لمى المفتى السورية تكتب: زاد أم طارق !

لمى المفتى السورية تكتب: زاد أم طارق !لمى المفتى السورية تكتب: زاد أم طارق !

* عاجل5-2-2018 | 20:02

سنوات من التنقل واللجوء، والمرأة السورية تعاني وتقاوم بكل ما لديها لتجتاز هذه المحنة وتتحدى الظروف الصعبة التى فرضتها عليها الحرب، هذا ما جعل دورها يتحول من مجرد الأم والمربية الى دور آخر وهو معيل الأسرة .

فلم تترك لها تلك الظروف خياراً آخر سوى العمل.

وفي كل بيت للاجئيين السوريين هنا قصص وحكايات لنماذج أقول بصدق إنها ...مشرفة، لأنها استطاعت رغم قسوة الحال حفظ كيان الأسرة عن الحاجة والتشتت، بل وحولت خساراتها وانكساراتها إلى نجاحات .

أم طارق سيدة في الأربعين من عمرها أتت بها الحرب إلى هنا منذ أربع سنوات، بعد ما هدّم بيتها وباعوا ما بقي منه، وجاءت لتبحث عن المأوى هي وزوجها وأولادها طارق ومحمد وشيماء، فاستقر بها الحال في مدينة ٦ أكتوبر.

ومن هناك بدأت حكايتها ،،

تروي لي أم طارق قصتها، فتقول إنه بعدما وصلت إلى مصر بفترة وجيزة نفذت النقود التى جاءت بها،  ولم يكن لهم مسكن خاص بل تقاسموا كالعديد من اللاجئيين - هنا - المكان والسكن مع أسر أخرى .

راحت تفكر تلك المرأة البسيطة كيف لها أن تساعد أبناءها في الوصول إلى بر الأمان بعدما رمت بهم أمواج الغربة إلى المجهول وكيف تساعدهم في تحقيق أحلامهم التى ظنوا أنها دفنت تحت ركام بيتهم في سوريا .

فهي بدورها، كربة منزل، تجيد تحضير الطعام فقررت بأن تحضر أنواعاً من الوجبات السورية الشهيرة وتبيعها، أملا فى أن يعود عليها هذا العمل بدخل طيب يفتح المجال لأولادها بالمضي مرة أخرى في طريق التعليم ومتابعة دراستهم .

تقول أم طارق إنها لم تكن تملك حتى المال البسيط لشراء الحاجات المطلوبة كاللحمة والخضار وغيرها لتحضر هذه الوجبات، فاستعانت في البداية بسيدة مقيمة هنا منذ زمن طويل .

وبدأت عملها وقالت: "كنت أسعى دائما لأجعل ما أقدمه من أطباق ووجبات على مستوى من التقنية والنظافة حتى يكون الإقبال على الشراء من الجميع."

وتضيف أم طارق أن قصة كفاحها هذه هي نجاح أبنائها وتحقيق حلمهم في الالتحاق بكلية الطب وطب الأسنان .

وتستمر بقولها لن تقف الحرب عائقاً عما تصبوا إليه أحلامهم البسيطة.

وهي ترى من عملها هذا درس لابنتها تؤكد فيه واجب المرأة في هذه الحياة وأنها لا بد  أن تصنع فرقاً أينما حلت وأينما توجهت .

ولم تكتفِ أم طارق بتأمين حاجات أبنائها بل كانت تتقاسم كل أجر تحصل عليه مع أهلها الذين غادرتهم مكرهة، وتركت معهم الانتماء وقيمة الوطن، فمن المستحيل اقتلاع شجرة أصيلة من جذورها كما هذه السيدة التى أبت أن تشبع وتكتفي بزادها وحدها بل أرادت أن تشارك أهلها في وطنها قيمته وليصبح ما تقدمه من "طعام للبيع " يستحق كلمة ( زادٍ ) ، بكل ما في الكلمة من معنى .

ويتكرر هذا الوصف وهذا الحديث في الكثير من البيوت المستورة الحال والتى ضمت أمثال أم طارق

وكل أمانيهم لقمة عيش وحياة كريمة في بلدهم الثاني مصر التى استقبلتهم كعادتها أمًّا لكل الشعوب .

    أضف تعليق

    المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2