«وقفة رجالة».. فى حب الحياة والصداقة

«وقفة رجالة».. فى حب الحياة والصداقة«وقفة رجالة».. فى حب الحياة والصداقة

غير مصنف15-2-2021 | 15:45

يبعث هذا الفيلم رغم بعض الملاحظات على البهجة والمرح، ويقدم تحية حارة لحب الحياة، ولقيمة الصداقة، ويمنح البطولة لأربعة من الممثلين الذين تجاوزوا سن الشباب، يقدمهم فى صورة جميلة وشديد  الحيوية، ليس فقط من خلال مواقف كوميدية، ولكن أيضا من خلال مواقف إنسانية ومؤثرة. دار المعارف الفيلم بعنوان "وقفة رجالة"، من تأليف هيثم دبور وإخراج أحمد الجندي، فى الفكرة العامة استلهام لفيلم ممتع أمريكى بعنوان "آخر مرة فى لاس فيجاس" بطولة مورجان فريمان ومايكل دوجلاس وروبرت دى نيرو وكيفين كلاين، ولكن "وقفة رجالة" لا ينقل الفيلم الأمريكي، وإنما يقدم معادلا له، من خلال شخصيات مختلفة، وبينما يذهب الأصدقاء العواجيز  فى الفيلم الأمريكى مع صديقهم الذى سيتزوج إلى لاس فيجاس، فى احتفال أخير بنهاية العزوبية، فإن أبطال الفيلم المصرى يذهبون فى رحلة إلى سوما باي، لكى يخففوا عن صديقهم مأساة وفاة زوجته، وفى الفيلمين تأكيد على قيمة الصداقة والأصدقاء، وخصوصا فى هذه الفترة المتأخرة من العمر، وتأكيد على ضرورة الاستمتاع بالحياة  وبالحب حتى النهاية، دون أى تجاهل للمشاعر الإنسانية، وللحظات الحزن النبيلة، ولكن بشرط ألا يعوقنا ذلك عن الاستمتاع بالحياة. ملاحظتان أساسيتان على بناء الفيلم، رغم أن هيثم يثبت هنا أنه يستطيع كتابة المشهد الكوميدى القائم على المفارقة بشكل جيد: الملاحظة الأولى هى طول المشاهد فى كثير من الأحيان، رغم طرافة الحوار والإفيهات، وقد أثر هذا الطول على إيقاع الفيلم، رغما عن مخرجه أحمد الجندي، وفيلم محوره الحيوية والسعادة، كان يستحق إيقاعا أفضل، يعادل هذه الحيوية المقصودة، وكان من السهل جدا تفكيك هذه المشاهد، بحيث تكون أقصر وأسرع، كما فى بعض مشاهد سوما باي، أما الملاحظة الثانية فهى عدم ضبط الصراع على مدار الفيلم، حيث تكدس الصراع فى المشاهد الأخيرة من الفيلم، بينما غلبت على مشاهد سوما باى مشاهد المقالب المرحة، ثم تذكرت الشخصيات مشكلاتها الشخصية فى النهاية، وكان يمكن ببساطة أن تكون هناك إشارات لذلك، ممتزجة بالمشاهد المرحة، وهى فى غالبيتها مشاهد ظريفة. فى كل الأحوال، فإن التجربة عموما جيدة، وخصوصا أنها قدمت أربعة ممثلين هم ماجد الكدوانى وسيد رجب وبيومى فؤاد وشريف دسوقى بشكل جيد جدا، إنهم يثيرون الضحك والبهجة، وبينهم كيمياء ممتازة، وبدوا فعلا كأنهم أصدقاء منذ عشرات السنين، كما قدم كل واحد منهم مواقف إنسانية مؤثرة، بكل تمكن واقتدار، وإن كانت هناك ملاحظة واضحة وهى ارتفاع صوت الممثلين دون داع فى مشاهد كثيرة، وهى مسئولية المخرج بالتأكيد، وكمثال على ذلك ارتفاع صوت