تحل اليوم الخميس، ذكرى وفاة عميد الأدب العربي «طه حسين»، الذي وافته المنية، يوم 28 أكتوبر 1973.
وشُيعت جنازته يوم 31 أكتوبر 1973م .
محطات مؤثرة في حياة «طه حسين»:
ولد في الرابع عشر من نوفمبر ١٨٨٩، فى قرية الكيلو قرب مغاغة بمحافظة المنيا، ولما بلغ الرابعة أصيب بالرمد وفقد بصره وألحقه أبوه بكتّاب القرية فتعلم العربية وحفظ القرآن، وفى ١٩٠٢ التحق بالأزهر ونال شهادته، لكنه ضاق ذرعا بالدراسة لرتابتها، فلما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة ١٩٠٨ كان أول المنتسبين إليها، وإن ظل يتردد على الأزهر حتى ١٩١٤، وهى السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراة، وكان موضوعها «ذكرى أبى العلاء»، التي أثارت ضجة في الأوساط الدينية، كما اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة، وفى العام نفسه أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلية بفرنسا، في بعثة دراسية فدرس الأدب الفرنسى وعلم النفس والتاريخ الحديث وبقى هناك حتى ١٩١٥، ولما خاض معركة المقارنة بين التدريس في الأزهر والجامعات الغربية قرر المسؤولون حرمانه من المنحة وتدخل السلطان حسين كامل وأوقف القرار وعاد إلى فرنسا لمتابعة الدراسة في باريس وأعد الدكتوراة الثانية عن (الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون)، وتزوج سوزان فكانت خير سند وداعم له، ولما عاد إلى مصر في ١٩١٩ عين أستاذًا للتاريخ اليونانى في الجامعة الأهلية المصرية، فلما صارت حكومية في ١٩٢٥ عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربى، فعميداً لكلية الآداب في ١٩٢٨، لكنه قدم استقالته بسبب ضغوط وفدية، لانتمائه للأحرار الدستوريين، وفى ١٩٣٠ أعيد إلى عمادة الآداب، ولما أرادت الجامعة منح الدكتوراة الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية رفض، فأصدر وزير المعارف قرارا بنقله إلى وزارة المعارف، ورفض طه حسين، وأحالته الحكومة إلى التقاعد سنة ١٩٣٢ فانصرف إلى العمل الصحفى، لكنه تركه في ١٩٣٤. وقد أعيد إلى الجامعة بصفته أستاذا للأدب ثم عميدا لكلية الآداب بدءا من ١٩٣٦ وعلى إثر خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها، وفى ١٩٥٠ صار وزيراً للمعارف حتى ١٩٥٢، وفى ١٩٥٩ عاد إلى الجامعة مجددا بصفته أستاذاً غير متفرغ، كما عاد إلى الصحافة، وكان في ١٩٢٦ قد ألف كتابه «فى الشعر الجاهلى» الذي خلص فيه إلى أن الشعر الجاهلى منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، فتصدى له كثيرون وقاضاه عدد من علماء الأزهر، وبرأته المحكمة، إلى أن توفى «زي النهارده» في ٢٨ أكتوبر ١٩٧٣.
طه حسين يتعرض لوعكة صحية تنهي حياته:
كان مصابًا بوعكة صحية، جعلته يفارق الحياة، فكانت زوجته جالسة بجواره لحظة موته
سبب دفنه بعد وفاته بثلاثة أيام من وفاته:
لم يدفن عميد الأدب العربي يوم وفاته رغم أنه فارق الحياة في صباح يوم 28 أكتوبر 1973، ولكنه انتظر حتى الأربعاء 31 أكتوبر.
أسباب دفن طه حسين بعد ثلاثة أيام من موته:
وكان أول تلك الأسباب هو عدم وصول ابنته أمنية التي كانت في الولايات المتحدة الأمريكية لحظة موت أبيها، وكانت عودتها إلى مصر تستغرق وقت، والسبب الثاني هو الترتيب لجنازة مهيبة تليق بـ عميد الأدب العربي طه حسين، بالتنسيق مع الحكومة ورئاسة الجمهورية، ولأن ذلك الوقت كان التركيز كله في الجبهة فاستغرق الترتيب بعض الوقت.
ونشرت جريدة الأخبار في 1 نوفمبر 1973، أن جثمان عميد الأدب العربي وصل جامعة القاهرة في تمام العاشرة صباح الأربعاء 31 أكتوبر، ووضع في مدخل قاعة الاحتفالات الكبرى، التي توافد عليها المشيعون حتى امتلأت عن آخرها.
«جنازة» لم يشهدها التاريخ إلا مرة واحدة:
فبدأت جنازته من جامعة القاهرة وصولًا لمسجد صلاح الدين بالمنيل، شيعها كبار المفكرين والأدباء وعمداء الكليات وآلاف الطلاب، والتى ودعوا فيها طه حسين.
وفاته صدمة للعالم أجمع:
كانت وفاته صدمة للعالم أجمع، فرغم كبر سنه، وشدة مرضه إلا أن الجميع لم يتصور أنه سيرحل في يوم من الأيام، فكانت مراسم تشييع جثمانه لوحة مبهرة تؤكد للعالم أجمع أن العلم والفكر هما أساس احترام وخلود الأشخاص، ورغم مرور 47 عام على رحيل عميد الأدب العربي، إلا أن دراساته وأعماله الأدبية ما زالت محل دراسة، لتأثيرها وتوثيقها لفترة هامة من عمر الوطن.