قد يكون هذا الكلام صادما للكثيرين الذين يعتبرون السادس من أكتوبر هو مجرد يوم إجازة من العمل نستمع فيه للخطب الحماسية التي تفتت الصخر، ونقرأ فيه المقالات النارية فى كل صفحات صحف الصباح عن النصر الذي كان؛ ونغني فيه أغاني أكتوبر التي ولدت من رحم الحرب بأحاسيس وطنية صادقة لشعراء وملحنين ومطربين عظام، والتي تذاع من السنة للسنة؛ بعد أن تفرج عنها الإذاعة لمدة 24 ساعة فقط..!!
وما أن ينتهي يوم السادس من أكتوبر حتى ينفض مولد الاحتفال بالنصر ثم تعود كل الأمور إلى ما كانت عليه؛ فتختفى الخطب والمقالات النارية، وتعود أغاني أكتوبر النادرة إلى مكانها فى الأرشيف لترقد فيه آمنة مطمئنة يغطيها التراب للعام القادم علينا وعليكم ألف خير..!!
إن نصر أكتوبر يا سادة ملحمة إنسانية وطنية عظيمة نسجت فصولها بدماء وتضحيات الشعب المصري العظيم وفى القلب منه جيشه البطل.. ملحمة تضافر فيها العلم والإيمان فى لحظات تاريخية فارقة أتمنى أن تتكرر كل يوم، بل وكل ساعة، فى كل مواقع العمل والإنتاج.
لقد آن الأوان لكي تتغلغل روح أكتوبر فى كل مجالات حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والصحية والثقافية والفنية..
فبالله عليكم أين روح أكتوبر فى سلوكيات الشارع المصرى؛ وفى أداء مجلس النواب؛ بل والحكومة بأكملها التي رسخ فى وجدان أعضائها أنها حكومة تسيير أعمال لا حكومة مبادرات.. تفكر خارج الصندوق لتأتي بأفكار وحلول لمشاكلنا المزمنة؛ ومساعدة القيادة السياسية بالرأي والفكر والمشورة فى هذه المرحلة المهمة من التنمية والبناء التي نعيشها..؟!
وأين روح أكتوبر فى حياتنا الثقافية والفنية والتي كانت قوتنا الناعمة التي كنا نباهي بها الأمم؛ والتي كانت تعكس الروح المصرية الأصيلة صاحبة حضارة السبعتلاف سنة؛ ونغزو بها قلوب وأفئدة شعوب الدنيا كلها..؟!!
هذه القوة الناعمة، تحولت للأسف إلى «قوة ناعسة» بفعل فاعل، بعد أن هيمنت عليها ثقافة التوك توك وأغاني المهرجانات وسينما الهلس..!!
إن هناك الكثير مما أردت أن أقوله.. لكننى سأكتفى بهذه الملاحظات البسيطة حتى لا أفسد عليكم بهجة الاحتفال بنصر أكتوبر؛ والاستمتاع بأغاني النصر التي نسمعها من السنة للسنة.. و«يااللى من البحيرة وياللى من الصعيد هنوا بعضيكم وهنوا جمعنا السعيد.. مصر اليوم فى عيييييييد»..!!