الأربعاء الماضي خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد بقصر الاتحادية عقب جلسة المباحثات بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاين وخلال كلمتها قالت «مصر فى موقف محظوظ للغاية حيث تتوافر لديها الموارد المطلوبة للطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح وهي مصادر الطاقة للمستقبل والتي سيكون الطلب كبيرًا عليهما فى المستقبل؛ لذا من مصلحة الاتحاد الأوروبي أن نتباحث ونكتشف سويًا كيفية وضع البنية التحتية والتكنولوجيا المطلوبة التي تلائم الطاقة المتجددة، ومنها العمل على الشراكة فى إنتاج الهيدروجين الأخضر».
وأضافت «أن الاتحاد الأوروبي يعمل على توسيع التعاون فى مجال الطاقة فمن المعروف أن الحرب الروسية الأوكرانية قد عرضت أوروبا إلى أزمة بسبب اعتمادها على الوقود الأحفوري فى روسيا، ونريد التخلص من هذا الاعتماد وأن ننوع اعتمادنا على موردين آخرين يمكن الوثوق بهم»
كما أكدت فون ديرلاين أن مذكرة التفاهم التي وُقعت لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر ثم تسييل الغاز هنا ثم نقله إلى الاتحاد الأوروبي، هي خطوة باتجاه تأكيد أن مصر أصبحت مركزًا للطاقة فى الإقليم.
كلمة رئيسة المفوضية الأوروبية خلال المؤتمر الصحفي كشفت حجم الفرص التي تنتظر الدولة المصرية خلال المرحلة القادمة فى ظل سعي الاتحاد الأوروبى عقب الأزمة الروسية الأوكرانية للبحث عن بديل للغاز الروسي والوقود الأحفوري والحصول على طاقة نظيفة وهو ما تستطيع مصر أن تحققه خلال الفترة المقبلة.
لكن تلك الفرص تواجه تحديات كبيرة منها التمويل والتكنولوجيا، وهو ما نجحت فيه مصر خلال السنوات الثماني الماضية.
(1)
دعونا هنا نتوقف عند قطاع الطاقة وكيف استطاعت مصر أن تحول التحديات إلى فرص، وعلينا أن نستعرض بعض النقاط المهمة فى تلك القضية، ونجيب عن مجموعة من التساؤلات تبدأ بماذا لو؟
ـ ماذا لو لم تعمل الدولة المصرية على وضع رؤية لحل مشكلات قطاع الطاقة الكهربائية؟
ـ ماذا لو لم تقم الدولة المصرية بترسيم الحدود البحرية؟
ـ ماذا لو لم يتم إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط؟
ثمة تساؤلات كثيرة أخرى تكشف الإجابة عنها حجم التحديات التي واجهتها الدولة المصرية للفوز بتلك الفرص بحسب وصف رئيسة المفوضية الأوروبية... إننا محظوظون بها.
ففي بداية عام 2014 بلغ حجم العجز فى الطاقة الكهربائية 6,000 ميجا وات، مع تهالك شبكات نقل الكهرباء، وارتفاع حجم الديون المستحقة لصالح شركات البترول فى ظل اعتماد 90% من قطاع إنتاج الطاقة الكهربائية على المنتجات البترولية.
خلال تلك الفترة والسنوات السابقة لها من عدم استقرار الدولة، وخاصة بعد خروج الشعب لإزاحة حكم المرشد، قامت الجماعة الإرهابية من خلال عناصرها الموجودة على الأرض باستهداف قطاع الكهرباء، وكان ذلك تحديًا آخر واجهته الدولة المصرية أثر بشكل كبير على توفير الطاقة خاصة خلال النصف الثاني من عام 2013 (بعد ثورة 30 يونيو) فتم استهداف العديد من المحولات ومحطات الإنتاج وشبكات نقل الكهرباء (الأبراج) لإحداث حالة من عدم الرضى لدى المواطن.
بلغت خسائر قطاع الكهرباء بسبب العمليات الإرهابية واستهداف الشبكة عقب إسقاط حكم الإخوان 2 مليار جنيه وتصدرت محافظة الشرقية قائمة المحافظات الأكثر تعرضًا لعمليات إرهابية استهدفت أبراج الكهرباء.
هنا كانت رؤية الدولة المصرية التي وضعتها بدقة لمواجهة مشكلة أزمة الطاقة والتي بدأت فى منتصف عام 2014 عقب تولي الرئيس السيسي المسؤولية؛ فتم وضع خطة متكاملة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، مع خطة توسع استهدفت تلبية احتياجات المشروع الوطني الضخم الذي كان هدفًا استراتيجيًا وهو أن تصبح مصر مركزًا إقليميا للطاقة.
