زار الرئيس الأمريكى جو بايدن وعقيلته جيل قاعدة فورت براج العسكرية بولاية نورث كارولينا للمشاركة فى "عيد الشكر" مع العسكريين وقوات الجيش وعائلاتهم.
ويجمع مصطلح "عيد الشكر" أو friendsgiving بين كلمتى "صديق" و"عيد الشكر" وهو عبارة عن وجبة طعام كبيرة بين الأصدقاء خلال موسم عيد الشكر.
وبعد كلمة التهنئة، شارك الرئيس الأمريكى وزوجته فى توزيع عشاء عيد الشكر للعسكريين الحاضرين للحفل. وكان بايدن أصدر عفواً عن الديكين الروميين الأبيضين الكبيرين من ولاية إنديانا ويدعيان "بينت بتر" و"جيلى" فى حديقة الورود ب البيت الأبيض يوم الجمعة الماضى (19 نوفمبر)، وذلك فى استمرار لتقليد متبع فى عيد الشكر منذ عقود.
بايدن يعفى عن ديكين روميين
وبينما تم إعفاء الديكين من المصير الذى تلاقيه ملايين الديوك الرومية فى يوم عيد الشكر، قال بايدن إن أسميهما - ويعنيان زبدة الفول السودانى والجيلى - يذكرانه بالساندويتش الذى يستمتع به فى وجبة الغداء.
وبعد حصولهما على العفو الرئاسى، اتجه الديكان الروميان إلى مركز أبحاث وعلوم الحيوان بجامعة بوردو، حيث سيقضيان بقية أيامهما فى مكان مغلق مع إمكانية وصولهما إلى منطقة عشبية مظللة.
قصة الديك الرومى
وكان الرئيس الأمريكى الراحل هارى ترومان، أول من تلقى ديكا روميا فى عيد الشكر من مُربى الديوك الرومية فى الولايات المتحدة عام 1947، فيما كان الرئيس الأسبق جورج بوش الأب أول رئيس أمريكى يعفو رسميا عن ديك رومى بـ "البيت الأبيض" فى عام 1989.
ويوافق عيد الشكر الأمريكى، الخميس الرابع من شهر نوفمبر من كل عام، ويتبعه يوم "الجمعة السوداء"، الذى يشهد أحد أكبر التخفيضات التجارية على كل السلع تقريبا.
ووفقا لـ "بى بى سى"، أصبح عيد الشكر الأمريكى (ثانكس جيفينج) من المناسبات الدولية التى يحتفل بها الكثيرون حول العالم. ويشهد الكثير من البلدان مظاهر الاحتفال وإعداد الأطعمة التى يشتهر بها هذا العيد، وهى وجبة الديك الرومى بالأساس.
واتُخذ قرار الاحتفال ب عيد الشكر فى جميع الولايات الأمريكية كمناسبة قومية فى الثالث من أكتوبر عام 1863، من قِبل الرئيس الراحل أبراهام لينكن، أثناء الحرب الأهلية. وقرر آنذاك أن يكون الاحتفال فى 26 نوفمبر من نفس العام.
صحفية وراء تحويله إلى عيد قومى
وجاء قرار لينكن استجابة للكاتبة الصحفية سارة جوزيفا هايلى، التى طالبت على مدار ثلاثين عاما بجعل عيد الشكر عيدا قوميا. واستمر تحديد موعد الاحتفال بقرار رئاسى كل عام، حتى تم تثبيته كعيد قومى فى عهد الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت عام 1942، بعد قرار من الكونجرس عام 1941.
الاحتفال الأول
وتعود قصة "عيد الشكر" إلى عام 1621، عندما أراد سكان المستعمرات البريطانية فى بليموث الاحتفال بعيد الحصاد، وخرجوا لصيد الطيور لإعداد عشاء يليق بالاحتفال. وعندما سمع السكان المحليون الصوت، وكانوا من قبيلة اسمها "وامبانواج"، توافدوا إلى أسوار المستعمرة، وكان عددهم 90 شخصا فى مقابل 50 من سكان المستعمرة. واستقبل سكان المستعمرة وفود السكان الأصليين. وتشارك الجانبان فى أول مائدة معروفة لعيد الشكر، إذ جلب السكان الأصليون لحم الغزلان، وطُهيت أصناف كثيرة من الطيور والأسماك والقشريات والخضروات. وافترش الجمعان الأرض لعدم وجود موائد آنذاك. واستمرت الاحتفالات على مدار يومين، سُمعت فيهما طلقات النيران الاحتفالية، ونُظمت السباقات، وقُدمت أصناف متنوعة من الجعة والخمور.