ماجد فى مشهده الهام مع سيد رجب فى نهاية الفيلم، صحيح أن المشهد سينتهى بخناقة، ولكن ارتفاع الصوت جاء قبل الخناقة بفترة طويلة، ولم يكن ذلك فى صالح التأثير العاطفى للمشهد المكتوب بشكل جيد، ولكن بشكل عام فإن هذا الفيلم بصمة خاصة لكل الممثلين الأربعة فى السينما، وهو أمر من النادر أن يتحقق فى فيلم واحد لأربعة ممثلين، بينما كان ظهور محمد سلام وأمينة خليل أقل بريقا من الممثلين الأربعة. رسم هيثم شخصيات الأصدقاء الأربعة بصورة جيدة: عادل (سيد رجب) الذى فقد زوجته ( سوسن بدر فى ظهور خاص مميز)، وشهدى (ماجد الكدواني)، الذى يعمل فى مجال السياحة، ولديه مغامرات نسائية متعددة، وهناء العزايزى (بيومى فؤاد)، وهو قبطان سابق يعانى من انعدام التواصل مع زوجته شيرين (صفاء الطوخي)، بعد سنوات طويلة من الزواج، وحسين ( شريف دسوقي)، الذى يعانى من تحوله إلى مجرد مصدر لتموين أسرته بالطعام، وعلاقته بزوجته (إيمان سيد) ليست على ما يرام. يقترح شهدى أن يأخذ عادل إلى رحلة للترفيه عنه، بعد موت زوجته، ولإقناع عادل يدعى شهدى أنه مريض، وفى أيامه الأخيرة، كما يصطحب معه  فى الرحلة حسين وهناء، وكذلك مصطفى (محمد سلام) الموظف عنده فى الشركة، وفى سوما باى يكتشف شهدى أن الموظفة ماهى (أمينة خليل) التى تعمل عنده قد حولت المكان إلى منتجع لخدمة كبار السن، ولممارسة اليوجا، وبسبب الأرباح التى حققتها، يوافق شهدى على المشروع، بينما يحاول مصطفى أن يستعيد علاقته القديمة بـ "ماهي"، والحقيقة أن علاقة ماهى ومصطفى بدت ضبابية وغريبة، وتتراوح بين الاقتراب والابتعاد دون داع، وكان يمكن أن تتطور من البداية حتى النهاية بشكل أفضل. من ناحية أخرى، فإن حل مشكلات هناء مع زوجته، وحسين مع أسرته، وتعقيد أزمة شهدى ووحدته، كل ذلك يجيء بدون تمهيد أو إشارات فى مشاهد الفيلم الأخيرة، وكان يمكن بسهولة تضفيره فى مشاهد سوماباى الظريفة الكثيرة، التى استأثرت بمعظم العرض، ولم يكن هذا التوازن صعبا على هيثم، وهو مكسب للكتابة السينمائية، والذى نجح منذ البداية، فى مشاهد عادل وزوجته، فى تضفير المشاهد الإنسانية فى بناء الفيلم المرح، ولكننا فى النهاية أمام فيلم مبهج، يستلهم فكرة فيلم أجنبي، ولا ينقل الفيلم وشخصياته، ويستوعب المضمون الإنسانى ويعبر عنه، ويعيد الاعتبار إلى فكرة الصداقة، وحب الحياة، ويمنح ممثليه فرصة للإجادة وإبراز قدراتهم الكوميدية والأدائية عموما، وليست لدينا هذه النوعية من الأفلام التى يقوم ببطولتها ممثلون تجاوزوا سن الشباب، وقد برهن هذا الفيلم على أن لدينا ممثلين قادرين بجدارة على أن يقوموا ببطولة هذه الأعمال، وليتها تتكرر فعلا فى أفلام قادمة.
    أضف تعليق

    رسائل الرئيس للمصريين

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2