تناول مقال نشرته صحيفة الجارديان البريطانية ما الذى يعنيه إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين اعتراف بلاده بمنطقتين انفصاليتين فى شرق أوكرانيا كدولتين، وتداعيات القرار الروسى المحتملة.
فى البداية، عرفت الجارديان المنطقتين الانفصاليتين بأنهما دونيتسك ولوجانسك، اللتان يشار إليهما مجتمعتين بمنطقة دونباس. وخرجت تلك المنطقتين، اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا عن سيطرة الحكومة فى أوكرانيا وأعلنتا
قيام جمهوريتين شعبيتين فيهما عام 2014. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الحرب بين قوات الجيش الأوكرانى والانفصاليين فى شرق البلاد، وهى الحرب التى تقول أوكرانيا إنها أودت بحياة حوالى 15 ألف شخص حتى الآن.
ولكن ماذا يعنى اعتراف روسيا باستقلال المناطق الانفصالية الأوكرانية؟ ببساطة شديدة، يعنى الإعلان رسميا بالاعتراف الروسى بدونيتسك ولوجانسك المزيد من تصاعد مخاوف قيام حرب شاملة فى المنطقة وسط توقعات بأن روسيا تقترب من وضع اللمسات الأخيرة على خطتها لغزو أوكرانيا بنحو 190 ألف من قواتها. وبما أن هذه هى المرة الأولى التى تعترف فيها روسيا باستقلال تلك المناطق، وهو ما يسوغ لها نشر قوات عسكرية فيهما، الأمر الذى يعنى أن القوات الروسية سوف تكون داخل الأراضى الأوكرانية بالفعل، لا على الحدود مع أوكرانيا، مما قد يعجل بمواجهات عسكرية مباشرة بين الجانبين، بحسب مقال الصحيفة.
ويرى المقال أن اعتراف روسيا بتلك المناطق الانفصالية الأوكرانية من العوامل التى تعجل بحرب صريحة بين روسيا و أوكرانيا فى المنطقة، انتهاك لاتفاقيات مينسك، ى وُقعت فى 2014-15 لوقف الحرب بين الجانبين. وعلى الرغم من أن تلك الاتفاقيات لم تكن مفعلة تماما، إلا أنها لا تزال بالنسبة لجميع أطراف الأزمة، بما فيها روسيا، هى الفرصة الوحيدة للتوصل إلى حل سلمى للنزاع القائم فى شرق أوروبا.
ويشير المقال إلى أن رد الفعل الأقوى على الإطلاق كان من القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة التى حذرت الأسبوع الماضى من الاعتراف باستقلال المناطق الانفصالية من أوكرانيا. وهددت قوى الغرب بأنها سوف تفرض عقوبات اقتصادية قاسية على موسكو حال اعترافها بتلك المناطق.
وقال أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكية، إن هذا الاعتراف سوف "يلحق المزيد من الأضرار بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ويمثل خرقا للقانون الدولى، ويضع الكثير من علامات الاستفهام حول التزام روسيا بالاستمرار فى اتخاذ الدبلوماسية نهجا أساسيا فى التوصل إلى حل سلمى للأزمة"، مشددا على أن هذا الأمر يتطلب "ردا سريعا وحاسما" من الولايات المتحدة وحلفائها.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى تستخدم فيها روسيا سلاح الاعتراف بالمناطق الانفصالية مع جاراتها من دول الاتحاد السوفييتى السابق، إذ سبق لها أن اعترفت باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان انفصاليتان فى جورجيا، بعد حرب لوقت قصير فى 2008. واستهدف هذا الاعتراف القضاء على طموحات جورجيا فى الانضمام إلى حلف الناتو. ووفرت روسيا لهاتين المنطقتين الكثير من أشكال الدعم التى تضمنت دعم الموازنة، ومنح الجنسية الروسية للكثير من سكانها، ونشر آلاف القوات الروسية على أراضيها.
وينطوى الاعتراف الروسى باستقلال دونيتسك ولوجانسك على ميزات يمكن ل روسيا تحصيلها، لكن الوجه الآخر للعملة يتضمن أن هناك أيضا خسائر قد تلحق بالاتحاد الروسى جراء هذا الاعتراف.
ويخلص المقال إلى أن ما قد تجنيه روسيا من هذا الإجراء يتمثل فى أنها قد تنجح فى تطبيق نموذج جورجيا مع أوكرانيا وتحد من طموحها فى الانضمام للناتو بعد أن تثبت أن الحكومة فى كييف لا تستطيع السيطرة على كامل أراضى البلاد. أما الخسائر، فتتمثل فى المزيد من العقوبات الاقتصادية لنقض روسيا اتفاقات مينسك التى طالما تعهدت بأنها ملتزمة بها.