أردوغان ينقلب على الإخوان وحماس..ويتقرب من إسرائيل

غير مصنف9-2-2021 | 23:41

عودة السفراء، وزيادة حجم التبادل التجاري، وتعميق العلاقات التركية الإسرائيلية تمثل المسارات المتوقعة خلال المرحلة المقبلة للعلاقات التركية الإسرائيلية، في مقابل الانقلاب على حماس ومنح الضوء الأخضر للسلطات التركية لتصفية تواجد الحركة في تركيا عبر الاعتقالات، والترحيلات، وإحكام القبضة الأمنية على أذرع الحركة وتصفية نشاطاتها السرية، هو ما انتهجته السلطات التركية على مدى الأيام الأخيرة، ويثير هذا التحول الكثير من الإشكاليات على مائدة خبراء السياسة الدولية وطرحته الصحف العالمية للنقاش، وكان من أهم التساؤلات: هل سيؤدي هذا التحول إلى تغير سياسات «تركيا أردوغان» تجاه حلفائها، من تيارات الإسلام السياسي، خاصة «الإخوان» خلال الفترة المقبلة؟ دار المعارف - صفاء مصطفى اللافت للانتباه بحسب خبراء ووسائل إعلام عالمية هو أن حركة «حماس» التى انتقدت الحكومات العربية الموقعة لاتفاقيات تعاون مع إسرائيل بشراسة، وآخرها الحكومة المغربية، لم تعلق بكلمة واحدة على إعلان النوايا التركية التطبيعية مع إسرائيل وعلى لسان أردوغان نفسه، فهل هذا يعنى أنها لم تتفاجأ بالخطوة التطبيعية التركية أو كانت على علم مسبق بها؟ وهناك تساؤل آخر هو: هل سينعكس هذا التغير فى السياسة الخارجية التركية نحو إسرائيل على العلاقات بين تركيا والدول العربية، مما يدفع بتركيا نحو بذل مساع مماثلة لاستعادة العلاقات مع دول الخليج ومصر؟ هذه التساؤلات تجيب عنها السطور التالية. خطوتان مقابل خطوة من إسرائيل أكدت بعض المصادر الرئاسية التركية أنه يمكن استئناف العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين تل أبيب وأنقرة بحلول مارس المقبل، وذلك بعد سنوات من القطيعة بين البلدين. عضو مجلس الأمن الرئاسى والسياسة الخارجية مسعود حقى تشاشين أوضح، أنه إذا تقدمت تل أبيب بخطوة واحدة نحو تركيا فإن الأخيرة ستتقدم إليها بخطوتين. ولفت تشاشين، إلى أنه إذا استمرت مفاوضات إعادة العلاقات بين تركيا و إسرائيل على نحو جيد، فإنه من الممكن أن تعين أنقرة سفيرًا فى تل أبيب بحلول مارس المقبل. وشدد تشاشين على أنه لا يريد أن تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية تراجعًا آخر، مشددًا على أن العلاقات والأمن بين البلدين فى غاية الأهمية. وأضاف أنه مع تولى الرئيس الأمريكى الديمقراطى جو بايدن، منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ستتغير موازيين القوى فى المنطقة. انقسام حركات الإسلام السياسي يتوقع العديد من خبراء العلاقات الدولية حسبما ذكرته صحف عالمية، أن التقارب التركى الرسمى المُتسارع مع إسرائيل من المتوقع أن يؤدى إلى اهتزاز مكانة أردوغان فى أوساط حلفائه الإسلاميين أو معظمهم، كما أنه من المتوقع أن يؤدى إلى انقسامات فى حركات الإسلام السياسى فى العالم الإسلامى، والشرق الأوسط على وجه التحديد، وأنه من المتوقع ظهور تيارين، الأول يستمر فى البقاء تحت المظلة الأردوغانية بذريعة «البراجماتية، والثانى يمثل الانشقاق عن المرجعية التركية، وتبنى استراتيجيات متشددة، كما حدث فى مِصر بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد بطريقة أو بأخرى، حيث انشقت حركات عديدة مثل الجهاد الإسلامى، والجماعة الإسلامية المقاتلة. الانقلاب على حماس وفى إطار رؤيتها التحليلية لممارسات أردوغان على مستوى العلاقات الخارجية، ذكرت صحيفة «التايمز»  البريطانية، أن رجب طيب أردوغان يعيد حاليا النظر فى علاقته مع حركة حماس من أجل كسب ود إسرائيل. وأضافت الصحيفة، فى تقرير نشرته مؤخرًا حول أدوات النظام التركى للخروج من العزلة الدولية، أن السلطات التركية على أرض الواقع أصبحت تتخذ إجراءات عنيفة ضد أعضاء حركة حماس المقيمين فى تركيا، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تتضمن