في كتابه " أحمد عبد المعطي حجازي شاعر اليوتوبيا المفقودة"، لم يكتف الناقد الدكتور رضا عطية بالتقسيم الرأسي لمراحل تجربة أحد أبرز مجددي الشعر العربي في العصر الحديث، وتحولاته، ولا بالتقسيم الأفقي لهموم هذا الشاعر الكبير والقضايا الكبرى التي شغلته، وإنما سعى كذلك إلى توضيح السمات الفنية والجمالية المميزة لشعره، عبر مسيرة بدأت في منتصف خمسينيات القرن الماضي.
وهذا الكتاب الذي يأتي ضمن الإصدارات الجديدة للهيئة العامة لقصور الثقافة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي افتتح يوم الأربعاء الماضي ويستمر حتى 7 فبراير المقبل، يتألف من أربعة أقسام، الأول عن الهوية والمدينة، ويتناول انتماء الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي إلى الريف، ثم انتقاله إلى عالم المدينة المعقد وتأرجحه بين اغترابه فيه وتوافقه معه.
ويتناول القسم الثاني التجربة الباريسية في مسيرة حجازي والتردد بين العاصمة الفرنسية التي هاجر إليها في أوائل العام 1974، وأقام فيها حتى أواخر عام 1990، والوطن الذي حمله معه وكان دائم الاستعادة له.
أما القسم الثالث فيتناول رؤية الحياة عند حجازي من خلال عدة محاور رئيسية عنده كالوعي الوجودي المتمثل في تأمل الذات لعالمها وفلسفتها للوجود، وكذلك وعيها بنفسها في أحوالها الوجودية واغتراباتها النفسية وبحثها عن وجهها القديم ومحاولتها استعادة أصل هويتها.. وكذلك محور الزمن في تمايز وعي الذات به في شعر حجازي عبر مراحل زمنية مختلفة من عمر التجربة الشعرية والإنسانية.
وتناول القسم الثالث كذلك إشكالية التحولات السياسية لدى حجازي والمبدأ الناظم الجامع لمواقفه السياسية، كما يتعرض للأفق التنويري في شعر حجازي وينتهي بدراسة اليوتوبيا في خطابه الشعري بين صياغة الشعر لأحلامه بها، وتبدد حلمه اليوتوبي.
وتناول الناقد الدكتور رضا عطية في القسم الثالث من الكتاب رؤية الشعر لدى حجازي، بين تحولات الوعي الشعري لديه، وتمثله لأدوار الشاعر ووظيفة الشعر، وفي المجمل جرى مقولات خطابه الشعري بالتقني والفني المولد لجمالياته التعبيرية والمشكل لتفرده الأدائي في إنتاج نصه الشعري.
وفي خلاصة الدراسة التي حواها الكتاب وقد جاءت في 372 صفحة، توصل الدكتور رضا عطية إلى أن تجربة أحمد عبد المعطي حجازي، مثلت تحولا نوعيا في الشعر العربي الحديث وكانت استجابة لتحولات عصره السياسية والاجتماعية والثقافية وتعبيرا عنها.