محمد نجم يكتب : كيف تكسب معركتك؟

غير مصنف19-2-2021 | 20:11

منذ سنوات طويلة مضت، استدعى الملك أحد "الحكماء"، حيث كان يتابع كتاباته وسأله: هل يمكن أن نرى تجربة عملية تؤكد إمكانيه تطبيق نظرياتك؟ فأجابه الحكيم بإمكانية التجربة على جوارى الملك، فتم جمع 300 امرأة من القصر وتقسيمهن إلى مجموعتين وعلى رأس كل مجموعة محظية من محظيات الملك، وألبسهن الدروع وسلحهن بالسيوف والحراب. ثم سألهن: أتعلمن الفرق بين المقدمة والمؤخرة، وكذلك اليمن والشمال!، فأجابته النسوه: بنعم، ثم قال: عندما أقرع الطبول وأطلب منكن أمرًا ما فعليكن تنفيذه فى الحال، ووافقت النسوة مؤكدات فهمهن لما قال.. وبدأ الحكيم فى قرع الطبول وإعطاء الأوامر بالاستدارة إلى اليمين، ولكن النسوة أنفجرن بالضحك ولم يمتثلن للأمر. فقال الحكيم: إذا كانت الأوامر غير واضحة ومفهومة يكون اللوم على القائد، ثم استكمل عمله وأعطى الأوامر بالاستدارة إلى اليسار، ولكن النسوة أنفجرن بالضحك ولم يمتثلن للأمر. فقال الحكيم: إذا كانت الأوامر واضحة ومفهومة ولم ينفذ الجنود الأوامر، فالخطأ يقع عليهم. وبدأ فى قرع الطبول بيديه وتكرار الأوامر ثلاث مرات، وعندما لم يتم الامتثال للأوامر،، طلب إحضار القاضى العسكرى وسأله عن العقاب الواجب على عصيان الأوامر فى ساحة الميدان! فأجابه القاضى: العقاب هو فصل الرقاب! مع البدء بقائدى المجموعتين. وكان الملك يراقب ما يجرى ولم يكن مسرورا بما عزم عليه الحكيم من عقاب محظيتيه، فقال له: إننى أصبحت واثقًا بقدرتك فى التعامل مع الجنود، ولكن أترك لى هاتين الجاريتين حيث لا أستلذ الطعام إلا من إيديهما، فرد عليه الحكيم: لقد كلفتمونى بقيادة قواتكم العسكرية، وهناك بعض الأوامر التى لا يمكننى قبولها منكم وأنا تحت هذا التكليف، وتم بالفعل إعدام القائدتين أمام النسوة، وعلى الفور تم تعيين أخرتين بديلتين وممن تليهما بالحظوة عند الملك، وتم استئناف التدريب ونفذت النسوة الأوامر دون تلكؤ، ثم قام الملك بتعيين الحكيم قائدًا عامًا للجيوش وكلفه بالقضاء على الممالك المنافسة. ما تقدم.. واقعة حقيقة جرت عام 551 قبل الميلاد، وكان طرفاها ملك مقاطعة "وو" الصينية والحكيم سون الذى أشتهر فيما بعد بـ "سون تزو" وهو مؤلف كتاب "فن الحرب" الذى احتوى على المبادئ التكتيكية والأفكار الفلسفية للإدارة فى شتى المجالات وعلى نطاق واسع ولكل العصور، ولذلك أطلق عليه البعض "الكتاب المقدس" للدراسات العسكرية! وكتاب "فن الحرب" يضم 31 فصلًا وهو من الحجم الصغير وصدر حديثًا عن دار المعارف ضمن سلسلة "إقرأ" الشهيرة والتى تصدرها المؤسسة شهريًا منذ أكثر من 75 عامًا.. وقد ترجمته الزميلة القديرة إيناس الصاوى مسئولة الكتب الخارجية بمؤسسة دار المعارف، بلغة واضحة وجمل معبرة. وقد حظى هذا الكتاب بشهرة واسعة على الرغم من مرور أكثر من ألفين و500 عام على إصداره، حيث تضمن مجموعة من المبادئ الأساسية التى يمكن تطبيقها على إدارة المجموعات وفى الأنشطة المختلفة، فضلًا عن صلاحية المبادئ والتكتيكات الحربية للتطبيق على الحروب الحديثة، حيث شرح المؤلف كيفية وضع خطط الحرب، وخداع العدو، وإجراء المناورات التكتيكية الخادعة، ودراسة نقاط القوة والضعف، واستخدام الجواسيس، وتوقيت الهجوم وكيفية الإنسحاب. ثم حدد خمسة عوامل أساسية لابد من دراستها قبل اتخاذ قرار الحرب وبدء المعركة، وهى دراسة أرض المعركة، وحالة العدو والمقارنة بين الجيشين، وعوامل تحقيق النصر. الطريف.. أن الحكيم سون قاد جيش مملكة "وو" وكان قوامه 30 ألف جندى وتمكن من هزيمة جيش مملكة "تشى" وكان قوامه 200 ألف جندى، ثم واصل هجومه على الممالك المجاورة مثل "شن" و "تشوف".. ووحد كل ذلك فى مملكة واحدة. والجدير بالذكر أيضًا أن أمريكا طبقت ما جاء فى هذا الكتاب فى حرب الخليج، وكذلك إسرائيل فى هجومها على الدول العربية عام 1967، كما طبقته مصر فى حرب 1973. وترجع أهمية الكتاب أيضًا لإمكانية تطبيق ما جاء فيه من مبادئ على عالم الاقتصاد والتجارة حيث يركز على كيفية تحقيق النصر دونما الاحتياج إلى القتال على قدر الإمكان، فضلًا – بالطبع – عن تجنب الهزيمة، وهو ما قامت به العديد من الشركات اليابانية والصينية لغزو الأسواق الخارجية وإغراقها بالبضائع والمنتجات المختلفة. ولذلك ترجم الكتاب إلى جميع اللغات العالمية، وكان أول من طبق مبادئه فرسان "الساموراى" عندما بدأوا فى توحيد الجزر اليابانية، ومن بعدهم الممالك الصينية القديمة المتنازعة وكانت تزيد على 130 مملكة. وإذا كانت المبادئ التى وردت فى هذا الكتاب الشهير ما زالت صالحة للتطبيق على الرغم من مرور كل هذه السنوات على وضعه، فنحن أيضًا نقول لك: خذ المعارف من دار المعارف. حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب  
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2