كيف يتحقق هذا الحلم لدولة تعاني من عجز بلغ 6,000 ميجا وات وتواجه نموًا سكانيًا يلتهم أي محاولة من محاولات البحث عن حل أو حتى تلبية الاحتياجات الحالية؛ هنا كان القرار... العمل على مواجهة الأزمة بالتوازي مع تنفيذ خطة طموحة تتوافق مع احتياجات مشروعات التنمية فى القطاعات المختلفة والتي تم البدء فيها؛ مع ضرورة العمل لتحقيق الوفرة.
تم العمل على تنويع مصادر الطاقة لتخفيف الضغط على احتياجات محطات التوليد للمواد البترولية (المازوت، السولار)، فى الوقت نفسه تم البحث عن أحدث محطات إنتاج للطاقة الكهربائية فى العالم، والتي تعمل من خلال الدورة المركبة حيث توفر ثلث حجم الوقود المستخدم، فتم التعاقد مع شركة سيمنز الألمانية.
وتم إنشاء المحطات الثلاثة من طراز
h. class الذي يُستخدم لأول مرة على مستوى العالم بأحدث تكنولوجيا وأعلى كفاءة، إذ تعتمد على الغاز الطبيعي فى تشغيلها، بقدرة تبلغ 4800 ميجاوات لكل محطة بإجمالي قدرات 14,400 ميجاوات، لتوفير الكهرباء لأكثر من 45 مليون مواطن، لتصبح المحطات الثلاث فى (البرلس، بني سويف، العاصمة الإدارية) تضخ بالشبكة نصف ما تحتاج إليه الدولة تقريبًا.
لتنتقل مصر من العجز إلى الوفرة، وتواصل العمل لتنفيذ خطتها الطموحة للوصول للهدف الاستراتيجي، كما تم تحويل عدد من محطات التوليد الغازية للعمل بنظام الدورة المركبة.
فبعد أن كان حجم القدرات الإنتاجية من الكهرباء لا يتجاوز 24 ألف ميجا وات (2014) بلغت فيه الاحتياجات 30 ألف ميجا وات، حققنا فائضًا بلغ 28 ألف ميجاوات بعد أن تجاوز حجم الإنتاج 58 ألف ميجا وات بعد دخول عدد من المحطات الأخرى الخدمة منها 6,000 ميجا وات من الطاقة المتجددة.
ومع دخول المحطة النووية بالضبعة الخدمة 2027 سيرتفع حجم الإنتاج بمقدار 4,800 ميجاوات بالإضافة إلى استكمال مشروع «بنبان» الأضخم على مستوى العالم فى إنتاج الطاقة الشمسية، ليتجاوز فائض الإنتاج من الطاقة الكهربائية 40 ألف ميجا وات يمكن تصديرها، وهو ما عملت عليه مصر من تطوير لشبكات النقل الكهربائي وخطوط الربط بين مصر ودول أوروبا عن طريق قبرص وجزيرة كريت وكذا الربط مع ليبيا وكذا مع السودان لتنطلق نحو إفريقيا، كما تم العمل على خطوط الربط الكهربائي مع كل من المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية والعراق.
ليتحقق الهدف الاستراتيجي بعد مواجهة التحديات بأفكار ورؤى ومهارة شديدة لتحقيق الإنجاز بشكل علمي وتخطيط دقيق وتنفيذ فى أقل وقت، فلو لم تسارع مصر فى إنجاز تلك المشروعات لما استطاعت فى ظل الأزمات التي تضرب العالم حاليًا أن تقوم بتلك الأعمال والتي تجاوز حجم التكلفة 271 مليار دولار.
كما تعمل مصر على دخول عصر إنتاج الهيدروجين الأخضر والذي تتمتع مصر بقدرات إنتاجية عليه فى هذا المجال.
تلك التحديات التي تحولت إلى فرص فى قطاع الطاقة الكهربائية لم تأت من فراغ فقد كانت النتيجة أن تنتقل مصر من المركز 145 على مستوى العالم فى توفير الكهرباء من بين 190 دولة إلى المركز 77 متقدمة 68 مركزًا.
(2)
أما قطاع الطاقة البترولية فقد كان يعاني أزمة كبيرة منها تراكم المديونية لصالح شركات الإنتاج والتنقيب ليبلغ 6.3 مليارات دولار عام 2012.
