي»، والتى ولدت فى 15 أكتوبر عام 1928، رصيدها السينمائى هو فيلم وحيد يحمل نفس الاسم مع الفنان محمد فوزي، الذى أعجب بصوتها لدرجة اشتراكه معاها ككورس فى تلك الأغنية، بل وجعل أغنيتها عنواناً للفيلم لكى يزيد من شهرتها، والذى ضاق ذرعاً فى نفس الوقت بحيائها الشديد وفرط خجلها. فقد قامت "نازك" بدور المدرسة التى تعشق زميلها فتحي، وهو دور فوزي، وفى أحد المشاهد تعترف له بحبها، ولكنها لم تستطع ذلك أثناء التصوير، حتى كاد فوزى يُجن وحلف لها مراراً أنه تمثيل لا أكثر ولا أقل، وبعد محاولات مضنية نطقت الكلمة، ولكن فى غفلة من المصور الذى تأكد أنها لن تنطق الكلمة فلم يصور المشهد، فتم إعادته مرة أخرى وبصعوبة أكبر. الفنانة الخجولة، ابتعدت عن تقديم الدويتو الغنائي، إلا مرة واحدة فى نفس الفيلم مع محمد فوزى، وكانت أغنية للأم بعنوان «أحن قلب فى الدنيا»، وبسبب الخجل أيضاً ابتعدت عن السينما نهائياً واكتفت بالإذاعة والحفلات، ومن أشهر تلك الأغنيات «تحت التوتة»، «الدوامة»، «أنا والنجوم»، كما قامت بالغناء فى مسرحية «مصرع كليوباترا» لأمير الشعراء أحمد شوقي. أثناء تواجدها فى لبنان، لم تعلم كم النجاح الذى حققته فى القاهرة، فقد سافرت قبل عرض الفيلم، وظلت الإذاعة المصرية تردد أغنياتها بينما اللبنانية تتجاهلها، فظل إحساسها بالفشل والظلم يطاردانها رغم تعاملها مع كبار الملحنين مثل: محمد القصبجى ورياض السنباطى ومحمود الشريف، وقد حاولت مجدداً ولكن دون جدوى، مما سبب لها ألماً نفسياً، تحول بعد فترة إلى انهيار عصبى دخلت على إثره المستشفى، وبعد خروجها ابتعدت عن الفن تماماً وتحولت إلى الغناء الدينى حتى رحلت فى 6 أغسطس عام 1983.
    أضف تعليق