أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية و حقوق الإنسان في 10 ديسمبر 2021 تقريًرا جديًدًا بعنوان " أكفلوا المساواة للجميع: لن نتعافى إلا سويا" يأتي التقرير بالتزامن مع إحياء ذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان في عام 1948، وقد جرى مناقشة الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريبا ويتضمن 30 مادة لصيقة ب حقوق الإنسان وفي صميم هذه المواد مبدأين أساسيين من مبادئ القانون الدولي ل حقوق الإنسان وهما المساواة وعدم التمييز.
وركزت مؤسسة ماعت في التقرير، على المواضيع التي حددتها الأمم المتحدة لهذا العام والذي تتبلور جميعها حول "المساواة" واعتبر التقرير إن تقليص أوجه اللامساواة بين الدول مرتفعة الدخل والدول الفقيرة وبين الأفراد داخل المجتمعات الواحدة، من شأنه أن يحمي طائفة من البشر من الوقوع في جائحة الفقر المدقع، حيث من المرجح أن يدفع انعدام المساواة فضلا عن الآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا قرابة 150 مليون شخص إلى هوة الفقر بحلول عام 2022.
وخلص التقرير إلى التوزيع غير العادل للقاحات يقوض جهود التعافي التي ننشدها جميعا لاسيما في الدول منخفضة الدخل، وهو ما يوسع الفجوة بينها وبين الدول الغنية، ويجعل أكثر من نصف السكان في العالم يتخلفون عن الركب، ففي الوقت الذي تلقي فيه التطعيم ما يربو على 5.7 مليار شخص حول العالم بجرعة أو أكثر، فإن 73% من هذه اللقاحات وزعت في 10 دول فقط ولم يحصل سوى 2% في قارة أفريقيا على اللقاح، وهو وجه من أوجه اللامساواة بين الدول، وقالت مؤسسة ماعت إن هذا التفاوت في توزيع اللقاحات يتعارض مع قواعد القانون الدولي ل حقوق الإنسان ويعكس نمطا مغايرًا لروح التضامن العالمي المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت التقرير الانتباه إلى إن جائحة كورونا خفضت عدد السكان المشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية في الدول منخفضة الدخل من 13.4 قبل الجائحة إلى 7.8 بحلول عام 2021 وحتى في الدول مرتفعة الدخل كانت برامج الحماية الاجتماعية تغطي ما يربو على 85.4% من السكان قبل جائحة كورونا، لكن انخفضت هذه النسبة بنهاية عام 2020 إلى 62.8 من السكان. وأوضح التقرير إنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته بعض الدول على صعيد المشاركة السياسية بين الجنسين إلا أن المساواة لم تتحقق بعد، و بحلول عام 2021 لم تحز النساء سوى على 26.1 من زهاء 35.500 ألف مقعد برلماني في 156 دولة، كما لم تعين كوزيرة سوي بنسبة 22.6% من أكثر من 3400 حقيبة وزارية في 81 دولة.
وفي هذا السياق، قال أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت إن المظالم الجماعية الناجمة عن عدم المساواة واستفحال التمييز والإقصاء بين الأفراد في المجتمعات الواحدة لها دورًا أساسيا في تحفيز النزاعات المسلحة والصراعات العنيفة، وطالب عقيل بضرورة البدء على وجه السرعة في وضع استراتيجيات وخطط وطنية لتحقيق المساواة ومكافحة التمييز وخطابات الكراهية والتعصب وكراهية الأجانب بما يتفق مع القانون الدولي ل حقوق الإنسان بما في ذلك إعلان ومنهاج عمل ديربان.
بدوره قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات في مؤسسة ماعت إنه رغم عقود مضت من المطالبة بالمساواة بين الجنسين في أماكن العمل بما في ذلك المساواة في الأجر نظير عمل متساو القيمة، ما برحت الفجوة تتسع بين الرجل والمرأة، وقد فاقم من هذه الفجوة جائحة كورونا المستجد، وطالب عبد الحميد بضرورة كفالة المساواة بين الجنسين في أماكن العمل بما يتوافق مع المادة 7 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 100 لعام 1951.
وقال علي محمد الباحث بمؤسسة ماعت إن الشعوب الأصلية والذين يمثلون نحو 6.2% من سكان العالم ويقيمون في 90 دولة أكثر من عانوا من مخاطر انعدام المساواة وحذر من عدم العمل على تقليص الفجوة التي استشرت بين الشعوب الأصلية وبين المواطنين في الدول الذين يقيمون فيها، وأردف إن حرمانهم من الأراضي الثرية الذين نشأوا عليها يتعارض مع مبادئ وأحكام إعلان الأمم المتحدة بشأن الشعوب الأصلية وينسف أي آمال نحو تحقيق الهدف رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة الخاصة بتحقيق العدل والسلام والمؤسسات القوية.