فرحة كبيرة ارتسمت على وجوه المصريين، بعد صدور قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، وتوجيهه بتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
وزار الأمل بيوت أهالي المحبوسين، وراودهم الأمل أن تشمل قرارات العفو الرئاسي ذويهم المحبوسين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ولم يرتكبوا أي جرائم ضد الوطن.
فى عام 2016 وخلال مؤتمر الشباب الأول بشرم الشيخ، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة العفو الرئاسى، وتم تشكيلها من 5 أعضاء، هم الدكتور أسامة الغزالى حرب، ونشوى الحوفى، ومحمد عبد العزيز، والنائب طارق الخولى، وكريم السقا.
وأوكلت للجنة مهمة بحث حالات الشباب، الذين لم يتورطوا فى قضايا عنف أو ترويع لمواطنين أو تخريب لمؤسسات، إلى جانب من سبق إدانتهم بجرائم تندرج تحت مسمى «جناية يعاقب عليها القانون» أيًا كانت دوافعها، وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي لتتوسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، ومؤخرًا أعلنت لجنة العفو الرئاسي، الإفراج عن عدد من المحبوسين وهم «خلود سعيد، حسين خميس شبل مبروك، عبد الرحمن موكا، علاء عصام رمضان، محمد محيى الدين محمد».
تلقي الطلبات
كانت لجنة العفو قد بدأت فور تكليفها فى تلقى أسماء الشباب المحبوسين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية و المجلس القومى لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.
وعقدت لجنة العفو الرئاسى اجتماعها الأول، بتشكيلها الجديد لبحث آليات تلقى طلبات العفو من أهالى السجناء، وقررت اللجنة أن يكون تلقى طلبات العفو الرئاسى الواردة للجنة من خلال الطرق التالية: استمارة طلب العفو من خلال موقع المؤتمر الوطنى للشباب
أو إرساله عبر البريد إلى لجنتى حقوق الإنسان بمجلسى النواب أو الشيوخ ولجنة شكاوى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وأعضاء لجنة العفو الرئاسي
وكانت اللجنة قد أعدت قائمة عفو بمناسبة عيد الفطر تضمنت عددا من الأسماء صدر قرار بالعفو عنهم، ووعدت باستكمال أعمالها بعد العيد لبحث كل الطلبات التى تصل إليها سواء كانت من الشباب أو الغارمين والغارمات.
وأشارت اللجنة إلى أنها سوف تعقد مجموعة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدنى لبحث طلبات العفو التى لديهم، وقالت إنه لإرسال طلبات العفو الرئاسى يرجى ملء الاستمارة على الموقع الخاص بالمؤتمر الوطنى للشباب.
استمرار العفو
أكد طارق الخولى، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وعضو لجنة العفو الرئاسى، على وجود ارتياح كبير فى الشارع السياسى نتيجة قرارات العفو الرئاسى خلال هذه الفترة.
وأكد الخولي أن لجنة العفو الرئاسي تستهدف إخراج كل الشباب المحبوسين على ذمة قضايا رأي للمشاركة مرة أخرى فى المجتمع السياسي والاندماج به، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية حريصة كل الحرص على تطبيق الدستور فى الإفراج عن الشباب المحبوسين، وإعطائهم فرصة على العمل والمشاركة بالمجتمع، وتوسيع قدرة كل الأطراف السياسية على العمل.
ويقول الخولى، إن اللجنة وضعت معايير واضحة وهي عدم التدخل فى حالات الانضمام لتنظيمات إرهابية وعدم إخراج أي شخص مارس العنف على الشعب المصري من قبل.
وأشاد كريم السقا، عضو لجنة العفو الرئاسي، بقرارات العفو الرئاسية، وقال إنه متفائل بخروج العديد من السجناء، كما أشار إلى وجود استجابة كبيرة للجنة العفو الرئاسي ومقترحاتها لإخراج المحبوسين، مشيرا أيضا إلى وجود نوايا صادقة من الدولة وإصرار على إخراجهم، مؤكدا على وجود دعم كبير من كل مؤسسات الدولة فى هذا الصدد.
