ورقة واحدة تدور حولها نقاشات لا تنتهى، قد تكسر قلوب وتحطم نفسية أجيال، قد تخرب بيوت، وقد تحفظ حقوق، وكثيرا ما تسببت فى كتابة النهاية لقصص حب، وفشلت بسببها زيجات، إنها قائمة المنقولات الزوجية، وتسمى «القايمة»، وهى التى يتم التحدث عنها قبل عقد القران، هى ورقة مدرج بها جميع الأجهزة الكهربائية والخشبية والمشغولات الذهبية، والتي أتي بها والد الفتاة والزوج «عفش البيت»، وبمجرد الانتهاء من كتابة تلك الأشياء يقر الزوج باستلامه منقولات الزوجية، ويتعهد بحفظها وردها عند الطلب، وبمجرد ما ينشأ نزاع بين الزوجين ويحدث «انفصال» تستلم الزوجة تلك المنقولات الواردة فى القائمة، والقضاء هو الحاكم بينهما، وللأسف قائمة منقولات الزوجية من المشاكل العويصة التى تواجه القضاء.
وبسبب حالة الجدل عقب تداول صورة لقائمة منقولات زوجية على مواقع التواصل الاجتماعي، لأب رفض ذكر الأشياء التي قام بشراءها لابنته في تلك القائمة، تاركا بها عبارة «من يؤتمن على العِرض لا يُسأل عن المال.. اتق الله في كريمتنا».. عاد الحديث حول قائمة المنقولات الزوجية هل هى تحفظ حقوق الزوجة أم تخرب البيوت؟
يقول أحمد عزت أحد الشباب وله تجربة طلاق فى محكمة الأسرة، قائمة المنقولات ليست هى (بر الأمان) بالنسبة للمرأة ولا هى (القيد ) الذى يمنع الرجل من الطلاق، تبقى فقط ورقة تستغل من قبل ضعاف النفوس من النواشز لإذلال الرجل وكسر أنفه والانتقام منه وفى الغالب هى سبب نشاط محاكم الأسرة ولقمة عيش لكل محامى لا يتقى الله ويسعى فى التزوير والتلفيق وخلع المرأة أو تطليقها بغير وجه حق، وأضاف، أنه يجب إلغاء تلك الورقة، وعلى الشاب المقبل على الزواج تجهيز مسكن الزوجية قدر استطاعته ولا تدفع المرأة شيئا.
ويقول عماد طلعت، لايف كوتش واستشاري تنمية الموارد البشريه بالفيدراليه العالميه لاصدقاء الأمم المتحدة، مالا يوزع بالقرآن يوزع بالسلطان، معني هذه الحكمة أن هناك أشخاص ليس لهم وازع من إيمان أو ضمير، وبالتالي ما من قوانين رادعة تردعهم أن أخطأوا، وتحفظ حقوق الناس وتضع الحدود الفاصلة بين الحقوق والواجبات وتحدد ما يلزم وما لا يلزم بشكل واضح وصريح وقاطع ومحدد دون لبس أو عدم وضوح رؤية، وفي الزواج يقول سبحانه وتعالي : (لا تعزموا عقدة النكاح حتي يبلغ الكتاب اجله) صدق الله العظيم ، أي أن الله حدد في كتابه العزيز أنه لابد من كتابة عقد الزواج وإشارة إلى توثيقه حماية وصيانة وحفاظ للحقوق، وأضاف أن هناك أزواج محترمين يتمتعون بالأخلاق الحميدة، ولكن لماذا نترك المسألة لضمير الزوج وأخلاقه ؟؟
وأشار "عماد طلعت"، إلى أن العالم النفسي "فرويد" في نظرية التحليل النفسي يؤكد أن هناك مخزون داخل العقل الباطن من فترات الطفولة لا يظهر بوضوح إلا بظروف معينة تستفز ما هو موجود لتخرجه، غير ذلك لا يظهر، بمعني أن داخل كل إنسان أشياء دفينة غير ظاهرة ولا تظهر إلا نتيجة مواقف معينة مثل الخلاف أو الشجار ولا يمكن أن تظهر في الظروف العادية سواء في فترات الخطوبة أو الفترات الأولى من الزواج، وعندما يحدث الخلاف من الممكن أن نجد شخصا آخر وكأننا لا نعرفه، وهذا يحدث كثيرا..فلماذا نترك الزوجة تواجه الطوفان وحدها ؟ لماذا لا نجعلها محميه بسياج من الأوراق القانونية التي تحميها وتحفظ حقوقها؟؟.
