" العـزلة مصـــفاةُ لا مرآة " _ محمود درويش
كتبت إليف شافاق ذات مرة : "عرفتُ أُناسًا قد يصابون بالجنون لو تُركوا وحدهم لساعات طويلة.أما أنا، فكان الأمرُ عندى على عكس ذلك تمامًا.قد أُصابُ بالجنون لو كان على مُرافقة أناس لوقت مديد. سأفتقد عُزلتى.” و هذا ما أسميته بسـطوة الاجتماعيات.
إذ أنه لمن السهل أن تنسى من انت و ما المهم بالنسبة لك ، إذا ما كنت تمضي كل وقتك مع الآخرين . فنحن لا نتأثر بسلوك و آراء الآخرين فقط بل قد نطبع على أن نكون شيئا آخر ... ليس نحن ، سواء كان هذا بالملاءمة و التكيف أو بالهيمنة.
يقرر "دان بيدرسون" في أحد مقالاته أن وقت العزلة هو الفرصة الوحيدة لترميم اللائحة ، و تنظيف ذواتنا من ذاك التلوث النابع من العالم الخارجي و النظر خلف القناع الشخصي الخاص بنا لنرى ماذا هناك حقا.
فعندما تبتعد بذاتك مؤقتا عن محيطك العام ، ستبدأ اﻷنا تدريجيا بالتلاشي . اﻷنا التي تتمثل في : "بماذا يفكر الآخرون عني ؟ من أنا بالنسبة لهم ؟ ... الخ ! عندما تكون منعزلا فإن تلك الأسئلة لن تكون ذات صلة باﻷمر، إذ لا أحد هناك . فوقتها لن تخلق سيناريوهات خيالية و لا محادثات في عقلك ؟ إذ ستكون لوحدك ، لوحدك فقط ... مصحوبا بزغزغة العصافير و هزيز الرياح ، و هنا ستتعرف على ذاتك .
حينما يكون هناك بعضهم ليلق لوما ، فإنك ستكون اﻷكثر عرضة ﻹلقاء اللوم عليهم ، حينما يكون هناك أحد لكسب فرصة ما ، فستكون اﻷكثر حماسا لكسب الفرصة منه ، و لكن عندما تصبح لوحدك فقط و الواقع ، فإنه سيصبح من السهل عليك أخذ زمام اﻷمور تجاه ذاتك و التعرف عليها.
* كاتب المقال:
سودانى الجنسية – يدرس بكلية الهندسة قسم الاتصالات – بجامعة جواهر لال نهرو التكنولولجية – بالهند … مهتم بقضــايا الفكر والثقافة. ويسعى لإيقاد شعلة النهضـة فى أمته بسلاح القلم ونور المعـرفة كما يقول فى تعريفه لنفسه.