واستمر هذا الاحتفال المشترك كل عام، وانتشرت عدوى الاحتفال إلى المستعمرات المجاورة فى ماساتشوسيتس وغيرها من بقاع الساحل الشرقى. وجاءت "حرب الملك فيليب" بين عامى 1675 و1676، لتضع حدا لهذا الاحتفال، إذ خاض السكان الأصليون حربا ضد المستعمرين والموالين لهم. وحصدت هذه الحرب أرواح الآلاف من السكان الأصليين مقابل المئات من سكان المستعمرات. ويعتبرها البعض حرب إبادة عرقية للسكان الأصليين.
جدل منذ الأزل
واستمرت احتفالات سكان المستعمرات البريطانية، أو ما عُرف بـ "نيو إنجلاند"، ب عيد الشكر سنويا رغم الصراعات مع السكان الأصليين. وأقام المستعمرون الصلاة لشكر الله على كل النعم، مثل حصاد المحاصيل وانتهاء فترات الجفاف، أو الانتصارات العسكرية (التى كانت بالأساس ضد السكان الأصليين، ويعتبرها البعض حروب إبادة). وحتى يومنا هذا، يرفض البعض احتفالات عيد الشكر ويعتبرونها ذكرى للمجازر ضد السكان الأصليين.
وفى عام 1798، قرر الكونجرس الأمريكى أن يكون قرار الاحتفال متروكا لكل ولاية، بعد نشوب احتجاجات على تدخل الحكومة المركزية فى شعيرة دينية. كما أن الاحتفال ب عيد الشكر لم يوافق هوى سكان النصف الجنوبى من الولايات المتحدة. واعتُبر الإصرار على احتفال قومى ل عيد الشكر بمثابة إشعال لفتيل توترات جديدة بدلا من أن يكون فرصة للوحدة والمشاركة.
الحرب الأهلية الأمريكية
وعند انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية فى منتصف القرن التاسع عشر، وسيطرة الشمال على الجنوب، أصبح عيد الشكر مناسبة قومية فى عموم البلاد. ولم يغب الجانب التجارى عن احتفالات عيد الشكر، إذ أن قرار روزفلت بتثبيت موعد عيد الشكر كان بهدف زيادة فترة موسم التسوق الخاص بعيد الميلاد بحيث يبدأ مبكرا. حتى أن روزفلت فى بعض السنوات قرر أن يكون عيد الشكر فى الخميس الثالث من نوفمبر.
ومع الوقت، خفت تأثيرات العنصر الدينى من احتفالات عيد الشكر ليكون أكثر شمولا للمهاجرين من جميع الديانات. وبدأت تظهر احتفالات أخرى أكثر علمانية مثل إقامة مباراة كرة قدم أمريكية بين فريقى ييل وبرنستون عام 1876.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، أُدخلت فكرة الاستعراضات والمواكب إلى الاحتفال. كان أشهرها فى فيلادلفيا عام 1920 حيث شارك 50 شخصا، وظهر شخص يرتدى زى بابا نويل فى نهاية الموكب. كما بدأ الموكب الأشهر، الذى يُقام فى مدينة نيويورك، فى عام 1924. واستُخدمت المناطيد والبالونات الكبرى منذ عام 1927.
مائدة عيد الشكر
ويُعد الديك الرومى المشوى المكون الأبرز فى مائدة عيد الشكر. وعادة ما يتوسط المائدة، مع أصناف جانبية أخرى من اللحوم والبطاطس. لكن هذا المكون الأبرز غاب عن السنوات الأولى من الاحتفال. فعند خروج سكان المستعمرات للصيد، كانوا يستهدفون البط والإوز البرى، وغاب الديك الرومى عن المشهد آنذاك.
لكن الاختيار وقع على الديك الرومى لاحقا بعد تعميم الاحتفال ب عيد الشكر فى القرن التاسع عشر. واختير الديك الرومى نظرا لحجمه الكبير الذى يكفى عشاء لعائلة كاملة. بجانب عدم الاحتياج له للتفريخ والحصول على البيض، ما جعل سعره أقل نسبيا. وتضم مائدة عيد الشكر أنواعا أخرى من اللحوم المشوية، والبطاطس، والخضروات المشوية، والحلوى التى يدخل اليقطين فى مكوناتها.
ويستمر البيت الأبيض فى تقليد سنوى بجلب ديكين ليعفو عنهما الرئيس بحيث لا يُذبحا فى عيد الشكر.