فى مثل هذا اليوم قبل عشرين عامًا وصل أول المعتقلين من باكستان و أفغانستان لـ "جوانتانامو" المعتقل الأسوأ سمعة فى العالم، والذى تم بناءه فى القاعدة البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 بعهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش لاعتقال المشتبه بعلاقتهم بتلك الهجمات دون محاكمة.
تأجير جوانتانامو
في عام 1903، قامت كوبا بتأجير الولايات المتحدة قاعدة جوانتانامو مقابل 200 دولار سنويا، إذ استمرت واشنطن في دفع قيمة الإيجار المترتب على استئجار القاعدة العسكرية، على الرغم من رفض كوبا استلام قيمة الإيجار منذ الثورة الكوبية وأزمة الصواريخ في ستينات القرن الماضي.
وخلال السنوات الـ20 الماضية احتجز ما مجموعه 780 شخصا فى جوانتانامو، وغالبية هؤلاء أفرج عنهم بعدما اعتقلوا لأكثر من 10 سنوات من دون أن توجّه إليهم أي تهمة قضائية.
39 معتقلًا
حاليا لم يتبق في جوانتانامو سوى 39 معتقلًا، بينهم 14 صدرت قرارات بالإفراج عنهم لكن ترحيلهم ينتظر موافقة بلدانهم الأصلية أو دول ثالثة على استضافتهم، و14 معتقلا آخر ينتظرون الاستفادة من قرارات إطلاق سراح مماثلة. أما البقية فهناك اثنان فقط صدرت بحقّهما أحكام بالسجن بينما لا يزال العشرة الباقون ينتظرون محاكمتهم.
فشل فى إغلاقه
ومنذ استخدام جوانتانامو معتقلا للمشتبه في تورطهم بقضايا إرهابية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 مر المعتقل بالعديد من المراحل، وفشلت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فى إغلاقه رغم تعهده بذلك، بسبب معارضة الكونجرس، حيث اعتبره الكثير من أعضاء الكونجرس بمثابة تهديد للأمن القومي الأمريكى.
ورغم عرقلة الكونجرس كل الجهود التي حاول أوباما من خلالها إغلاق المعتقل فإنه أحرز تقدما كبيرا نحو تحقيق هذا الهدف، وفي وقت وصل فيه عدد المعتقلين ب جوانتانامو إلى ما يقارب 800 -خلال سنوات حكم الرئيس السابق جورج بوش- نجح أوباما في تخفيض كبير لعدد المعتقلين.
وعود البنتاجون
على الصعيد الأمريكي الرسمي قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) جون كيربي إن الإدارة الأمريكية "ما زالت ملتزمة إغلاق سجن خليج جوانتانامو" وأضاف للصحفيين أمس "نحن بصدد دراسة سبل المضي قدما في هذا الصدد".
وأوضح المتحدث أن 13 معتقلا في جوانتانامو من أصل 39 مؤهلون للإفراج عنهم ونقلهم من المعتقل، وأن 14 معتقلا يجري بحث وضعهم من قبل مجلس المراجعة الدورية، كما أضاف البنتاجون أن 10 معتقلين يخضعون لإجراءات لجان المحاكمة العسكرية بانتظار محاكمتهم.
الإرث المظلم
في غضون ذلك كشف "معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة" أن التكلفة السنوية للمعتقلين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة في سجن جوانتانامو تبلغ 540 مليون دولار.
وجاء ذلك في تقرير نشره المعهد التابع لجامعة براون الأمريكية حول عمليات التعذيب والاحتجاز غير القانوني بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان "إرث الجانب المظلم" إلى أن تكلفة التحقيقات والاحتجاز غير القانوني في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001 بلغت 540 مليون دولار سنويا على المعتقلين في جوانتانامو من ضرائب المواطنين الأمريكيين.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة "حتى لو استنكرت اليوم الممارسات غير القانونية خارج البلاد فيبدو أنها فقدت السلطة الأخلاقية التي يمكن أن تلزم الدول الأخرى على كبح جماحها".
مطالبات دولية
وبعد مرور 20 سنة على دخول أوائل المعتقلين إلى جوانتانامو، دعا خبراء مستقلون منتدبون من الأمم المتحدة الولايات المتحدة أمس الاثنين إلى إغلاق معتقل وانتانامو مؤكدين أنه يشهد "انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان".
وفي بيان مشترك قال الخبراء "إن 20 سنة من اعتقالات تعسفية من دون محاكمات، مصحوبة بتعذيب أو سوء معاملة، هي ببساطة أمر غير مقبول لأي حكومة، ولا سيما لحكومة تدعي حماية حقوق الإنسان".ووصف الخبراء المستقلّون هذا المعتقل بأنه "ثقب أسود قانوني"، و"وصمة عار" على التزام الولايات المتحدة بحكم دولة القانون.
وناشد الخبراء الولايات المتحدة العضو الجديد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "إغلاق هذا الفصل البغيض من الانتهاكات المستمرّة لحقوق الإنسان"، ودعوا إلى إعادة المعتقلين الذي ما زالوا في جوانتانامو إلى أوطانهم أو إرسالهم إلى بلدان ثالثة آمنة، وتعويضهم عن أعمال التعذيب والاعتقالات التعسفية التي تعرضوا لها.
وأكد الخبراء في بيانهم أنه منذ 2002، لقي 9 معتقلين حتفهم في جوانتانامو، بينهم 7 قالت السلطات الأمريكية إنهم قضوا انتحارا، من دون أن تحصل أي متابعة قضائية في أي من هذه الحالات، ودعا الخبراء كذلك إلى محاكمة المسؤولين عن أعمال التعذيب التي تعرّض لها المعتقلون.
نواب ألمان
وفي العاصمة الألمانية برلين طالب نواب في البرلمان الألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب اليسار في رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن بإغلاق معتقل جوانتانامو القائم منذ 20 عاما.
وجاء في الرسالة التي وقعها 14 عضوا بالبرلمان أمس ووجهوها أيضا إلى نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي "إن مركز التعذيب والمحاكم الخاصة هناك أصبحا رمزا للتجاوزات الوحشية في المكافحة الأمريكية ضد الإرهاب".
وطالب نواب البرلمان الألماني في رسالتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن بالوفاء بوعده بإغلاق المعتقل.
وجاء في الخطاب "ندعوك لحماية حقوق جميع السجناء وإغلاق معسكر الاعتقال في كوبا بشكل نهائي".
وذكر النواب الألمان بايدن بتصريحاته وعندما كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حين قال بايدن في مؤتمر ميونخ الدولي للأمن قبل 13 عاما "أمريكا لن تعذب. سوف ندعم حقوق أولئك الذين نقدمهم للعدالة. وسنغلق معسكر الاعتقال في خليج جوانتانامو".