ترك الوباء الكثير منا مرهقين ومنهكين، لكن بول ماكينا، الشخصية البريطانية المشهورة بالرؤى الفلسفية وسعة الإلمام بعلم النفس، وضع خطة من ثلاث مراحل للمساعدة في التغلب على الضغوط وإعادة ضبط المشاعر، لتصبح إيجابية مجددًا في عام 2022، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
تأتي الخطة في سياق مؤلف جديد لبول ماكينا، عنوانه Positivity: Confidence، Resilience، Motivation والذي سيبدأ توزيعه خلال الشهر الجاري.
عامان من الخوف وخيبة الأمل
وأوضح ماكينا أنه في هذا العام الجديد، ربما أكثر من أي عام آخر، يحتاج الجميع إلى تسخير مشاعر الإيجابية، لأن الجميع يرجو تحقيق انطلاقة هم في أمس الحاجة إليها، واصفًا عام 2020 بعام الخوف وأن عام 2021 هو عام خيبة أمل مؤلمة.
وشرح أن الأحداث المتوالية أثرت على الكثيرين والذين أصبحوا يعانون من نوبات من الشعور بالتعب والإحباط، ووصلت إلى ارتفاع أعداد ممن لجأ للأطباء لعلاجهم بالعقاقير المضادة للاكتئاب في عامي 2020 و2021.
كما وعد القراء بأن خطته تتضمن طرقًا جديدة للتفكير من شأنها أن تساعد في التحصين ضد السلبية وإعادة ضبط مشاعر الإيجابية، مؤكدًا أن التقنيات تساعد في الحفاظ على الهدوء تحت الضغط والاستمتاع بشعور جديد من التفاؤل، ومن ثم تهيئة الحالة العاطفية للأشخاص لاستعادة الثقة والمرونة والحافز.
المحاور الثلاثة
الخطوة الأولى هي العمل على تهدئة مشاعر التوتر والقلق التي يمكن أن تجعل الشخص يشعر كما لو أن الحياة أصبحت خارج نطاق السيطرة، عن طريق المساعدة على تحديد موقع الصوت الداخلي الهادئ المطمئن والباعث على الشعور الاسترخاء والتخلص من القلق والتوتر.
فيما تتلخص الخطوة الثانية في شرح كيفية تطبيق تقنيات مختلفة لتعزيز الثقة والمرونة، بما يعني ما يزيد عن مجرد القدرة على مواجهة تحديات الحياة. ويقول ماكينا إن المرونة هي كل شيء عن القدرة على التكيف والإبداع والتفكير الواسع الحيلة.
أما الجزء الأخير في بانوراما استعادة الهدوء والاسترخاء والمرونة والثقة، فهو الخطوة الثالثة التي توضح كيفية تفعيل الدوافع الذاتية الكامنة في داخل كل شخص، لتحديد الاتجاه الذي ينبغي أن تسير فيه حياته وكيفية التعمق لاكتشاف ما يهمه حقًا بما يدفعه للأمام في عام 2022، من خلال إعادة صياغة الذكاء العاطفي.
الأسبوع الثالث من يناير
يعمد الكثيرون في أغلب الأحوال إلى اتخاذ سلسلة من القرارات بمناسبة العام الجديد، من بين القرارات الأكثر شيوعًا يأتي تناول كميات أقل من الطعام وممارسة الرياضة بشكل أكبر، ولكن، بحسب ماكينا، تكمن المشكلة في الانتقال من الصفر إلى 100 في اليوم الأول، حيث يتم وضع أهداف كبيرة، والتي يتم بكل الأسف التخلي عنها بحلول الأسبوع الثالث من شهر يناير.
ونصح بأن يتم تجربة القيام بوضع قائمة الأهداف بشكل مختلف هذا العام، فبدلًا من كتابة قائمة طويلة من الأهداف، يمكن تحديد هدف يتم الالتزام بتنفيذه وهو مجرد الشعور بالتحسن والوصول إلى الأفضل.