اعتقالات وترحيلات وسحب الجنسية التركية وترحيل بعض العناصر من المطار. وأوضحت الصحيفة، أن الحكومة التركية بدأت منذ عدة أسابيع تضييق الخناق على نشاطات حماس فى تركيا، حيث لم يعد أفرادها يحملون الجنسية التركية أو لديهم إقامات طويلة. تشديد القبضة الأمنية وذكرت صحيفة التايمز فى تقريرها، أنه فى إطار توجيهات أردوغان بتشديد القبضة الأمنية على أعضاء حركة حماس المقيمين فى تركيا، كشفت الأجهزة الأمنية التركية مؤخرا عن شبكة من التنظيمات الإرهابية التى تستخدمها حماس فى اسطنبول تحت ستار العمل الخيرى ودعم الطلاب، مشيرة إلى أن أحد أهم هذه التنظيمات، تنظيم «الرائد» الذى يهدف إلى تنظيم الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون الطب والهندسة بالخارج. وأضاف التقرير، أنه من بين هؤلاء الطلاب أحمد سدر من أريحا، الذى انضم للتنظيم فى اسطنبول على يد رجلين لهما اسمان مستعاران، شريف وناظمى، طلبا منه العمل مع حماس وتلقى التدريب فى أماكن آمنة. وذكر، أنه عندما عاد أحمد سدر إلى الضفة الغربية، أوكل إليه مهمة بناء شبكته الخاصة به بعد تزويده بالهواتف الذكية، إلا أن القوات الإسرائيلية اعتقلته وهو الآن فى سجن عوفر العسكرى قرب رام الله على ذمة المحاكمة. وأشار التقرير، إلى أن تنظيم الرائد يديره أعضاء بارزون من حماس فى غزة، وهم سامح السراج وماهر السلخ يتنقلون بين بيروت واسطنبول. وأضاف، أن التقارير الرقابية التى أعدتها المؤسسات الأمنية التركية كشفت أن حماس تعمل من مكاتب فى حى بشكشير فى الجزء الأوروبى، وتضم جمعيات مثل التحالف الدولى لفلسطين والقدس، وجمعية حكماء فلسطين، ومعهد العلم، وجمعية الأيادى البيضاء. وأشار التقرير إلى أن «هذه المؤسسات مسجلة رسميًا على أنها جمعيات خيرية»، لافتًا إلى أن معهد الرائد يستخدم عددًا من المطاعم فى الحى، أحدها بالقرب من فتح تريم مقر نادى بريميوم كلاس فى بشكيشير. ولفت إلى أن أنقرة بالأمس كانت الأكثر دعمًا لحركة حماس حيث منحت إقامة طويلة لعدد من قادة حماس ومنحت عددًا منهم الجنسية التركية، وأصبحت تركيا قاعدة عمليات للحركة الفلسطينية، خاصة الإلكترونية منها، وأصبحت أيضًا مركزًا لتجنيد الطلاب المتخصصين فى الهندسة والطب. جدير بالذكر أن المسئولين الإسرائيليين يطالبون أنقرة بقطع العلاقات مع حماس لتحسين العلاقة مع إسرائيل، ويؤكد تقرير الصحيفة البريطانية أن أردوغان يبدو كأنه فهم الرسالة. مباحثات سرية مع إسرائيل وكشف موقع «مونيتور» السويدى، أن تركيا تجرى اتصالات سرية مع إسرائيل رغم التظاهر بمعاداتها منذ حادثة سفينة مافى مرمرة عام 2010، حيث ذكر موقع المونيتور أن حكومة حزب العدالة والتنمية فى تركيا دفع  بجهاز الاستخبارات منذ فترة لإصلاح العلاقات مع إسرائيل. وفى تصريحات لموقع المونيتور، أفادت مصادر بأن رئيس المخابرات التركى هاكان فيدان أجرى لقاءات سرية مع المسئولين الإسرائيليين ضمن الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين البلدين. الطريق إلى واشنطن وحول هذا التغير فى السياسة التركية نحو تل أبيب ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن أردوغان، يستغل تل أبيب من أجل كسب ود واشنطن. وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن أنقرة تشعر بالعزلة التامة مع الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس بايدن، وأنه من هذا المنطلق قررت التقرب من إسرائيل وإعادة العلاقات بين البلدين، بهدف استعادة علاقاتها مع واشنطن. وأشارت جيروزاليم بوست، إلى أن تركيا التى استضافت على أراضيها هذا العام مرتين قادة حركة حماس، والتى تردد دومًا شعارات «القدس لنا سنخلص القدس من يد إسرائيل»، بدأت فى إجراء محادثات سرية مع المسئولين فى تل أبيب، لتحسين العلاقات بين البلدين. التحول الدراماتيكي وحول أسباب هذا التحول الدراماتيكى فى موقف الحكومة التركية من