استمارة إلكترونية
من جانبه يؤكد طارق العوضى، المحامى وعضو لجنة العفو الرئاسى، أنه خلال 6 أيام من بدء عمل اللجنة، بعد إعادة تفعيلها صدر عفو عن الصحفى والناشط حسام مؤنس، وبعدها تم إخلاء سبيل 3 صحفيين، واستقبلهم ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، كما شمل العفو الذى صدر بعضًا من الحالات الإنسانية التي تقدمت اللجنة بطلبات للعفو عنهم.
وأوضح العوضى أنه تم إطلاق استمارة إلكترونية لتدوين الطلبات المقدمة للجنة عبر موقع المؤتمر الوطني للشباب، مشيرا إلى أن أي شخص محبوس احتياطيا على ذمة إحدى القضايا أو صدر بحقه حكم يمكن لذويه تسجيل بياناته من خلال هذه الاستمارة.
كما أشار إلى أن اللجنة أقرت طرقًا أخرى لتقديم الطلبات وهى التواصل مع لجنتى حقوق الإنسان بمجلسى النواب والشيوخ، ولجنة الشكاوى ب المجلس القومى لحقوق الإنسان وأعضاء اللجنة شخصيا.
ترحيب
المجلس القومي لحقوق الإنسان، بدوره رحب بقرارات العفو الرئاسي خلال الأيام الماضية، كما أشاد بالرسالة الهامة التي وجهها الرئيس بتأكيده أن «الوطن يتسع للجميع، وأن الخلاف فى الرأي لا يفسد للوطن قضية».
وكان المجلس قد أكد فى بيان له ترحيبه بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، الأمر الذي يبشر بمزيد من الإفراجات، لافتا إلى أن دعوة الرئيس تؤكد أن الإيمان بالتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر هو ضمان للاستقرار والتنمية، وهو التوجه الذي يبني عليه الرئيس رؤيته للمستقبل كدولة مدنية ديمقراطية حديثة تتسع لكل أبنائها.
وشدد المجلس فى بيانه على أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ترفع سقف حقوق المواطن المصري وتضع الدولة أمام مسئولياتها، مثلما تقدم من خلال المحور الخاص بالحقوق المدنية والسياسية رؤية شاملة تتيح للحوار السياسي المقترح من جانب رئيس الدولة ضمانات حقيقية للنجاح.
ورحب المجلس أيضا بدعوة الرئيس انطلاقا من 2022 عام المجتمع المدني، لإطلاق منصة للحوار تضم منظمات المجتمع المدني ووزارة التضامن والمجلس القومي لحقوق الإنسان لاقتراح التعديلات التشريعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعوته للمؤتمر الوطني للشباب لإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني يضم كل القوى السياسية دون استثناء أو تمييز، ورفع نتائج هذا الحوار إليه شخصيا، مع وعده بحضور المراحل النهائية منها، كما يضفى المجلس قدرا كبيرا من الأهمية على المبادرة الرئاسية لتعطي أفضلية للشباب فى تشكيل مستقبلهم.
وثمن تلك الخطوة، معربًا عن استعداده التام للعمل مع إدارة المؤتمر الوطني للشباب والأحزاب وقوى المجتمع المدني من أجل إنجاح الحوار السياسي الشامل.
وتابع أن إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وتوسيع نطاق عملها وإعادة تشكيلها بما يضمن وجود ممثلين لتيارات مختلفة، يؤكد أن هناك نية حقيقية لتبني خطوات جادة على طريق غلق ملف يتسبب فى حالة من التشويش والالتباس فى صورة مصر الخارجية، فضلاً عن تأثيراته السلبية على فرص الحوار السياسي بين مختلف مكونات المجتمع المصري.
وبدوره أكد محمد أنور السادات، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن قرارات الإفراج عن المحبوسين ستتوالى خلال الفترة المقبلة لحين غلق كل الملفات المسكوت عنها.
وأوضح السادات أن المجلس القومي لحقوق الإنسان (منظمة حكومية) من أوائل المؤسسات الوطنية التي دعت وأوصت خلال نشاطها داخل أو خارج مصر لتبني نهج الدعوة للحوار الوطني السياسي وتحقيق نجاحات فيما يتعلق بملف المحبوسين.
