الهكسوس ونهاية عصر الانتقال الثانى

الهكسوس ونهاية عصر الانتقال الثانىمروة محمود التوني

الرأى13-2-2022 | 14:52

كلمة الهكسوس هى كلمة مصرية قديمة الأصل تعود لما أطلقه المصريون القدماء على حاكم الأرض الأجنبية فهى فى الأصل (حقا-خاست) وتم تغيرها إلى أن وصلت إلينا باسم الهكسوس ومن هنا نستنبط أن الهكسوس ليسوا قوما من مكان واحد أو جنس واحد وإنما هم مجموعة من القبائل النازحة إلى مصر اتحدوا جميعا على أرضها تحت حكم ملك واحد وهو حقا خاست أو حاكم البلد الأجنبى ومن ثم نعتقد أن تلك القبائل القادمة من المناطق الآسيوية بحثا عن الاستقرار والاستيطان قد تجمعوا فى مصر غزاة واستطاعوا بالقوة أن يمتلكوها فاحرقوا البلاد وهدموا المعابد وقد ذكرت المصادر عن قول الملكة حتشبسوت (لقد أقمت ما كان قد تداعى وقد تهدم فى الوقت الذى كان فيه الآسيويين يحكمون فى أواريس فى الشمال وكانوا بجحافلهم المتجولة يعيثون بين الناس فسادا محطمين ما كان قائما أنهم كانوا يحكمون دون اعتراف بسلطان رع وكان رع لا تنفذ له إرادة إلهية حتى جاء عهدى العظيم).
كما كتب أيضا عن اسلوب حكمهم الذى امتاز بالتخريب وهدم المعابد ومعاملتهم السيئة للشعب فقد سبيت النساء والأطفال وقتل الرجال ، استقر الهكسوس فى الشمال واتخذوا اواريس عاصمتهم وفرضوا الضرائب على جنوب البلاد وشمالها وعزلوا أنفسهم عن التعامل مع المصريين كما يبدو لأنهم لم يندمجوا معهم ولم يتركوا ما يدل على ذلك.

من أهم ملوك الهكسوس الذى امتد حكمهم من الأسرة الخامسة عشر الى السابعة عشر "سمقن - خيان – ساليتيس – أببي – ساكر حار - خامودى" ويرى الكثيرين من علماء المصريات أن عهد الهكسوس لم يزيد عن المائة عام إلا القليل وهذا القول صحيح احتسابا للفترة ما بين نهاية الدولة الوسطى وبداية الدولة الحديثة بالرغم عما ذكر عن مانيتون أن فترة حكمهم كانت حوالى تسع قرون.

وتأتى نهاية عهد الهكسوس مع الأسرة السابعة عشر حيث استنكر حكام طيبة نفوذ الهكسوس وبدأوا بالتجمع والترابط فيما بينهم وإعداد العدة لمحاربتهم وكان على رأسهم الملك سقنن رع الذى سعى جاهدا للنيل من الهكسوس وحاكمهم وقاد أولى معارك تحرير مصر من الهكسوس وقد ذكر فى الوثائق أن الهكسوس يعبدون سوتخ أو آلهة العواصف والذى تمثل لهم كالآلهة ست عند المصريين وقد أقروا عبادته فى جميع نواحى البلاد ولكن سقنن رع ظل على عبادة آمون رع ولم يتحول إلى عبادة ست الذى كان فى نظر المصريين آلهة للشر حسب أسطورة ايزيس واوزوريس ، أرسل الملك ابوفيس إلى الجنوب مطالبا ايهم اسكات أفراس النهر التى تقلق راحته فى أواريس كما طلب منهم عبادة الآلهة سوتخ وهنا قرر سقنن رع العظيم أخذ مشورة أقرانه التى إنتهت إلى بداية محاربة الهكسوس ونهاية الملك سقنن رع العظيم أثر المعارك التى خاضها وترك سبب وفاته واضحا على مومياءه وهو نتيجة عدة ضربات بالبلطة فى رأسه .



