قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزيرالأوقاف، أن النهى عن القيام للآخرين ليس مطلقًا، وإنما هو مقيد بالقيام تعظيمًا كما كانت تفعل الأعاجم، فالمنع حيث ورد يُحمل على القيام تعظيمًا، وهو ما صرحت به رواية "لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا"، وقد ترجم له الإمام البخارى، رحمه الله، فى كتابه الأدب المفرد بقوله: "باب قيام الرجل للرجل تعظيمًا"، ومعروف أن تراجم البخارى فقه، وهو ما ترجم له أبو داود أيضًا فى سننه بقوله: "باب الرجل يقوم للرجل يعظّمه بذلك".
وأوضح وزيرالأوقاف، فى بيان له بعنوان "تصحيح المفاهيم"، عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، أن ما يؤكد أن القيام المنهى عنه هو قيام التعظيم وليس مطلق القيام قول النبى، صلى الله عليه وسلم: " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ "، ويعنى سعد بن معاذ رضى الله عنه، فلو كان القيام منهيًّا عنه على إطلاقه لما قال النبى: " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ "، كما أن التعبير بقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يمثل له الناس"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "ومن سره أن يمثل له الناس" يشير إلى من كان يرى فى نفسه من العظمة ما يستوجب قيام الناس له تعظيمًا وإجلاًلا، لكن إن جاء قيام الناس له حبًّا وتقديرًا يقابله تواضع وخشوع وانكسار لله - عز وجل - فلا حرج فيه.
واستدل جمعة، على ذلك بما جاء عن معاوية رضى الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "مَنْ أحَب أن يَمْثُلَ له الرِّجَالُ قِيامًا، فَلْيَتَبوَّأ مقعدَه مِن النَّارِ"، "أخرجه أبو داود"، وعنه رضى الله عنه: قَالَ النَّبِى، صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ الله قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا مِنَ النَّارِ"، "أخرجه البخارى فى الأدب المفرد".
إضافة إلى ما جاء عن أبى أُمامةَ، رضى الله عنه، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، متوكئًا على عَصا، فَقُمْنَا إليه، فقال: لا تَقُومُوا كما تَقُومُ الأعَاجمُ، يُعَظمُ بعضُها بعضًا"، "أخرجه أبو داود"، وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ، رضى الله عنه: أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ بن معاذ ، فَأَرْسَلَ النَّبِى، صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ فَجَاءَ ، فَقَالَ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ" أَوْ قَالَ: خَيْرِكُمْ"، "أخرجه البخارى".