الولايات المتحدة ترتب العالم للحفاظ على أحادية القطبية

عرب وعالم5-4-2021 | 15:09

استنفدت أغراضها فى الشرق الأوسط وربما تحركات ترامب السريعة قبل رحيله بتلك المنطقة كان تمهيدًا لاستدارة أمريكا نحو الشرق الأقصى كمحطة جديدة للتمدد والسيطرة، فبات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ترتب العالم وفق ما يحفظ لها أحادية القطبية التي اكتسبتها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فهي لن تقبل بأي قوة صاعدة تهدد العرش الأمريكي المستحوذ على القمة.

رغم أن الصين بالتحديد الغريم الأقوى والمنافس الذى باستطاعته مزاحمة أمريكا عالميًا إلا أنها لم تقرر بعد الانتقال من مصاف الدول النامية وإعلان نفسها قوة كبرى رغم تلويحها بالأمر عدة مرات، بينما الولايات المتحدة الأمريكية هى الأخرى لن تنتظر التحرك الصينى وبادرت بإمساك العصا لها والتلويح بالملف الاقتصادى تارة وبملف حقوق الإنسان تارة أخرى.

فى حين يبقى التقارب الصينى الروسى المتنامى السنوات الماضية مصدر إزعاج وقلق للجانب الأمريكى، خاصة أن الطرفين لهما تأثير مباشر على إيران وأيضا كوريا الشمالية، لهذا اتجهت الإدارة الأمريكية شرقًا لتكوين جبهتها المضادة، بايدن فى مقاله المنشور «بالفورين بوليسى» أواخر العام الماضى أشار لاتجاه بوصلة السياسة الخارجية الأمريكية إلى هذا النطاق الجغرافى، لكنه لم يحدد آلية التواجد التى تضح الآن عبر تكوينه جبهة حلفاء تفتت جبهة الدول الشرقية المتحالفة ضد المصلحة الأمريكية.

جبهة التصدى تعززت خلال الفترات الماضية العلاقات بين الصين وروسيا بعدما تبين للطرفين أن بناء علاقات برجماتية بينهما بعيدا عن مشاحنات الماضى هو الحل للتصدى للتوغل الأمريكى شرقًا، وبالفعل كانت التدريبات العسكرية الصينية الروسية عام 2018 هى الأضخم فى تاريخ البلدين، عقب هذا تطورت على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية بل قام الجانبان باستخدام إيران كورقة ضغط تزعج أمريكا دائمًا.

هذا بجانب التلويح بالورقة الكورية الشمالية، وهو ما يبرر التحرك الأمريكى نحو وقف التصعيد ضد إيران فى محاولة لإضعاف إحدى أدوات الضغط الصينى الروسى.

أمريكا والشرق شرعت الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز جبهة مضادة للجبهة الأولى مستغلة العداء التاريخ بين بعض دول الشرق والشرق الأقصى، وقام بالفعل الرئيس الأمريكى السابق ترامب بتعزيز العلاقات مع الجانب اليابانى ودفعها إلى آفاق جديدة فى التعاون المشترك، وهو ما ظهر خلال التحرك العسكرى اليابانى الأول والفريد نحو إيجاد آليات عسكرية لها فى منطقة الخليج ، أكمل بايدن تعزيز جبهة حلفاء أمريكا عقب دخوله البيت الأبيض مباشرة.

حيث أرسل وزير خارجيته «انتونى بلينكن» إلى الثلاثى الداعم لأمريكا وهى اليابان والهند وأيضا كوريا الجنوبية، الجولة أيضًا شهدت حضورًا لوزير الدفاع الأمريكى «لويد أوستن» الذى توقف طويلاً فى الهند وأعلن من هناك تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين. تعزيز الصراع تأجيج النزاعات العرقية وإعلاء صراع الحضارات فى منطقة الشرق الأوسط وما صاحبه من فوضى خلاقة سيناريو يلوح فى أفق الشرق الأقصى.

خاصة أن هناك قضايا حدودية وخلافات عرقية دفينة إحياؤها قد يشعل هذا النطاق الجغرافى بما يهدر القوة ويشتت العلاقات الإقليمية ويزعزع الاستقرار، ومن ثم يتنامى النفوذ الأمريكى وتحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على أحادية قطبية العالم، وهذا يظهر أيضا فى الخطاب السياسى الأمريكى المتبنى لليبرالية والداعم لمفاهيم السياسة الغربية والرافض للتجارب الأخرى التى لها أدواتها وآلياتها المختلفة خشية ظهور تجربة ناجحة تعيد الأذهان حينما كان العالم ثنائى القطبية فى عهد الاتحاد السوفيتى، وبالتالى الحرب الباردة الثانية قائمة حفاظًا على الزعامة الأمريكية للعالم.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2