جمال رائف يكتب: مصر والأمن القومي العربي !

من المحيط الي الخليج تمتد أواصر العروبة التي كادت ان تنقطع بفعل رياح الثورات الهدامة التي صُدرت للمنطقة العربية فما بين التحديات الخارجية والداخلية أصبح الأمن القومي العربي في مهب الرياح بعد أن أصبح مُحاطاً بسياج مشتعل يلتف حول حدود الإقليم ويهدد استقراره ،فالمناطق الساخنة بداية من تونس وليبيا مرورا بالسودان والصومال وصولا  لفلسطين وسوريا والعراق ،رغم اختلاف معدلات التوترات والمخاطر في كل تلك الدول او نظيراتها التي شهدت استجابة للخريف العربي إلا أن تلك التوترات بمختلف تداعيتها تؤثر على كافة الدول العربية مما يستهدف الأمن القومي العربي بشكل مباشر ولان المعلومة هي السلاح الأكثر فتاكًا في حروب الأجيال الحديثة، فلم يكن هناك أفضل من أن تفتح القاهرة أبوابها لاستضافة مقر المنتدى العربي الاستخباري كخطوة جديدة في الجهود المصرية التي أولت إهتمام كبير بعد ثورة 30 يونيو المجيدة لدائرتها العربية إيماناً بأن الأمن القومي المصري مرتبط تمام الارتباط بأمن وإستقرار المنطقة العربية، ولهذا تحدثت القيادة السياسية مراراً كون أمن الخليج من أمن مصر، كما ارتكز الرئيس عبد الفتاح السيسي في الكثير من خطاباته ومقابلاته مع القادة العرب على طرح أهمية صون وحفظ الأمن القومي العربي، وفي افتتاح المنتدي حرص الرئيس " للتأكيد على أهمية تفعيل المنتدى العربي الاستخباري كآلية قوية وداعمة للتعاون الاستخباراتي الوثيق بين الدول العربية الشقيقة، فضلاً عن العمل على وضع منظومة متكاملة ومحكمة لمكافحة الإرهاب تعتمد على تقاسم الأدوار وتبادل الخبرات والتحديث والتطوير المستمر لآليات المواجهة في هذا الشأن " وهنا تتضح الرغبة المصرية الساعية لتوحيد الجهود العربية لمواجهة الإرهاب فرغم ان المخاطر الخارجية التي تهدد استقرار الدول العربية مازالت حاضرة، إلا أنها لم تعد أقل خطورة من المهددات الداخلية خاصة بعد ان أصبح هناك وكلاء حرب وخراب يعملون لصالح المصالح الخارجية بعيدا عن المصلحة العربية، ومن ثم أصبحت الجماعات الإرهابية والتكفيرية بجانب الإعلام المعادي وإن كان ناطق بالعربية او حتي الدول التي ترعي الإرهاب هذا فضلا عن المحاولات المستمرة لتسييس الإرهاب واستخدامه كأحد اوراق اللعب السياسي ، أمور تشكل مخاطر  حقيقية تمثل تهديد مباشر لاستقرار المنطقة الأمر الذي يستوجب تنسيق عربي على الصعيد المخابرتي يُسهل من تبادل المعلومات والخبرات والتعاون الفعّال من أجل التصدي للإرهاب، خاصة وأن الخطر القادم من الداخل العربي بعد ان تمكن الإرهاب والقوي الخارجية من بعض أراضيه  لا يقل خطورة عن هذا القادم من أنقرة وطهران ما يزعزع طوال الوقت الحلم العربي الذي هو حق أصيل لشعوب يجمعها الكثير من الروابط الثقافية والعقائدية وايضا السياسية والاقتصادية، ولاننا في حاجة ماسة لتعزيز تلك الروابط وبناء الثقة وتوحيد الصف.

الأمن القومي العربي أولوية مصرية تسعى لها الدولة عبر كافة أدواتها أملا في تحقيق الأمن والسلم الإقليمي الذي لن يتحقق إلا عبر محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره وإيجاد حلول سياسية للأزمات وإيقاف التدخلات والعدوان الخارجي على الدول العربية، إنها باختصار ثوابت مصرية لسياسة شريفة تسعى فقط لصون مقدرات الشعوب العربية وحفظ حقهم في الحياة ضمن معركة البقاء والوجود التي ضعفت على إثرها دول كانت في مجدها حصنا للعروبة التي تشهد الان صحوة وانطلاقة جديدة برعاية ودعم مصري ، ننتظر المزيد من التجاوب من الدول العربية المخلصة للقضايا العروبية بعيدا عن تلك التي تثير الفتن وتشق الصف.