وأكد أن «الإفراجات ستتوالى حتى غلق هذه الملفات المسكوت عنها خلال فترة مواجهة الدولة لعمليات العنف والإرهاب وعودة الاستقرار الداخلي وما تحقق من تنمية وإصلاحات اقتصادية ومالية واستعادة مصر لمكانتها العربية والإفريقية”.
شروط العفو الرئاسي
تعمل لجنة العفو الرئاسي على أساس استخدام صلاحيات دستورية لدى رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات بالعفو عن الشباب المحبوسين فى قضايا سياسية، حيث نصت المادة 155 من دستور 2014 وتعديلاته على أن لرئيس الجمهورية قرارًا بالعفو الرئاسي عن المسجونين أو تخفيف عقوبتهم، ولا يتم العفو الشامل إلا بموافقة غالبية أعضاء مجلس النواب، والعفو الرئاسي يشمل نوعين من القرارات هما العفو الشامل والعفو عن العقوبة.
ويجب أن نشير إلى أن العفو يشمل باقي عقوبة المسجونين فى بعض القضايا الجنائية غير المخلة بالشرف، ممن قضوا نصف المدة ومن غير المحكوم عليهم فى قضايا قتل عمد ومخدرات، أو إخلال بأمن الوطن وبموجب شروط خاصة يحددها القرار السيادي.
وكشفت مصادر قضائية أن قرارات العفو الرئاسي من اختصاصات رئيس الجمهورية ومن أعمال السيادة، وليس هناك شروط معينة للاختيار فقد يختار الرئيس المعفى عنهم وفقا لاعتبارات صحية، أو إنسانية، أو وفقا للمصلحة العامة، أو قد يرى أن هناك تجاوزا فى معاقبة البعض فيصدر قرارا بالعفو عنهم.
والشرط الوحيد لإصدار قرار بالعفو عن عقوبة المتهمين أن يكون المتهم حاصلا على حكم بات لا يجوز الطعن عليه، ويحق للرئيس العفو عن العقوبة كاملة أو تخفيفها حتى فى عقوبة الإعدام يحق له تخفيفها إلى السجن المؤبد مثلاً، ولا يسري العفو الرئاسي على المحكوم عليهم فى الجرائم الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل والمفرقعات والرشوة وجنايات التزوير، والجرائم الخاصة بتعطيل المواصلات والجنايات المنصوص عليها فى القانون الخاص بالأسلحة والذخائر وجنايات المخدرات والاتجار فيها، وجنايات الكسب غير المشروع والجرائم المنصوص عليها بقانون البناء.
كما أن القرار لا يسري أيضا على الجرائم المنصوص عليها فى قانون الشركات العاملة فى مجال تلقى الأموال لاستثمارها، والجرائم المنصوص عليها فى قانون الطفل، والجناية المنصوص عليها فى قانون مكافحة غسل الأموال.
ويجب على المحكوم عليه أن يكون سلوكه أثناء تنفيذ العقوبة وأن يكون لديه الثقة فى تقويم نفسه، وألا يكون فى العفو عنه خطر على الأمن العام، وأن يفى بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه ما لم يكن من المتعذر عليه الوفاء بها.
المادة 74
أشارت المادة 74 من قانون العقوبات إلى أن العفو عن العقوبة يعني إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانونًا، وفى حالة صدور «العفو» بإبدال العقوبة بأخف منها، يُبدل الإعدام بالسجن المؤبد، وإذا عُفى عن محكوم عليه بالسجن المؤبد أو بدلت عقوبته يجب وضعه تحت المراقبة الشرطية 5 سنوات، بحسب المادة 75 من القانون، ولا يُحرم المحكوم عليه بعد العفو فى «جناية» من حقوقه كـ»القبول فى أي خدمة حكومية» أو التحلي برتبة أو نيشان أو بقائه عضوا فى أحد المجالس الحسبية أو المحلية أو الحرمان من صلاحيته ليكون خبيرًا أو شاهدًا على العقود، إلا إذا نص العفو على غير ذلك.