حماس، وتبنى توجه سياسى جديد معاكس يستهدف التحالف الاستراتيجى مع إسرائيل، أوضح «أنسيل بيفر» «Ancel Beaver» الخبير السياسى ومحلل العلاقات الدولية العالمى، أن أردوغان بدأ فى توجيه سياساته نحو المصالحة مع الدول المؤثرة على المستوى الإقليمى منها إسرائيل، وذلك بهدف الخروج من العزلة الدولية، مؤكدًا أن هذا التوجه الجديد يجبر أردوغان على إعادة النظر فى علاقات تركيا مع حركة حماس وغيرها من تيارات الإسلام السياسى خاصة جماعة الإخوان المسلمين. المساومة للخروج من العزلة وأرجع المحلل السياسى وخبير العلاقات الدولية سبب التحول فى سياسة أردوغان نحو حركة حماس إلى رغبته فى الخروج من العزلة الإقليمية والدولية التى تهدد انعكاساتها استقرار تركيا وأمنها القومى، لافتًا إلى أن هذه العزلة جاءت فى إطار الأزمات التى تعانيها تركيا نتيجة لخطايا السياسة الخارجية لنظام أردوغان. وأضاف أن تركيا عاشت فى شبه عزلة إقليمية ودولية على مدار السنوات الماضية، حيث أدت علاقته بروسيا إلى غضب دول الناتو، وذلك فى ذات الوقت الذى تشهد منطقة الشرق الأوسط مزيدا من توطيد العلاقات الثنائية على مستوى دول الإقليم. إسرائيل تقيم رسائل أردوغان  وتعقيبًا على التغير فى توجهات الدبلوماسية التركية نحو إسرائيل والتى تم ترجمتها إلى تصريحات مباشرة من أردوغان والتى تناشد إسرائيل باستعادة العلاقات مع تركيا، أوضح  المحلل السياسى الإسرائيلى باراك رافيد أن الحكومة الإسرائيلية قررت التواصل مع تركيا بشكل محدود، وذلك للكشف عن مدى الصدق فى نوايا الرئيس التركى، مشيرًا إلى أن هذا التطور فى الموقف الإسرائيلى ردًا على تصريحات أردوغان علنًا أنه يتمنى علاقات أفضل مع إسرائيل، مع الاستمرار فى الوقوف إلى جانب فلسطين، مذكرًا بأن التعاون الاستخباراتى مستمر بدون توقف مع تل أبيب. ولفت إلى أن العلاقات بين إسرائيل وتركيا تدهورت منذ عام 2008 وتحولت إلى حالة أزمة مستمرة بعد حادثتى (One Minute) فى منتدى دافوس الدولى وسفينة «مافى مرمرة» فى 2010. التودد إلى الرئيس الأمريكي وشدد  المحلل السياسى الإسرائيلى على أن التحول فى لهجة أردوغان يمكن إرجاع أسبابه تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إنه يشعر بالقلق من أن بايدن من المتوقع أن يتخذ نهجًا متشددًا تجاه تركيا، وأن تحسين العلاقات مع إسرائيل يمكن أن يكون عاملاً مساعدًا فى الحد من الموقف المتشدد من إدارة الرئيس بايدن نحو تركيا. وعقب رافيد بأن المسئولين الإسرائيليين يتوخون الحذر الشديد فى علاقاتهم مع أنقرة وأنهم سيلتزمون هذا المبدأ، مؤكدًا أن إسرائيل لن تضحى بعلاقاتها مع قبرص أو اليونان لتحسين العلاقات مع تركيا. سادس أكبر شريك لإسرائيل على الرغم من العداء الذى يسيطر على خطاب الدبلوماسية التركية نحو إسرائيل، إلا أن أرقام معهد التصدير الإسرائيلى كشفت أن قيمة الصادرات التركية بلغت أكثر من ضعف وارداتها من إسرائيل. وتصدرت المنتجات الكيماوية الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا فى عام 2019 بحصة قاربت 50%، تلتها المنتجات البلاستيكية بسبة 12%، ومنتجات الوقود بنسبة 9%، وفقًا للمعطيات الإسرائيلية. فى حين أن الواردات الإسرائيلية من تركيا كانت أكثر تنوعًا، فتبوأ قطاع المركبات صدارة الواردات الإسرائيلية من تركيا بنسبة 18%، ثم الحديد والصلب بنسبة 16%، ثم البلاستيك بنسبة 7%، وبعده الآلات بنسبة 6%، ومن ثم الأسمنت بنسبة 5%. أما حجم التجارة المتبادلة بين أنقرة وتل أبيب فقد انخفض إلى 5.5 مليارات دولار فى 2019 بعد أن كان 6.2 مليارات دولار فى عام 2018، وذلك بحسب أرقام مركز التجارة الدولية الواقع مقره فى جنيف. وحول هذه الإحصائيات أشار الرئيس السابق لمجلس الأعمال التركى الإسرائيلى ميناشى كارمون، وهو مالك شركة استيراد وتصدير، إلى أن هذه المعدلات تجعل تركيا سادس أكبر شريك تجارى لإسرائيل.
    أضف تعليق