قالت دار الإفتاء المصرية: حثت الشريعة الإسلامية على الأمانة والصدق وطلب العلم وإتقان العمل الصالح وبذل النصيحة النافعة للآخرين ليقوم الناس بالقسط ويسود العدل والإحسان بين الناس، وذلك وفقًا لمكارم الأخلاق، التي بعث الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليتممها؛ ففي الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» أخرجه أَحْمَدُ في "مسنده".
و الغش في الامتحانات يقصد به اعتماد الطالب في إجابته عن أسئلة الامتحان على أمر خارج عن ما حصله في ذهنه من العلم، الذي يمتحن فيه، وذلك بطريقة فيها مخادعة للجهة، التي تقوِّم مستواه العلمي، كاختلاس نقل الإجابة أو بعضها من شخص آخر أو من كتاب أو مذكرة أو تسجيل صوتي ونحو ذلك، وقد يتمّ الغش أيضًا بتسريب أسئلة الامتحان وتداولها بين الطلاب لمعرفة إجاباتها قبل حضور الامتحان.
وهذا النوع من الغش والخداع يندرج كغيره في مسمّى الغش المحرم، الذي يتنافى مع أخلاق الإسلام ومقاصده وأحكامه؛ حيث يشتمل على كثيرٍ من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، مما يجعل ذلك من أخطر المشاكل العصرية، التي تواجه العملية التعليمية وما يتبعها من عمل غير الأكفاء وتصدرهم في مختلف الوظائف، التي يراد بها إقامة مصالح المجتمع، وحرمان المستحق ذي الكفاءة من شغل تلك الوظائف وتقديم المنفعة الكبرى والخدمة الجيدة لأفراد المجتمع، ولا شك أن في ذلك ضررًا، و"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام".
قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]. يقول العلامة محمد بن علان البكري الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (8/ 421) بعد ذكر الآية الكريمة: [ومن أشد الإِيذاء: الغش؛ لما فيه من تزيين غير المصلحة، والخديعة؛ لما فيها من إيصال الشر إليه من غير علمه] اهـ.
ولقد حرّمت الشريعة الإسلامية الغش بكل أنواعه؛ سواء كان في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس؛ لما فيه من الإثم والعدوان والخروج عن مقتضى الفضائل والمكارم التي يجب على المسلم التحلي بها؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجه مسلم.