وأوضح استشارى التنمية البشرية، أنه يجب أن نكون معتدلين بحيث تكون هناك قائمه بمقتنيات الزوجة والاثاث وغيره بشكل طبيعي ومقبول دون مبالغة كما تفعل بعض الأسر خصوصا في الريف المصري، فيجب إلا نشعر الزوج بشئ من التخوين أوكتابة قائمه مبالغ فيها وبأشياء غير حقيقية وغير موجودة كنوع من الضغط والإرهاب له؛ لأن ذلك يؤثر على مشاعره ونفسيته وعلاقته بزوجته، وشدد على أهمية الاعتدال، مطلوب نحمي حق الزوجة بالأصول وباحترام الزوج وإنسانيته ومشاعره ،لتكون هناك حياة زوجية صحية سعيدة مبنية علي أعمدة من الثقة والأحترام والأمان.
أما عن رأى سارة ممدوح عبد الحميد، استشارى علاقات أسرية وتربوية ومدربة تنمية بشرية، فتقول، نحن نعيش فى مجتمع له قيم وأخلاق وأيضاً عادات ولكن له قانون يحكمه, ويفصل بين أى منازعات بالعدالة، والشريعة الإسلامية لم تترك شئ إلا ونظمته والزواج له عادات وقيم وأيضاً له قوانين، فالزوج هو المسئول عن تجهيز منزل الزوجية كاملاً، أما الأن أصبحت الزوجة تشارك فى تجهيز المنزل من مفروشات وأثاث وغيره من مستلزمات بيت الزوجية وفى بعض الزيجات يشترط على الزوجة أنواع وأعداد معينة من هذه المستلزمات ولدينا قصص كثيرة عن التباهى وأيضاً المعايرة بهذا الجهاز، وأضافت "سارة ممدوح"، أن (القايمة) هى حق من حقوق الزوجة، فلماذا لا تضمن حقها بما يسمى قائمة منقولات الزوجية إذا تطلب الأمر إثبات حقها فى يوم من الأيام، فالمرأة المصرية تتحمل العديد من الأعباء وأيضاً فى بعض الأسر تساهم فى
مصروفات بيت الزوجية، هل لاتستحق ان يُضمن حقوقها؟ (فالقايمة) ضمان لحق الزوجة إذا تعرضت للظلم وإذا اجبرتها الظروف للإنفصال، فلا نستطيع القول أن (القايمة) خراب بيوت ولكن نستطيع ان نقول القايمة حفاظ على البيوت، فالزوج الذى يهدد الزوجة بالزواج عليها أو يهددها بالطلاق، سيفكر مئات المرات فيما له وما عليه من حقوق تجاه تلك الزوجة ومشاركتها له فى هذا المنزل ، والأب الذى يتنازل عن حق الإبنة فى "القايمة" فهو يتنازل عن حق ليس من حقوقه، وأشارت استشارى العلاقات الأسرية، إلى إن الخلافات هى المصدر الرئيسى لإكتشاف الأشخاص وعند اشتداد الخلاف يغيب الود وبالتالى يغيب الحق نحن بشر لا ملائكة، فالحفاظ على الحقوق واجب ولا يوجد مجاملة فى العِرض، فالأصل التيسير فى الزواج لا المجاملة فى الزواج ، وايضاً عدم المغالاه فى الزواج وليست المهاداة للزواج ، علينا أن نطلب المستطاع لنضبط كفة الميزان ولا نتساهل ونتنازل عن أمر واجب لإتمام الزواج وهى المهور، والرسول صلى الله عليه وسلم قال (أقلهن مهرا أكثرهن بركة) وليس التنازل عن المهر، والقايمة الأن هى بمثابة المهر، فيا أيها الأباء لا تتنازلوا عن حقوق بناتكم فأنت تسلمها لشخص لاتدرى كيف يغيره الزمن ولا تدرى هل يصونها أم يجعلها تلجأ إلى القانون لأخذ حقها.