خطوات بسيطة وفعالة
يشرح ماكينا الخطوة الأولى بأنها ببساطة أن يغمض الشخص عينيه ويطفو إلى مستقبل مشرق:
1) يتخيل فقط أنه أمضى عامًا في المستقبل وقضى واحدة من أفضل سنوات حياته، وسيساعده طرح الأسئلة التالية على نفسه:
• ماذا حدث لصحته النفسية والجسدية؟
• كيف هي علاقاته الشخصية والمهنية؟
• كيف تبدو مهنته؟
• كيف هو الحال بالنسبة لمدخراته؟
• ما مدى سعادته؟
• أي من أهدافه تم تحقيقها؟
2) ثم يقوم الشخص بإنشاء مشهد مثالي يعرض فيه كل ما يريد أن يحدث في مستقبله الإيجابي. ويمكن أن يكون المشهد المثالي واقعيا أو رمزيا.
3) أثناء إنشاء تلك الصورة بعد عام من الآن، يجب أن يرسمها الشخص كبيرة ومشرقة وجريئة وملونة، بحجم شاشة السينما. سيعرف أنه يفعل ذلك بشكل صحيح لأنه من الجيد أن يتخيله فقط.
4) ثم يعود بعدئذ إلى الوراء ثلاثة أشهر من صورته الكبيرة ويسأل نفسه ما الذي يجب أن يحدث قبل ذلك بثلاثة أشهر لتحقيق تلك الأهداف الكبيرة بعد عام من الآن ورسم صورة تمثلها.
5) والخطوة التالية هي التراجع عن تلك الصورة لمدة ثلاثة أشهر أخرى ويسأل نفسه ما الذي سيحدث بعد ذلك، قبل ستة أشهر من ذلك؟
6) ثم يعود بثلاثة أشهر أخرى من صورته الأخيرة ويسأل نفسه ما الذي يجب أن يحدث قبل ذلك بثلاثة أشهر؟ أثناء القيام بذلك، يقوم بعمل صورة جديدة في عقله تمثل هذه النقطة.
7) ويتراجع مجددًا ثلاثة أشهر من آخر صورة إلى مكانه الحالي. ثم يسأل نفسه ما الذي يجب أن يحدث من هذا اليوم فصاعدًا؟
8) هكذا يمكن أن يكون الشخص قادرًا على رؤية سلسلة متوالية من الصور التي تظهر له اتجاه حياته خلال العام المقبل.
9) يجب أن يكون لديه الآن سلسلة متوالية من الصور تربط الحاضر بمستقبله الإيجابي المُقنع. ويجب أن تكبر الصور بشكل تدريجي مع حدوث أشياء أفضل وأفضل فيها. وأن ينظر إلى تلك الصور ويدع عقله اللاواعي يحدد معالم خريطة الطريق لنجاحه خلال العام المقبل.
10) أخيرًا، وبعد أن يحلق الشخص خارج جسده ليرى كل خطوة في كل صورة تم رسمها يمكن أن يعود إلى الحاضر وأن ينظر مرة أخرى إلى جدوله الزمني المستقبلي، مسترشدًا بالخريطة التي رسمها لعقله اللاواعي لاستخدامها كدليل لتحقيق المستقبل الذي يريده ويحلم به.
لمسة علاجية تهدئ العقل
إن العقل الهادئ هو أكثر انفتاحًا على التفكير الإيجابي، في حين أن القلق والتوتر هو حقا أفضل صديق للسلبية. ومن ثم فإن أحد أكثر الطرق فعالية لتقليل التوتر والقلق على الفور، هي تقنية تسمى Havening، والتي تستخدم لمسة بسيطة لتهدئة الجسم والعقل.
ابتكر دكتور رونالد رودن، خبير في علم الأعصاب، هذه التقنية بعدما اكتشف أن أنماط اللمس المتكرر لأجزاء من الجسم جنبًا إلى جنب مع حركات وتصورات محددة بالعينين لها تؤدي إلى تأثير سريع وموثوق ويمكن التنبؤ به على المشاعر.
تعمل تقنية التحمل من خلال محاكاة الطريقة، التي كانت بها الأم تهدهد وتريح الشخص بها عندما كان صغيرًا، وعندما كانت تحتضنه بين ذراعيها. إن هذه التقنية ليست مجرد إلهاء. أظهرت الدراسات أنه عندما يتم استخدام التحمل، فإن الشخص يحد من المواد الكيميائية المسببة للتوتر في الجسم ويغير الطريقة التي يعالج دماغه بها الأفكار والمشاعر.
