سوسن أبو حسين تكتب: هل يمكن إحياء فكرة المثلث الذهبي؟
سوسن أبو حسين تكتب: هل يمكن إحياء فكرة المثلث الذهبي؟
تشكيل مجلس وزاري للمثلث الذهبى فكرة قابلة للتحقيق مع إرادة الشعوب وتنسيق الحكومات، لن أتحدث عن وحدة مصر وليبيا والسودان ولا حتى الاندماج، فهذه شعارات لن تتحقق لأن القائمين على تمزيق العرب وتفرقهم لن يروا أي مصالح لهم فى هذا المثلث، ولأن خيرات وثروات الدول الثلاث لا يستهان بها وبالتالى من الأفضل الإعداد من اليوم لتحقيق التعاون الشامل والتكامل بما لديهم من موارد تكمل بعضها البعض فى كل المجالات، وهذه الفكرة ليست جديدة إنما تم تداولها منذ سنوات ولم تجد النور وتعثرت لأسباب كثيرة، آخرها مؤامرات ما يسمى بالربيع العربي، نعم أعترف بأنها كانت مؤامرة لتشتيت الشعوب وتشكيكهم فى حكوماتهم، والتى استخدمت بعض الأخطاء فى نفاذ المخطط وشيطنة الوضع العام فى ليبيا والسودان والذى لا يزال قائمًا حتى اليوم.
وفى السابق كانت هناك ملاحظات ليبية على أداء الرئيس السابق عمر حسن البشر، الذى كان يتحدث ويوعد أكثر ما يلتزم، وكانت الفكرة تعد مجرد آلية للتنسيق والرصد فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وصحيح كانت هناك مجالات للتعاون لكنها لم ترق إلى مستوى الإمكانيات التى تمتلكها الدول الثلاث، وفى تقديرى لو كان هذا المثلث قد رأى النور لما تم تقسيم السودان واشتعلت مشاكل دارفور وخلافه، لأن الموضوع كله يتعلق بالتنمية والحالة الاقتصادية وكان بالإمكان أن يكون هذا المثلث جسرًا لا يستهان به فى المعادلة الدولية على المستوى القارى للتعامل مع قارتى آسيا وأفريقيا والصين، ويمنع سياسة الضغط السياسى ويخفف من الأزمات ويؤكد على التعامل بندية فى التعامل مع القوى العظمى.
وأتصور أن البيئة السياسية فى الدول الثلاث أصبحت قابلة لتحقيق هذا التعاون، وأرى أن الرسالة الأولى التى بعث بها رئيس الحكومة الليبية خلال زيارته الأولى خارجيًا إلى مصر ليست مسألة عابرة إنما لها ما بعدها بكل هدوء، حيث يتفهم عقلاء ليبيا أهمية توثيق العلاقات مع مصر باعتبارها الدولة الصلبة التى تدعم العمل والأمن والاستقرار للجميع، وأتصور أيضًا رغم صعوبة الوضع الراهن فى ليبيا خلال المرحلة الانتقالية الراهنة إلا أننى أتوقع مرحلة جديدة للدولة الفتية والتى يفترض أن تنظم أولوياتها وتجمع شتات شعبها الذى خرج بسبب الانفلات الأمني والتدخلات التى حاولت أن تسرق بل سرقت موارد الليبيين.. وأما الذين فرطوا فى تراب وطنهم ومواردهم حتما مصيرهم إلى الهروب والخروج إلى من دفعهم لارتكاب كل الأخطاء التى ساهمت فى نشر الفوضى والحروب والاقتتال وترويع السكان الآمنين.. لذلك تبقى الأولوية الثانية بعد تجميع الشتات وإعادة الليبيين إلى أرضهم.. هى توحيد المؤسسة العسكرية.. وفى هذا السياق تجرى المفاوضات حيث التقى بالعاصمة طرابلس رئيس المجلس الرئاسي الليبي المنتخب الدكتور محمد المنفي، ونائبيه عبد الله اللافى، وموسى الكوني ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، مع القيادات العسكرية بالمنطقة الغربية.. لدعم مسار اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تعتبر من أولويات المجلس الرئاسي الليبي المنتخب.
وعلى المسار الثالث أعلن مجلس النواب الليبي، أن اللجنة العسكرية 5+5 أبلغتنا بجاهزية سرت لجلسة منح الثقة للحكومة الليبية.. وبالتالى أتوقع أن تسير الأمور بشكل أفضل من السابق لكن مع استمرار أعمال مناوشات للميليشيات المسلحة والتى تتعارض مصالحها مع استعادة الدولة وفرض الأمن.. ولذا يتوجب محاصرة هذه المجموعات والتى لا تزال تتلقى الأوامر من الخارج لتعطيل المرحلة الانتقالية التى من المفترض أن تنتهى قبل نهاية عام 2021 وفق خريطة الأمم المتحدة الاخيرة والمجتمع الدولى.. وكذلك الدول الأوروبية التى يهمها فى المقام الأول ضبط الحدود البحرية ومنع ظاهرة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الجريمة المنظمة.
وفيما يتعلق بالسودان تبقى الخلافات التى تحتاج إلى إدارة رشيدة فى ظل الأطماع الإثيوبية فى الأراضي والمياه السودانية.. وقد ظهر ذلك بوضوح فى الآونة الأخيرة.. حيث أعلنت وزارة الخارجية السودانية، أنه توجد أطماع إثيوبية فى أراضينا، "لا حديث عن وساطة مع إثيوبيا حول الحدود فى هذه المرحلة"، ويجب على إثيوبيا اللجوء إلى القانون إذا اعتقدت أن لها حقا فى الفشقة، مؤكدة أن نشر الجيش فى الفشقة قرار نهائى لا رجعة فيه.
وكانت وزارة الخارجية السودانية، قد أكدت مؤخرا أنها تأمل أن تغلب إثيوبيا إرادة السلام فى تعاملاتها.. وأكدت أن إثيوبيا لجأت لطرف ثالث فى اعتداءاتها على الأراضى السودانية ورغم كل هذه التجاوزات أتصور أن فكرة المثلث الذهبى قابلة للتحقيق.