عاطف عبد الغنى يكتب: فاروق ومبارك.. وبينهما الشعب المصري

غير مصنف12-2-2021 | 16:29

(1)

فى يوم الخميس الماضي الموافق 11 فبراير، احتفل دراويش الملكية وأسرى العائلة العلوية بذكرى ميلاد (مواليد عام 1920) آخر الملوك الذين حكموا مصر وراثة، قبل أن يتنازل – هذا الأخير - عن الحكم يوم 26 يوليو 1952 لابنه الرضيع جبرا لكى يصدر القرار فى صورة أمر ملكي. وتشاء الأقدار أن يتوافق تاريخ اليوم والشهر (11 فبراير) مع ذكرى إعلان الرئيس الرابع الذي حكم مصر بعد إسقاط الملكية تنحيه عن الحكم، أيضا مجبرا بإرادة شعبية تماهى فيها مؤامرة خارجية.

(2)

الأول هو الملك فاروق، والثانى هو الرئيس مبارك، وما أكثر المشتركات بينهما، وأهمها الحكم أو السلطة التى يقبض عليها الحاكم، والشعب الذى يتولى هذا الحكم قيادته، وفى حالتنا هو الشعب المصرى الذى أثبت على طول التاريخ وعرضه تمتعه بخصلتين توارثهما عبر الأجيال فى جيناته، رغم تناقضهما التام، الأولى خصلة الصبر، والثانية الثورة حين يكفر بمن يسوسه أو يحكمه، واستمد المصريون الصبر من حضارتهم المستقرة حول وادى النيل، حيث اعتمد المصرى بشكل أساسى فى حياته على الزراعة وارتبط ذلك بالنهر وعطائه، والمواسم، وتقلباتها، وما يتطلب ذلك من انتظار طويل وصبر كبير، أما الخصلة الثانية فالمصرى يتحول إلى طاقة جبارة عندما يستنفذ صبره على الضيم والمكاره وظلم الحاكم.

(3)

الأسبوع الماضى، تداول دراويش الملكية على الصفحة الرسمية التى تحمل اسم وصفة مليكهم الغابر خبرا سعيدا عن ميلاد حفيدة جديدة لأحمد فؤاد الثاني (ابن الملك فاروق الذى تنازل له الأخير عن العرش) وأطلقت العائلة على المولودة اسم "دنيا ناريمان آديل" أما اسم الرسمي فهو "دنيا رينودو" حيث جرت العادة على إضافة أسماء إضافية شرفية للمواليد فتم اختيار أسماء جدّتها لوالدها ولوالدتها (ناريمان) و(أديل)، والأسماء كفيلة أن تخبرنا أن العائلة حتى خامس جد (محمد على) ليست مصرية ولكنها من أصول ألبانية، حيث جاء هذا الجد الخامس ضمن كتيبة ألبانية صغيرة نهايات القرن التاسع عشر لمساعدة المصريين فى مقاومة الحملة الفرنسية،، وغادرت الحملة فيما بقى هو واستطاع بدهائه الكبير أن يقنع قادة المقاومة الشعبية المصرية وأعيان الديار أنه الأجدر بالحكم والقيادة، فانتخبوه حاكما، وبدوره تخلص من كل من ساندوه أو خاصموه وانفرد بالأمر ومضى بديكتاتورية كبيرة ينفذ مشروعا للتنمية وبناء مصر الحديثة لكن أبناءه وأحفاده انحرفوا بهذا المشروع حتى جلبوا الاستعمار البريطانى لمصر عام 1881 وذهبت عوائد التنمية إلى الاحتلال الأجنبى، وأعوانه من المصريين وهم قلة لا تزيد عن نصف فى المائة من الشعب، ولم يقتصر الاحتلال على الإنجليز ولكن على العديد من جنسيات أجنبية جاءت إثره، لتنهب خيرات المملكة، واستوطن عدد ليس قليل من اليهود الذين حملوا هذه الجنسيات، واحتموا فى الاحتلال الذى مثل سلطة فوق كل السلطات ومنها سلطة الحاكم الملك، ولم يستطع هذا الملك ولا من سبقوه من أسرته مقاومة أو إخراج هذا الاحتلال من مصر، والذى فعل ذلك حركة الضباط الأحرار التى انطلقت ليلة 23 يوليو 1952 وانضم لها الشعب المصرى فتحولت لثورة شعبية بيضاء، وأعادت مصر للمصريين.

(4)

ومضت الأيام وجاء مبارك وحكم مصر الجمهورية لمدة 30 عاما لم يكن أبدا فيها خائنا، لكنه كاد يعود بمصر إلى عهود التوريث، وهو ما رفضه المصريون بشدة وكان ذلك أحد أهم أسباب ثورتهم، ضمن أسباب أخرى مثل استشراء الفساد والمحسوبية، وزواج السلطة برأس المال، وهى مشتركات أخرى بين عهدى فاروق الأرعن ومبارك الطامع فى التوريث، وفى الحالة الأخيرة تمت تغذية الغضب على مبارك، بدفع من الخارج كان يستهدف الحرب على الحاكم وإسقاطه لأغراض استعمارية.. ما أشبه الليلة بالبارحة.
    أضف تعليق

    حكايات لم تنشر من سيناء (2)

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2