وتوضح "مرفت رجب" استشاري صحة نفسية وأسري وتربوي، عندما وضع الله قوانين الزواج وضعها ليؤمن بها الحقوق والوجبات وخاصه حقوق المرأة حتي لايقع عليها أي ظلم من قبل الزوج، ووضع الله ركن هام جدا في الزواج وهو المهر كركن أساسي للزواج ولم يحدد الكم والكيفية ولكنه الصداق المسمي بينهما الذي يعقد بيه الزواج، وأشار سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى الخطبة بخاتم، وهو ما يطلق عليه الشبكة وأيضا هذا بالاتفاق بين الطرفين ، وحسب قدراتهم المادية، وهناك بعض الأعراف التي وضعها كل مجتمع وتميز بيها، للزواج بينهم ومنها قائمه الزواج، ومع مرور الأيام وتغير الناس والبعد عن الدين وضع الناس هذه القائمه لضمان حقوق بناتهم ، لأن أحيانا يحدث عند الطلاق هدر وضياع حقوق للزوجة من قبل بعض الرجال، وأوضحت استشارى الصحة النفسية، أنه في الإسلام الزواج بأكمله مسؤلية الرجل فهو القوام، ولكن مع الغلاء وقله الدخل المادي والظروف الاقتصادية يتعاون أهل العروس مع العريس لإكمال الزيجة ، وهناك من يعارض علي قائمه المنقولات ، وهناك من يرحب ، وهناك من يخاف، وأحيانا تضيع الزيحات ولا تكتمل بسبب قائمة المنقولات الزوجية، وففى كل الأحوال من كان يريد أن يحافظ علي زوجته سيحافظ عليها وعلي حقوقها، ومن يريد التخلي عنها فسيفعل ولو كانت قائمة زواجه مرتفعة القيمة، فلنحسن اختيار الرجل الذي يحمي ويصون أولا ويتقي الله في زوجته، ومن حق كل اب ضمان حقوق ابنته ولكن دون التغالي في المهور وكتابة قائمة المنقولات الباهظه الثمن ، فالتوسط في
الأمور يزينها ويتوجها بالحكمة واللطف.
ومن الجانب النفسي والاجتماعي فقالت الدكتورة ايمان عبد الله استاذ علم نفس اجتماعي وعلاج أسري: لدي كل أب يزوج ابنته صراع نفسي بين فرح وقلق وتوتر وشعور بفقد ابنته بزواجها، وقد يتحول هذا الشعور يوم زفافها إلى بكاء شديد من الأب أو يشعر يغيره علي ابنته من زوجها أو يغالي في طلبات يعجز العريس عن تحقيقها، أو قد يتنازل عن حقوقها كأنه يخفف من حدة الصراع والقلق والاشتياق لابنته وكأنه يقدم عربون محبة للزوج حتي يكرم ابنته ويتقي الله فيها ولا يجعلها تقطع صلة الرحم بأسرتها أو يمنعها عن زيارتهم، وهذا تنفيس انفعالي وأسلوب دفاعي لدي الأب لكنه من علامات الضعف لأن التنازل والتضحية من علامات الضعف.
ولا يجوز التنازل عن قائمة المنقولات التي هي هامة لكل فتاة تتزوج ، وتلك نظرة مستقبلية منطقية وليس نظرة مستقبلية عاطفية، والله عز وجل لم يقل تنازلوا عن حقوق المرأة بل حفظها، والتنازل يجعل الشخص يتمادي في أن يأخذ ما لا يحق له، وما يؤخذ بسيف الحياء فهو حرام، وعدم التنازل لايقلل من قيمة الرجل بل بالعكس نحن في زمن متغير ولو سأل الأب نفسه لو حدث لها مكروه هل يضمن لها ماديا بأنها لن تشرد هي وأبنائها.
وتستكمل الدكتورة ايمان عبد الله قائلة: أن الأب الذى يتنازل عن حقوق ابنته وعن كتابة قائمة منقولات لها ، دليل علي التفكير الذكوري البحت كما أن ليس من حقه التنازل عن حقوقها بل لابد أن يحرص على الحفاظ عليها، وما فعله مؤخرا والد العروس الذى تنازل عن حقوقها، حالة فردية، هو أراد أن يقدم رسالة للمجتمع بمعني مزدوج بأنه رجل طيب لديه نوع من التضحية والمبادئ الكريمة وبتقديم نصيحة بأنه من يريد تزويج ابنته فعليه التنازل وهذا خاطئ، فمن حقه فعل ما يريد لكن ليس ضروريا فرضه علي المجتمع، كما أن دور الزوج حماية زوجته وان يكون سند وامين عليها وليس ضروريا ان يتنازل ولي امرها عن حقها حتي يحافظ عليها بل المفترض ان يثبت حسن النية برغبته في أن يكون سند لها وحمايتها دون طلب من أحد أو ينتظر التنازل من أجله بل يصر علي توثيق حقوق زوجته كنوع من الضمان، وكثيرا ما تأتي لي حالات تكتشف الزوجة بعد الزواج أمور غريبة
مثل إصابته بأي مرض عضوي أو نفسي أو انه لا ينجب أو تشعر بنفور شديد لأي سبب وقد تحدث مشاكل بسبب تدخل عائلته فيقع الطلاق وتجد نفسها حائرة للحصول علي حقوقها فلابد من التعقل في إتخاذ كل ولي أمر قرار لضمان حق ابنته.