عاطف عبد الغني يكتب: سر أزمة قانون الشهر العقارى

غير مصنف5-3-2021 | 16:25

(1)

ما هو السبب المباشر فى احتدام الجدل المجتمعي حول القانون رقم 186 لسنة 2020 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، والمعروف بقانون تسجيل العقارات فى الشهر العقاري وإشهارها؟! هل جيد ويحقق العدالة وحفظ الحقوق للمواطن والدولة لكن الحكومة المسئولة عن القانون فشلت فى تسويقه للمواطن على الرغم من حسن نيتها؟! المشّرع وهو يصيغ مواد القانون المستحدثة افترض أنه يحقق مصلحة مالك العقار، ويحفظ حقوق المتعامل على العقار (البائع والمشتري) وفى ذات الوقت يحفظ حقوق الدولة، ويجزم المؤيدون للقانون أنه يُفتح بابا جديدا لتسجيل الملكية، ويطبق الأحكام النهائية الخاصة بها، ويحترم حجيتها، وكذا يحل مشاكل مثل عدم وجود سند ملكية مسجل فى سلسلة العقود فى حالة تسلسل البيوع أو عدم الوصول لأحد البائعين السابقين بسبب الوفاة، أو الغياب خارج البلاد، أو تشعب الدعوى القضائية التى يلجأ إليها المواطن لإثبات وشهر ملكيته، وتنتهى إما إلى شطب القضية أو تركها بسبب استحالة البت فيها. وفيما يخص الدولة فالقانون من المفترض أن يحقق لها عدة ميزات أولها وأهمها المساهمة فى إنشاء قاعدة بيانات للعقارات، تخلق شخصية اعتبارية لكل عقار وتمثل دورة حياة له، وتزيد من فرص الاستثمار فى هذا المجال فتضيف للاقتصاد والدخل القومى، وتقلل النزاعات الكيدية علي العقارات، تلك التي تملأ المحاكم وتمثل عبئًا على القضاء، وفوق كل ما سبق تضيف موارد مالية مباشرة للحكومة، توظفها فى مشروعات أخرى تمس حياة المواطن بشكل مباشر مثل الصحة والإسكان والمواصلات والطرق والكباري والأنفاق، وتحسن جودة الحياة للفقراء والمعدمين، ووجوه أخرى تحتاج لميزانيات طائلة.

(2)

هل حققت التعديلات الصادرة حديثا على قانون الشهر العقاري هذه الميزات الإضافية للمواطن؟ حيث من المفترض أن القانون (186) الذى يعدل مواد قانون عمره ثلاثة أرباع قرن (القانون رقم 114).

(3)

القانون الذى صدر منتصف شهر سبتمبر من العام الماضى (2020)، لم تمض أيام قليلة على صدوره حتى تلقفته جهات عديدة وقامت بـ "غربلته" وعلى رأس هذه الجهات المحامون بصفتهم المهنية والشخصية، وعلى اعتبار أنهم مواطنون سوف يطبق عليهم القانون، وزاد الجدل المجتمعى حول القانون ودخل أعضاء البرلمان الحالى على الخط، ثم تحرك البرلمان بشكل رسمى نحو القانون الصادر عن الدورة السابقة، وحاول وزير العدل إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال تعديل مادة أو تجميل أخرى فلم يجد هذا نفعا، وكان لزاما أن يتدخل الرئيس ويصدر قراره القاضي بتأجيل تطبيق القانون لمدة لا تقل عن عامين (حسب النص الصادر عن الرئاسة) تكون فترة انتقالية تهدف إلى إتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعي، أو بمعنى آخر إعادة القانون للدراسة وإخضاعه للتعديل لإصلاح العوار الذي فجر الجدل حوله، وأحسن الرئيس إذا أرفق بقراره السابق، قرارا آخر يقضي بأن يتم خلال فترة التأجيل، تحصيل قيمة ثابتة مقطوعة مخفضة وواضحة عند تسجيل الأملاك وإشهارها، وأن تكون تلك القيمة حسب مساحة ونوع الملكية، وذلك بدلاً من الضريبة المفروضة فى هذا الصدد على التصرفات العقارية.

(4)

وأزمة قانون 186 يجب أن تكون درسا ليس فقط للمشرّع الذي أصدر قانونا يحمي الملكية الخاصة فترك فيه ثغرات لمافيا العقارات (4 ثغرات) يمكن أن ينفد منها اللصوص ويستلبوا حقوق الغير، حيث لم يضع المشرّع الضمانات الأكيدة لأصحاب الحقوق العينية والملاك الأصليين بخطوات شكلها قانوني لكنها فى التطبيق العملي لا تحقق الغرض المرجو منها مثل نشر صاحب الشأن (طالب الإشهار) إعلانا بالصحف اليومية ليعترض من يريد الاعتراض على صدور الرقم الوقتي للعقار المراد إشهاره، أمام قاضي الأمور الوقتية.. بالله عليكم هذا الإجراء هل يمكن أن يؤدي الغرض المرجو منه؟! وعلى الإجمال القانون يعد مثالا على القوانين غير جيدة الطهي، ودرسا للبرلمان فى دورته الحالية بألا يتعجل فى إصدار مثل تلك القوانين التي تشعر المواطن بأن الحكومة لا تسهل عليه حياته ولكنها "تيجى تكحلها فتعميها" كما يقول المثل الدارج.. ولا حجة بعد ذلك لمجلس النواب فى وجود مجلس الشيوخ فى إصدار مثل هذه القوانين.
    أضف تعليق

    حكايات لم تنشر من سيناء (2)

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2