كما بلغ حجم العجز فى الغاز الطبيعي 8.9 مليار م3 حيث بلغ الإنتاج 46.3 مليار م3 وحجم الاستهلاك 55.2 مليار م3، ليتراجع العجز بعد دخول إنتاج حقل ظهر من الغاز الطبيعي للخدمة إلى 4.9 مليارات م3، وذلك رغم زيادة الاستهلاك ليصل إلى 59.5 مليار م3 عام 2017/2018.
وفى عام 2021 وصل حجم الإنتاج إلى 66.2 مليار م3 والاستهلاك 62.9 مليار م3 بزيادة فى حجم الاستهلاك بلغت أكثر من 16 مليار م3 نتيجة النمو السكاني والتوسع فى توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، ما أدي إلى انخفاض حجم واردات مصر من غاز البوتاجاز، الأمر الذي يخفف الضغط على العملة الصعبة.
تبلغ القدرة الحالية لإنتاج مصر من الغاز 73.4 مليار م3، وتستهدف خطة قطاع البترول التوسع فى إنتاج الغاز والمشتقات البترولية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية العام القادم عدا البوتاجاز فيشهد تراجعًا كبيرًا فى حجم الاستهلاك نتيجة التوسع فى استخدام الغاز الطبيعي للمنازل.
كما كان لاتفاقيات ترسيم الحدود البحرية الأثر الكبير فى تعزيز قدرة مصر على التحول فى قطاع الغاز الطبيعي من العجز إلى الفائض وبدء التصدير.
جرى توقيع 99 اتفاقية بحرية بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز باستثمارات بلغ حدها الأدنى نحو 17 مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تقدر بنحو 1.1 مليار دولار لحفر 384 بئرًا خلال الفترة من يوليو 2014 حتى يونيو 2021، وذلك بعد التوقف عن توقيع الاتفاقيات منذ عام 2010 وحتى أكتوبر 2013، وذلك بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص وبين مصر واليونان وبين مصر والمملكة العربية السعودية.
وفى أكتوبر 2018 تم إطلاق منتدى غاز شرق المتوسط بموجب اتفاق بين مصر وقبرص واليونان ثم انضم إليها كل من الأردن وفلسطين وإيطاليا وإسرائيل، وانضمت لها فرنسا فيما بعد، بينما انضم للمنظمة كمراقبين كل من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و البنك الدولي لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة وتمت الاستفادة من محطتي الإسالة بإدكو ودمياط، ويأتي الاتفاق الموقع مؤخرًا تأكيدًا على دور مصر المحوري والمهم.
كما بلغ إجمالي القدرة الإنتاجية لمصنعي الإسالة بإدكو ودمياط 12مليون طن سنويًا، وقد عاد مصنع دمياط للتصدير بعد توقف دام ثماني سنوات، حيث قامت مصر بتصدير أول شحنة من الغاز المسال من المصنع فى مارس 2021، ما أدى إلى زيادة صادرات الغاز المسال بنسبة 123.3%، لتبلغ 6.7 مليون طن عام 2021، مقارنة بـ 3 ملايين طن عام 2013.
وقد أسهم منتدى غاز شرق المتوسط فى الاستفادة من قدرات مصر وما تمتلكه من فرص واعدة، إننا حقًا محظوظون بقيادة واعية تمتلك رؤية بعيدة وطموحات لا تتوقف من أجل غد أفضل لهذا الوطن.
ارحلوا يرحمكم الله
رحل إيهاب جلال مدرب المنتخب الوطني بقرار من اتحاد الكرة بعد ما شهدناه جميعا خلال الأيام الأخيرة من هزيمة أمام منتخب إثيوبيا ومنتخب كوريا الجنوبية.
لكن ليس هذا هو الحل ولن يكون جلب مدير فني أجنبي أيضًا هو الحل... فخلال الأيام القليلة الماضية سمعنا وشاهدنا فضائح يندى لها الجبين تستوجب رحيل الاتحاد بالكامل... فهل يفعلون ذلك؟ أم أن السبوبة حلوة! ولا يمكن تركها حتى ولو على حساب الوطن؟!.
نصيحة ارحلوا يرحمكم الله... وعلى لاعبي المنتخب إعادة ترتيب أوراقهم فأنتم يا سادة تحملون اسم مصر، وإن لم تدركوا ذلك فتلك كارثة تحتاج إلى وقفة أخرى.