لم يهدأ الوضع بموت الملك الشجاع وإنما تابع مسيرته ابنه العظيم كامس الذى إراد تحديد قوته ونفوذه بين ملكا أجنبيا رابض فى الشمال وينفذ حكمه الى الأشمونين وحاكم كوش فى الجنوب معدا كلاهما مغتصبا لبلاده وقرر أن يستمر لما بدأه أبيه ويبقر بيده بطن ملكهم ويطردهم شر طردة ، ورغم أنه شعر التخاذل من حاشيته التى قررت أن حكم أسوان إلى الآشمونين كاف له وأن يترك العدو وشأنه وأنه يجب عليه أن يرد الاعتداء ولا يبدأ بالهجوم وأن يدخر قوته للدفاع عن منطقته إلا أنه قد غضب من رأيهم وقال لهم "سأقاتل الهكسوس حتى يقسم كل مصرى باسمى ، اننى اريد ان يتحدث كل منهم عنى قائلا ها هو كامس محرر مصر".

تفيد الآثار الباقية عن كفاح الملك كامس عن أرض مصر وارتعاب الهكسوس من قوته وجيشه وأن نساء الهكسوس لن يلدن خوفا منهم ، أفنى كامس ما بقي من عمره مهاجما للهكسوس يشن حملات عسكرية عليهم وقد أسر رجاله رسولا من ملك الهكسوس حاملا رسالة لحاكم كوش محرضا اياه على غزو مصر متقاسما معه الغنائم والأرض .



لم يدوم الحال لكامس العظيم فقد سقط فى إحدى معاركه وتابع مسيرته شقيقه أحمس الذى اتجه إلى منف ومنها صوب أواريس حيث حاصر الهكسوس فيها لما يقرب الثلاثة أعوام وطرد الهكسوس من مصر متابعا مطاردتهم إلى أن وصلوا إلى جنوب غزة وحاصرهم فى شاروهين وتابع مطاردتهم وصولا إلى سوريا ، وبذلك ينتهى عهد الاحتلال الهكسوسى لمصر ويبدأ عهد جديد يحمل فيه مقاليد الحكم ملك مصرى طيبي وهو أحمس العظيم.

تجلى هاهنا دور الملكة المصرية العظيمة الداعمة لوطنها والمثبتة لأقدام زوجها أو ابنها وقد كانت فى المقدمة الملكة تتى شيرى وهى زوجة الملك سقنن رع الأول وام الملك سقنن رع الثانى أول من بدأ محاربة الهكسوس والملكة إعح حتب زوجة سقنن رع الثانى واخته وأم كامس وأحمس الأول والملكة أحمس نفرتارى زوجة الملك أحمس وأخته ، واللائي قدمن الرجال العظام – سواء أزواج أو أبناء - شهداء لمصر وقامن بالدعم والتضحية من أجل رفعة اسم مصر والعودة بحكمها ليد أبنائها .



وقد كتب أحمس عن أمه إعح حتب ودورها فى محاربة الهكسوس قائلا:"قدموا المديح لسيدة البلاد، و سيدة جزر بحر إيجة، فاسمها رفيع الشأن في كل بلد أجنبي، فهي التي تضع الخطة للجماهير، زوجة الملك، و أخته الملكية، لها الحياة و السعادة و الصحة، و هي أخت ملك، و أم ملك، الفاخرة، و الحاذقة التي تهتم، و تضطلع بشؤون مصر، و لقد جمعت جيشها، و حمت هؤلاء، فأعادت الهاربين، و جمعت شتات الذين هاجروا، و هدأت روع الوجه القبلي، و أخضعت عصاته، الزوجة الملكية، أعح حتب الحية".
كما ذكر محدثا زوجته احمس نفرتارى عن جدته: "حقا لقد مر بخاطرى أم والدتى، والدة أبى الزوجة الملكية العظيمة، والأم الملكية تتي شرى المرحومة وحقا إن حجرة دفنها وقبرها الوهمى موجودان الآن في مقاطعتى طيبة وطينة على التوالى وقد قلت لك ذلك لأن جلالتي يرغب في أن يقيم لها هرما ومعبدا في الأرض المقدسة بالقرب من آثار جلالتي".

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2