قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن ممارسة الإحسان لا سقف لها. فكلما وصلت إلى منطقة هناك الأحسن، معتبرًا أن أقوى منطقة تبين إبداع الإحسان بلا سقف هي حسن الخلق في معاملة الناس، بأن تخرج أفصل ما لديك معهم.
وفي تاسع حلقات برنامجه الرمضاني "حياة الإحسان" الذي يذاع عبر قناته على موقع "يوتيوب"، استشهد خالد بالعديد من الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله علينه وسلم حول حسن الخلق، ومنها قول النبي ﷺ: "أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق".
لكنه بين أن "هناك فرقًا بين حسن الخلق والالتزام بالأخلاق الأساسية؛ فهما شيئان مختفان، هناك خلق أساس (دائرة الحلال والحرام)، مثل: الصدق، الأمانة، وفاء بالعهد، رحمة، عفة، الكذب وقول الزور، الخيانة والغش، الظلم والقسوة والتجبر، إخلاف الوعد، وهناك حسن خلق (دائرة جمال الخلق)، وهو إحسان الخلق: تحلية وتجميل كل خلق بالذوق والإحساس العالي بالناس وعدم جرح المشاعر وجبر الخواطر، وهو إحسان لا سقف له".
وبين خالد أثر حسن الخلق في السعادة، إذ "لا يمكن أن تعمل صغيرة أو كبيرة إلا وشكرك عليها الشكور"، ومنها مرافقة النبي ﷺ في الجنة: "أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا"، فإنه "يلقى محبتك في قلوب الناس، وهذا قانون رباني مثلما تشرق الشمس من الشرق وتغرب من الغرب، يلقى الله محبتك في قلوب الناس، مسلمًا أو كافرًا، فهي مسألة لاعلاقة لها بدين، حسن الخلق محبة".
وقال خالد إن علم النفس أثبت أن ذاكرة الناس تتأثر بحسن الخلق. لكن حسن الخلق يحتاج معه أيضًا إلى منزلة روحية مهمة: منزلة التوكل على الله، لماذا؟، لأن معنى منزلة التوكل: أنا أسقطت الناس من عيني، ووكيلي هو الله سبحانه وتعالى، أنا لا أنتظر من الناس شيئًا، بل أنتظر من الوكيل أن يعطيني.
التوكل وتحمل سخافات الناس
وشدد خالد على أن "الإنسان يحتاج إلى التوكل حتى يستطيع أن يتحمل سخافات الناس، فالتوكل يعطيك طاقة روحية كبيرة"، موضحًا أنه عندما يتوكل الإنسان على الله فإنه ينتظر العطاء من الوكيل: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يومًا عبوسًا قمطريرًا"، ولأنه ثابت العطاء مضمون ولو بعد سنين طويلة. فيكون الأجر منه أضعافًا مضاعفة، لأن العقل البشري لن يتحمل تأجيل الحصول على المقابل إلا بعطاء أكبر".
4 معان رائعة لحسن الخلق
واستعرض خالد 4معان رائعة لحسن الخلق، لو فعلها الإنسان كان من المحسنين، وذلك على النحو التالي:
1) كل ما يحمي من جرح المشاعر أو تجريح الناس
درب نفسك على أن تخرج أفضل ما لديك من كلام. وهذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل عكرمة بن أبي جهل الإسلام، نهى أصحابه عن سب أبيه، قائلاً: "يأتيكم عكرمه مؤمنًا فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت".
2) السماحة وجبر الخواطر
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى". وقال أنس رضي الله عنه: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: جليبيب في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله التزويج، فقال: إذا تجدني كاسدًا.. فقال: غير أنك عند الله لست بكاسد، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص لتزويج جُليْبِيب، حتى زوجه.
3) الرفق بالناس وعدم العنف
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ماكان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه"، وما خير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما. عندما يخطئ الناس، عالج الأخطاء برفق، لا تفترض إن البشر أغبياء. عندما كنت في لندن، قلت: خسارة الإنسان يخسر حب ربنا مهما كانت احتياجاته في الحياة.. فسمعتها امرأة، وأنا أقولها برفق شديد، بكت وبعد أسبوع كانت ترتدي الحجاب.
4) الأدب والذوق في التعامل مع الناس (الإتيكيت)
الأدب في التعامل: "كل مما يليك"، "لا ترفعوا أصواتكم"، "واغضض من صوتك"، "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، "إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، وليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلُق".
أن يكون اللبس مناسبًا للمكان، وليس لباس شهرة، وهذا من حسن وجمال الخلق.