سوسن أبو حسين تكتب: مصر تجدد الثقة فى «أبو الغيط»
سوسن أبو حسين تكتب: مصر تجدد الثقة فى «أبو الغيط»
بعد تمكن جائحة كورونا من اغتيال النشاط السياسى لعمل المنظمات الإقليمية والدولية والعربية وتأثر الجامعة العربية من هذه الموجات، لاشك أنها تعرضت لحالة من السكون والسكوت أحيانا نظرًًا للهجوم الذى يشن عليها بين وقت وآخر واتهامها بضعف أو انتهاء دورها، وفى الحقيقة لا يمكن نسف هذا الدور، يكفى أنها الملاذ الآمن لكل العرب فى مراحل التحديات الكبيرة التى تتعرض لها المنطقة بسبب تغيير المعادلات والتحالفات السياسية الدولية بين وقت وآخر، وقد لمسنا هذا خلال بضعة ساعات عندما وصل الرئيس الأمريكى الجديد بايدن إلى البيت الأبيض فقد أصدر عدة قرارات تلغى ما سبق وأن أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب فى معظم الملفات وهو ما عبر عنه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط عندما ذكر فى مقال له مؤخرا أن دفة القيادة فى الولايات المتحدة، فى لحظة لا يخفى على أحد مدى دقتها وخطورتها، سواء على الصعيد الداخلي الأمريكي أو على مستوى العالم الذي يواجه تحديًا مشتركًا غير مسبوق، من حيث ضراوته
واتساع أبعاده وتداعياته، ممثلاً فى جائحة «كورونا».
لافتا إلى أن العالم العربى أمام لحظة مُفعمة بمخاطر شتى ومفتوحة على احتمالات متباينة، وهي لحظة تقتضي قيادة من نسيج خاص. وقال أيضا إن الرئيس بايدن، بخلفيته التي نعرفها وخبرته المشهود لها، مؤهل للقيام بدور تاريخي، سواء فى الداخل الأمريكي أو على صعيد تأثير بلاده فى العالم.
ونظرا لكل هذه المخاطر والتحديات المعلنة جدد الرئيس عبد الفتاح السيسي الثقة لترشيح الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لولاية ثانية، كما وجه رسائل إلى القادة العرب للإعراب عن اعتزام مصر إعادة ترشيحه لفترة ثانية مدتها خمس سنوات، والتطلع لدعم القادة لهذا الترشيح وفقًا لما تقضي به أحكام ميثاق الجامعة، وذلك فى إطار الاهتمام الكبير الذي توليه مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه عمل جامعة الدول العربية وحرصه على توفير كل الدعم الممكن للمنظمة التي يجتمع تحت سقفها العرب وتجسد طموحاتهم فى عمل عربي جماعي منسق يهدف إلى خدمة الشعوب والمصالح العربية، وهو ما اتسم به دور الأمين العام خلال فترة ولايته الأولى من إدارة واعية وحكيمة لدفة منظومة العمل العربي المشترك خلال مرحلة مليئة بالتحديات شهدتها المنطقة العربية.
وكان الأمين العام أحمد أبو الغيط قد لفت أيضا إلى أن المنطقة العربية، على ما فيها من مشكلات، ليست أرضًا تُنبت اليأس والألم وحدهما، وإنما هناك خطوات إيجابية مهمة تجري، يتعين البناء عليها فى المرحلة القادمة. ولا شك أن من بينها المصالحة التي شارك فى تدشينها فى مدينة العُلا السعودية يوم 5 يناير الماضي، واعتبرها بمثابة خطوة رئيسية فى الاتجاه الصحيح. مستطردًا، ولم يكن من الصعب على كل من حضر هذه القمة الخليجية، ودقق فيما صدر عنها، أن يلمس عزم الأطراف اتخاذ خطوات جادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة فى العلاقات العربية - العربية، وربما التأسيس لمرحلة جديدة يستعيد فيها العمل العربي المشترك زخمًا ونشاطًا ضروريين، وأن يواجه النظام العربي التحديات صفًا واحدًا، وهو ما يفتح أفقًا واعدًا أمام التعاون مع الإدارة الأمريكية، على أرضية من التفاهم والثقة بين كافة الأطراف.
بهذه الكلمات أعلن أبو الغيط المطلوب منه خلال مرحلة الولاية الثانية والتى سيتم الإعلان عنها خلال شهر مارس المقبل فى ختام أعمال وزراء الخارجية العرب فى الدورة العادية والتى ستحدد أيضا مصير القمة العربية التى كان من المفترض انعقادها فى الجزائر منذ شهر مارس 2020، كما سيتم فتح ملفات الأزمات الساخنة فى ليبيا واليمن ولبنان والعراق والسودان وسوريا وملف تطوير منظومة العمل العربى المشترك بعد مرحلة ركود غير مسبوقة فى التغلب على الصعوبات التى تبقى هذه الملفات تراوح فى مكانها، لافتًا إلى أن ثمة عاملاً حاضرًا فى كافة هذه النزاعات والمشكلات، يتمثل فى التدخلات الإقليمية غير الحميدة.
وأخيرًا بكل تأكيد، إن هذا الوضع يحتاج إلى معالجة شاملة وحازمة؛ لأنه يزيد من مخاطر الصراعات ويجعل النزاعات القائمة أكثر استعصاء على الحل؛ بل وعرضة للتفاقم والتوسع.