تأثير التسلسل المحدد الوارد في السياق هو إعادة ضبط الطريقة التي يفسر بها الدماغ الإجهاد ويستجيب له. بمرور الوقت، يمكن أن تغيير المسارات العصبية في الدماغ بشكل جيد.
عند البدء، ينبغي رصد قدر الانزعاج الذي يشعر به الشخص وتقييم قوته من واحد إلى عشرة، حيث يكون الرقم عشرة هو الأقوى. ثم يتبع هذه الخطوات:
1) الانتباه لأي ضغوط أو ذاكرة مؤلمة يرغب في إزالتها ويلاحظ كيف تبدو في خياله وكيف يشعر بالتوتر. ثم يقوم بتقييم قوتها على مقياس من واحد إلى عشرة، حيث يكون الرقم عشرة هو الأقوى.
2) يعمل الشخص على تصفية ذهنه ثم يفكر في شيء لطيف.
3) يرفع ذراعيه ويضع يديه فوق كتفيه ثم يغلق العينين.
4) يحرك اليدين على جانبي الذراعين من أعلى كتفيه إلى مرفقيه، ويستمر في القيام بنفس الحركة لأسفل مرارًا وتكرارًا.
5) أثناء قيامه بتحسس جانبي ذراعيه، يتخيل أنه يمشي على الشاطئ. مع كل خطوة يخطوها على الرمال، يقوم بالعد بصوت مرتفع من واحد إلى 20.
6) ويحافظ على ثبات رأسه، مع الاستمرار في تحريك ذراعيه، ويحرك عينيه بشكل أفقي إلى اليسار واليمين عشر مرات.
7) وبينما لا يزال الشخص ممسكًا بجانبي ذراعيه، يتخيل أنه يتنزه في حديقة جميلة، ومع كل خطوة فوق العشب، يقوم بالعد بصوت عالٍ من واحد إلى 20.
8) ثم يفتح الشخص عينيه ويعيد فحص مشاعره مقابل المقياس من واحد إلى عشرة. إذا كان في أسفل الميزان، فلقد تم تغيير مشاعره بنجاح، وإذا كان يعتقد أن الشعور بالتوتر لم ينخفض بعد بشكل كافٍ، فقط يمكنه تكرار تسلسل التحفيز حتى يتم تقليله بقدر ما يريد.
تقنية لتنمية الذكاء العاطفي
ينصح ماكينا بتطبيق تقنية مستوحاة من عمل الخبير جينبو روشي، ويتم القيام بها لتنمية الذكاء العاطفي كما يلي:
• يضع الشخص يديه أمامه مع رفع راحتيه لأعلى.
• بعد ذلك، يركز تفكيره على الشعور الذي يزعجه، مهما كان سواء كان خوف أو غضب أو أي شعور أخر. ويسأل نفسه عما إذا كان هناك أي شيء يرغب هذا الشعور في قوله له. فإذا كان هناك أي جمل فيقوم بتدوينها، وإذا لم يكن موجودًا، فلا بأس بذلك أيضًا.
• ثم يتخيل الشخص أنه يمسك الشعور بيده اليسرى، أمامه ويتواصل معه. ثم يفكر في عكس ذلك الشعور، على سبيل المثال، السكينة والهدوء والراحة، بدلًا من التوتر والغضب والانفعال.
• يضع الشخص الشعور المعاكس، أي السكينة والهدوء والراحة، في ذهنه، ويلاحظ كيف يشعر، وبعدها يتخيل أنه يضع هذا الشعور الإيجابي المعاكس في يده اليمنى أمام ناظريه.
• ثم يحرك الشخص انتباهه إلى بضع سنتيمترات فوق رأسه ويحافظ على انتباهه في هذا الموقف، ويختبر كلا الشعورين الإيجابي والسلبي في نفس الوقت.
• ويستمر في الشعور بالحالتين الإيجابية والسلبية في وقت واحد مع انتباهه فوق رأسه.
• أثناء القيام بذلك، سيعاد ضبط النظام العاطفي حتى يتمكن من تجربة تلك المشاعر الصعبة عند مستوى أدنى حيث يندمج مجددًا في ذكائه العاطفي.