معجزة الإسراء والمعراج هي إحدى المعجزات النبوية، وتعد رحلة الإسراء والمعراج من أكثر الرحلات في تاريخ البشرية غرابة وإعجابًا لما تحتوي رحلة الإسراء والمعراج من معجزات يعجز العقل عن تصديقها، وسبب حدوث رحلة الإسراء والمعراج ما لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم من أذى من قومه وتخفيفًا لما وقع عليه من ضرر منهم، كما كانت رحلة الإسراء والمعراج أيضا تكريمًا للنبي صلى الله عليه وسلم كي يعلم مكانته عند الله عز وجل.
رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج العديد من الأحداث الجليلة والآيات الحكيمة كما جاء في قوله تعالى (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا).
معنى الإسراء والمعراج
الإسراء هو انتقال النبي صلى الله عليه وسلم مع رسول الوحي جبريل عليه السلام على دابته "البراق" ليلًا من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس في فترة زمنية قصيرة، ثم بعد ذلك رجوعه صلى الله عليه سلم في نفس الليلة إلى مكة المكرمة.
المعراج هو صعود النبي صلى الله عليه سلم من بيت المقدس إلى السماوات العلى وما فوقها، وقد ثبت حدوث هذه المعجزة في القران، قال تعالى (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) وسميت سورة في القران باسم هذه المعجزة وهي سورة الإسراء، وفي ذلك اليوم فرض الله عز وجل علينا الصلوات الخمس.
ليلة الاسراء والمعراج
ليلة الاسراء والمعراج هنالك الكثير من الآراء حول توقيت رحلة الإسراء والمعراج من حيث وقوعها قبل أم بعد البعثة النبوية، أما الرأي القائل بوقوعها قبل البعثة فهو من الآراء الشاذة، وذهب معظم علماء السيرة إلى وقوعها بعد البعثة .
وجاءت آراء كثيرة في موعد ليلة الإسراء والمعراج ذهب الإمام النووي إلى وقوعها قبل البعثة بسنة واحدة في ليلة السابع والعشرين من شهر ربيع الأول، وذهب ابن كثير إلى وقوعها ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، وذهب النووي والقرطبي إلى وقوعها بعد البعثة بخمس سنوات، وذهب الطبري إلى وقوعها في نفس العام الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
يرجع اختلاف المؤرخين أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تاريخ كي يدون المسلمون الأحداث كما كانوا يفعلون بعد الهجرة، ومع ذلك اتفق العلماء أن السابع والعشرين من شهر رجب هو ذكرى إحياء رحلة الإسراء والمعراج نظرًا لتتابع الناس على الاحتفال بهذه الذكرى في ذلك اليوم.
قصة الإسراء والمعراج
قصة الإسراء والمعراج اتفق جمهور العلماء من المحققين على أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد معًا في حالة اليقظة وفي ليلة واحدة، لأن القران الكريم صرح بذلك في قوله تعالى (بِعَبْدِهِ) وكلمة العبد تطلق على الروح والجسد معًا، أما المعراج ففيه خلاق ورأي بعض العلماء أن المعراج كان بالروح فقط فهو رأي لا يعتد به لأن الله عز وجل قادر على أن يصعد بالنبي بجسده وروحه كما أسرى به بهما.
ليلة الإسراء والمعراج
ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل هي معجزة إلهية دعم الله بها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته ونصره أمام قومه بمعجزة كبيرة، إذ أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليخفف عنه ما لقيه من أذى من أهل الطائف وموت عمه أبوطالب وزوجته خديجة رضي الله عنها، كي يرى من آيات الله الكبرى.
تبدأ رحلة الإسراء- كما جاءت على ألسنة الصحابة رضوان الله عليهم- بقدوم ثلاثة ملائكة مكرمين من بينهم جبريل وميكائيل، فأراحوا جسد النبي صلى الله عليه وسلم على ظهره مستقبلًا الأرض وهو نائم، بعد ذلك تم شق صدره الكريم من قبل الملائكة وأخرج قلبه وغسله بماء زمزم، بعدها ملئ قلبه صلى الله عليه وسلم حكمة وإيمانًا، وقال الحافظ ابن حجر في ذلك الأمر أنه من الأمور الخارقة للعادة التي يجب التسليم بها.
جاء جبريل بالبراق وهي دابة أصغر من الفرس وأكبر من الحمار تضع خطوتها عند مد بصرها، فأنزله جبريل مدينة طيبة فصلى بها، ثم أنزله طور سيناء وهو المكان الذي كلم الله فيه النبي موسى عليه السلام فصلى به، ثم بيت لحم حيث ولد النبي عيسى عليه السلام فصلى به، ثم اقترب من بيت المقدس فنزل بباب المسجد وربط البراق بالحلقة الحديدية التي كان يربط بها الأنبياء، ثم دخل المسجد ليلقى الأنبياء المبعوثين قبله، فسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بهم ركعتين.
وليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل بعد ذلك بدأت أحداث المعراج حيث صعد جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الدنيا، اطلع النبي في السماء الدنيا على بعض أحداثها، ثم صعد به جبريل إلى السماء الثانية فرأي فيها زكريا وعيسى ابن مريم، ثم صعد به جبريل إلى السماء الثالثة فرأى يوسف عليه السلام، ثم صعد به جبريل إلى السماء فرأى فيها إدريس، ثم إلى الخامسة فرأى فيها هارون، ثم إلى السادسة فرأى فيها موسى، ثم إلى السابعة فرأى فيها إبراهيم عليه السلام، ثم انتهى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى.
أخذ جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى الحجاب، فاستلمه ملك آخر وبقي جبريل، فصعد الملك بالنبي حتى وصل إلى عرش الرحمن فأنطقه الله بالتحيات فرد النبي قائلا (التحيات المباركات والصلوات الطبيات لله) وهنا فرضت الصلاة على النبي وأمته خمسين صلاة كل يوم وليلة.
ثم اصطحب جبريل النبي إلى الجنة فرأى فيها من النعيم مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ثم رأى النار ونظر إليها وإلى عذابها، بعدها أتيا النبي موسى عليه السلام فسأل النبي أن يرجع إلى الله يسأله التخفيف في الصلاة على أمته، فخفف الله عنه عشرًا، ثم أرجعه موسى إلى الله مرة أخرى يسأله التخفيف، فخفف الله عنه عشرًا، وظل هكذا بين الله وموسى حتى جعلها الله خمس صلوات، بعدها نادى رب العزة على النبي قائلًا (إني قد فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، والخمس بخمسين، وقد أمضيت فريضتي وخففت على عبادي).
ماذا رأى الرسول في السماوات السبع
ماذا رأى الرسول في السماوات السبع رأى النبي صلى الله عليه وسلم نهر الكوثر والذي أختصه الله عز وجل للنبي تكريمًا له، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنّ النّبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (بينما أنا أسير في الجنّة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدرّ المجوّف، قلت ما هذا يا جبريل، قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربّك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر) رواه البخاري.
رأي النبي أهل الجنة وهم ينعمون وبعض أحوال أهل النار وهم يعذبون ومنهم أصحاب الغيبة والنميمة ومن يخوض في أعراض المسلمين فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (لما عُرِجَ بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس ويقعون في أعراضهم) رواه أبوداود، ورأى كذلك أناس قد قطعت ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل عليه السّلام: (هؤلاء خطباء أمّتك من أهل الدّنيا، كانوا يأمرون النّاس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟) رواه أحمد.