فشلت مع تراجع العولمة والدولار

فشلت مع تراجع العولمة والدولارحسين خيري

الرأى21-8-2021 | 10:11

يعكس الحال الأمريكي حاليا مشهدا تتزاحم فيه السكاكين لذبح الذبيحة بعد سقوطها، أو ما يشبه تهيئة الأجواء للهجوم على مصارع قوي مصاب، والمثير فى الأمر أن أقرب الأصدقاء الأكثر هجوما على الانسحاب الأمريكي، وبرغم شدة الانتقادات فلم يأن الأوان لترنح أكبر قوة عظمى، وأن كل ما يحدث تصحيح لخطأ فادح ارتكبته العقلية الأمريكية، وبسبب غطرستها تأخر لمدة عقدين.

ولم يكن أول أخطائها، وقد لا يكون الأخير، عندما تغافلت درس حربها فى فيتنام، وثانيا أهملت النظر إلى العبرة من هزيمة بريطانيا والاتحاد السوفيتي سابقا فى أفغانستان، ويبدو أنه غباء من قادة أمريكا فى حب المغامرة فى الأحراش والمناطق الوعرة الجبلية، والتي لا يقدر على مقاومتها أي محتل عسكري، وأن أفلامها عن انتصاراتها فى حروب الفضاء أوهمتها بذلك.

وغضت الطرف عن حقائق التاريخ فى تأكيدها على الفشل الدائم لكل احتلال عسكري، حتى ولو طال به الوقت، وكان بقاء الاحتلال لفترات طويلة فى الأزمنة الماضية يرجع إلى خلل فى وعي بعض العامة من الشعوب.

ومع بداية ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى فرضت هيمنتها على العالم بإلقاء قنبلتين نوويتين على اليابان، وجاء بسط نفوذها بعد ذلك على العالم عن طريق هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، ثم اكتملت هيمنتها بالعولمة، وتوغل أفكارها وثقافتها وسيطرتها على عقول الملايين من حول العالم، وفى نفس الوقت لم تحتل أي بلد عسكريا إلا حديثا.

وكان الأجدر بها بقاؤها على نهج هذا المنوال، واستمرار ضخها للأموال لكي تطور أسلحتها الناعمة، ومن جهة أخرى نجحت فى هيمنتها عبر إثارة النزاعات الطائفية والعرقية لإشعال الحروب، مثلما حدث بين العراق وإيران، وربحت من ورائها تريليونات الدولارات هي وحلفاؤها من دول أوروبا من بيع السلاح، والتي يجنون ثمارها حتى الآن، ولكن المتغطرس لابد أن يقع فى شراكه.

وتحاول حاليا العقلية الأمريكية وقف نزيف خسائرها فى الشرق الأوسط وأفغانستان، وبدأت فى سحب قواتها العسكرية مع بقاء قوات لها بشكل رمزي فى عدد من المواقع كالعراق، وتهدف من ذلك التقاط أنفاسها لاستعادة قوتها وهيمنتها من جديد، خاصة بعد تقهقر سلاحها فى العولمة والدولار.

ومن ناحية أخرى، تعيد ترتيب أوراقها خلال هذه الفترة لبدء مواجهة اقتصادية جديدة أمام العملة الرقمية، التي باتت تهدد عرش الدولار، وثانيا ليتسنى لها أن تضع آليات مبتكرة ضد توحش اقتصاد التنين الصيني، وثالثا لتحد من انتشار برامج التواصل الاجتماعي الصيني، التي أصبحت تنافس بقوة وسائل العولمة الأمريكية، وأخيرا للنظر فى ملف الشرق الأوسط برؤية مختلفة، ونزع فتيل الحروب منه.

وبرغم هذا يساور القلق حلفاء أمريكا وبعض قادتها من الداخل على مستقبل قوتها، واعتبر الجنرال الإسرائيلي "ميخائيل ميلشتاين"،
رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية، أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان من أشد الأنباء سوءا على إسرائيل، وقال إنه تقويض لهيبة أمريكا أمام روسيا والصين وإيران.

والجنرال الإسرائيلي وصف الانسحاب بالفشل الاستراتيجي، ورأى أن طالبان تعود للسيطرة على أفغانستان مع حلول الذكرى الـ 20 لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، أما وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "تشاك هاجل" ذكر أن سبب الفشل هو عدم فهمنا لتاريخ أفغانستان.

أضف تعليق

إعلان آراك 2